الاقتصاد العالمي في أزمة.. ما الحل؟

الاقتصاد العالمي في أزمة.. ما الحل؟

الاقتصاد العالمي في أزمة.. ما الحل؟

يبدو أن هدوءا هشا يسود الأسواق المالية العالمية بعد العديد من موجات الاضطراب التي حركتها المخاوف من أن المشكلات التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي، نتيجة أزمة قطاع الرهن العقاري في البلاد، قد تمتد آثارها إلى الاقتصاد العالمي.
ولكن مخاطر حدوث المزيد من الاضطرابات في الأسواق لا تزال كبيرة. ولا تزال عملية إعداد تقارير أداء الشركات خلال الربع الأول من العام جارية، وحذر خبراء الاقتصاد من أن توابع أول أزمة مالية كبرى في القرن الحادي والعشرين ستستغرق بعض الوقت لتحدث تأثيرا في الاقتصاد العالمي.
وقال كينيث واتريت الخبير الاقتصادي لشؤون منطقة اليورو فى بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي، "أسوأ الأخبار ربما لن ترد قبل عام 2009". وتثير أسعار النفط المرتفعة القلق من تجدد الضغوط التضخمية في وقت ينخفض فيه النمو الاقتصادي.
وفي الحقيقة، فإن الاقتصاد العالمي دخل فترة من الغموض نظرا لأن أزمة الائتمان وأزمة سوق الرهن العقاري الأمريكي تقللان التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادي العالمي خلال الاثنى عشر شهرا المقبلة.
ولم تؤد الاضطرابات في سوق الرهن العقاري الأمريكي وانخفاض أسعار العقارات إلى هز الثقة بشدة بالاقتصاد الأمريكي وإثارة قلق المستهلكين في أكبر اقتصاد عالمي فحسب.
بل إن هذه الهزات كانت أيضا بمثابة نبأ سيئ غير متوقع لقطاع العقارات في بعض مناطق أوروبا فيما رفعت في الوقت ذاته التوقعات بحدوث هزة كبيرة في أسواق التصدير الرئيسية في آسيا.
وقال جيمس ماكورماك المدير الإداري لوكالة "فيتش ريتنج" للتصنيف الائتماني للشركات والدول في منطقة آسيا والمحيط الهادي: "أعتقد أن أحد الدروس التي استوعبها صناع السياسة من الأزمة التي حدثت في عام 1997 يتمثل في أن هناك حاجة لحماية اقتصاداتهم من الصدمات الخارجية".
وأضاف: "ولكن الاقتصادات في المنطقة (الآسيوية) تعتمد بالفعل الآن بقدر أكبر على الطلب الخارجي عما كانت عليه قبل أزمة عام 1997، ولذا فإنه إذا كان ذلك أحد الدروس، فإنه لم يتم استيعابه".
ولكن بالنظر إلى الاقتصاد الأمريكي المضطرب على خلفية حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن أزمة الاقتصاد ربما تكون قد ساعدت أيضا على إثارة نقاش حول الخلل الذي أصاب النظام المالي العالمي، وما الذي يجب عمله لإصلاح هذا الخلل.
والأمر الأكثر أهمية، هو أن هذا الأمر أطلق حملة لوضع قواعد تنظيمية أكثر صرامة للسوق في تحول كبير في السياسة الاقتصادية بعيدا عن نهج ترك العنان لقوى السوق لتصلح أي خلل بنفسها صوب تعزيز الإجراءات الإشرافية
التي يمكن أن تؤدى إلى مراقبة أكثر صرامة للقطاع المالي العالمي.
وقال لارس راسموسين الاقتصادي في مصرف دانسكي إن "الناس نسوا التفكير في المخاطر .. كدس الناس الأموال بسهولة خلال الأعوام الأربعة أو الخمسة الماضية. المستثمرون تجاهلوا المخاطر أو لم يدركوا حجم المخاطر الكبيرة المترتبة على قراراتهم الاستثمارية".
في الوقت ذاته، تحركت المصارف المركزية الرئيسية في العالمية لتعزيز الأسواق الائتمانية التي اهتزت من خلال ضخ سيولة نقدية بالمليارات في محاولة للتخفيف من أزمة الائتمان وخفض أسعار الفائدة. وتبنى هذه الاستراتيجية مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي فيما قرر البنك المركزي الأوروبي أن يبقى متشددا بشان السياسة النقدية.
وقال المدير السابق للبنك المركزى البرازيلى الكيمار مورا إن "خفض أسعار الفائدة يمكن أن يوفر السيولة النقدية"، مضيفا أن "الأزمة تتعلق بمشكلات السيولة في المصارف".
وأضاف مورا: "لكن ذلك لا يعالج المشكلة الرئيسة المتمثلة في حل هذه المشكلات: الأشخاص العاجزون عن سداد قروضهم. هذه هي المشكلة. خفض أسعار الفائدة ربما لا يحل هذه الأنواع من المشكلات".
ولا يزال من غير الواضح أيضا ما إذا كانت الخطوات التي تم اتخاذها أو المقترحة ستكون كافية لتجاوز القلق إزاء آفاق نمو الاقتصاد العالمي. وقال مورا: "يتعين على الناس أن يفترضوا حدوث خسائر .. عندما أقول الناس، فإنني أقصد الجميع: المقترض والمقرض وشركات البناء".
وتعني سنوات من النمو الاقتصادي القوى في الاقتصادات الصاعدة في آسيا والشرق الأوسط وشرق أوروبا أن معدلات النمو السريع في دول مثل الصين والهند وروسيا ساعدت على التعويض عن الكساد الحالي في الولايات المتحدة.
وهذه هي الحالة بصفة خاصة في أوروبا التي نجحت، على الأقل ظاهريا، في أن تنجو من العاصفة الحالية بسبب الطلب القوي على الصادرات الأوروبية من الاقتصادات الصاعدة.
وقد يساعد الانخفاض الحاد في قيمة الدولار على خلفية المشكلات الاقتصادية الأمريكية على وضع الأساس لانتعاش قوي بالمثل للاقتصاد الأمريكي في وقت لاحق من العام الحالي لأن الزيادة في الصادرات تساعد على حفز النمو.
ولكن في الوقت نفسه، يدق خبراء الاقتصاد أجراس الإنذار بشأن اقتصادات إسبانيا وبريطانيا وأيرلندا حيث تشهد بسرعة أسواق العقارات التي كانت مزدهرة في السابق اضطرابات.
ويعتقد معظم المحللين أن الأزمة لن تبدأ حدتها تخف فعلا إلا عندما يبدأ الانخفاض المستمر في أسعار العقارات في مناطق مهمة من العالم في التوقف.

الأكثر قراءة