كلكم على رأسي!
في لقاء للشاعر الجميل سعد الحريص- و أتمنى عندما أقول شاعر ألا يشطح الخيال إلى أي من الكائنات التي تظهر وتتوالد وتتناسخ في القنوات الفضائية تحت المسمّى ذاته- يقول: ( أحياناً ينجح الشاعر لأنه أهبل)، والحقيقة إن النجاح والنجومية والإبداع بمقياس هذه الأيام تستلزم أن نصحح الجملة ونحذف كلمة "أحيانا"، وتضيف بعد كلمة"أهبل" ما شئت من أوصاف غير مستساغة وتجمع كل المفردات التي تنطوي تحت مسمّى"قلة أدب"، ولعل الجميع كيف شاهد الشعراء- لنسميه ذلك جدلاً!- وهم يصعّرون خدودهم، بل كل شيء، بكلمات ساذجة تمزج التوسل بالتسوّل، بل إن لجنة "التحكيم" –وأتمنى أيضا ألا يشطح خيالكم لقبّة النابغة بسوق عكاظ - هولاء المحكمون يستغلون سلطتهم ويتجاوزون النص لشخص الناص، ويمارسون تهكما علنيا بغيضا, فيما يبقى الشاعر كاتماً غيظه مطلقاً العنان لما تبقى من الدم يلوّن وجهه بصرخةٍ مكبوتة, ولا أعرف سر تقبّل الشاعر للشتيمة بكل هذه الروح"الشاعرية!" , وقد حاولت جاهداً أن أُجد عذراً لهذه الفئة وفشلت, فلا أعتقد أن "المادة" هي المحرّض, ولا سيّما أن أغلبهم يؤمن بأن "المبلغ" مرصود سلفاً لغيره, ربما "الشهرة", وألف (ر بما) تفشل أن تلتقط حرفاً يستنطق قناعة, فهؤلاء"المخلوقات" لا يدعون لك فرصة لأن تجد لهم عذراً بعد أن يأتوا بقصائد يصفون فيها ذواتهم بالأنفة والرجولة وعزّة النفس, فترديد جملة أو اللزمة التي يبدو أنها جزء من سياسة البرنامج (كلكم ..لجنة وجمهور وشيوخ على رأسي) أصبح المتلقي يرتاب منها ومن ترديدها بشكل كوميدي مفتعل, فحتى وأحد المحكمين يلغي شاعرية إنسان يكون الرد قريبا من المقولة أو "الشِعار" !
ومن المضحك أن يردد الشعراء أنهم مؤمنون "بشرعية" اللجنة التي تقيّم نصوصهم, رغم أن الجميع يعلم أن اللجنه مفروضة على كل المشتركين, ولا سيما أن أعضاء اللجنة كثيراً ما رددوا بيتا لأحد الشعراء ونطقوه بشكل مكسور, رغم أنه موزون, ولكن الشاعر لا يتجرأ , ويؤثر فيه نطق العضو, فينكسر هو!
الغريب أن كثيرا من القنوات الإعلامية المهتمة بالشعر تبنت ظاهرة "الشاعر الأهبل" فظهرت فنون الإلقاء الغريبة والقريبة من رقصات الشعوب البعيدة, فيظهر شاعر يُلقي قصيدة عاطفية غارقة في الشجن ومع ذلك يطلق يديه بعيداً عن جسده..حتى تشفق عليه وتتوقع أن يده لن تعود له من فرط انفعاله اللامبرر!
وكل عام "والشاعر الأهبل" بـ"شلّة"!