تداعيات "مرض" الاقتصاد الأمريكي تظهر في الصين واليابان
ارتفعت معظم الأسواق العالمية الأسبوع الماضي، إذ أدت أسعار النفط المرتفعة وكذلك تماسك أسعار السلع إلى إعادة بعض الثقة إلى الأسواق وتحريك مستويات الشراء. من ناحية أخرى، تراجعت الأسواق الأمريكية بعد صدور تقارير أظهرت بياناتها بشكل غير متوقع انخفاض طلبات شراء السلع المعمرة الأمريكية خلال شهر شباط (فبراير) علاوة على ارتفاع التوقعات الخاصة بمعدلات البطالة هذا الشهر. وقد انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 1.17 في المائة، تلاه مؤشر إس آند بي 500 الذي انخفض بنسبة 1.07 في المائة، في حين سجل مؤشر ناسداك انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.14 في المائة . وقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 3.6 في المائة . وباستثناء سوق الصين التي انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 5.7 في المائة، فقد ارتفعت معظم الأسهم الآسيوية، وسجلت أسواق هونج كونج أعلى ارتفاع بين جميع الأسهم الآسيوية بنسبة بلغت 10.32 في المائة تلتها السوق الهندية بارتفاع بنسبة 9.18 في المائة، أما مؤشر نيكاي 225 فقد سجل ارتفاعاً جيداً بنسبة بلغت 2.71 في المائة للأسبوع الماضي.
الولايات المتحدة
هبطت الأسهم الأمريكية في الأسبوع الماضي في امتداد لأسوأ انخفاض ربعي لها منذ عام 2002 وذلك على خلفية عدة عوامل منها توقعات شركة جي سي بني لتحقيق مبيعات ضعيفة والمخاوف من أن الاستمرار في شطب الديون ربما يؤدي إلى عرقلة حصول البنوك على رؤوس الأموال. لقد انخفضت أسهم جي سي بني، التي تعتبر ثالث أكبر شركة في أمريكا تمتلك سلسلة ضخمة من الأسواق التجارية، إلى أدنى مستوى لها منذ شهرين بعد أن أعلنت أن تدني مستويات إنفاق المستهلكين سيؤثر سلباًَ في أرباحها للربع الأول. كذلك هبطت أسهم "سيتي جروب" بعد أن أعلنت شركة أوبن هايمر وشركاه للخدمات المالية أن هذا البنك الذي يعد الأكبر على نطاق الولايات المتحدة الأمريكية يفتقر إلى السيولة النقدية الكافية للمحافظة على مستوى أرباح الأسهم السنوية التي يقوم بتوزيعها بواقع 1.28 دولار للسهم. وتغيرت توقعات السوق فيما يتعلق بأرباح شركة أبل التي كان يتوقع لها الارتفاع نتيجة لمنتجات الشركة من الهواتف الجديدة. وتتلخص العوامل التي أدت إلى انخفاض إنفاق المستهلكين، الذي يمثل أكثر من ثلثي الاقتصاد، في هبوط أسعار المساكن وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسعار البنزين.
لقد سجل معدل إنفاق المستهلكين الأمريكيين الذين دعموا الاقتصاد أثناء الفترة التي شهدت أسوأ هبوط خيم على قطاع المساكن خلال فترة طويلة، ارتفاعاً خلال شهر شباط (فبراير) بأدنى معدل له منذ أكثر من عام.
آسيا
أكملت الأسهم الآسيوية أكبر ارتفاع أسبوعي لها منذ شهر تشرين الثاني (نوفمبر) بعد أن أدت مستويات الأرباح القوية للشركات وأسعار السلع الجيدة إلى إعادة بعض الثقة في الأسواق وأنعشت طلبات الشراء.
سجلت الأسهم اليابانية ومؤشر نيكاي 225 ارتفاعاً بنسبة 2.71 في المائة أو بمقدار 337 نقطة وأغلق الأسبوع عند مستوى 12.820.47 نقطة رغماً عن أن الاقتصاد الياباني يعاني مخاطر انخفاض قوية حيث أدت الخسائر الناجمة عن قروض الرهن العقاري في أمريكا التي أثرت في جميع البنوك العالمية وشركات الأوراق المالية، إلى عرقلة النمو في الاقتصاد العالمي. إضافة إلى ذلك، فقد صرح رئيس الوزراء الياباني، ياسو فوكودا، للمراسلين الصحافيين، بأن " الاقتصاد الياباني يشهد تراجعاً نتيجة لمجموعة عوامل تشمل أزمة قروض الرهن العقاري الأمريكية وعدم استقرار أسواق الأسهم وارتفاع أسعار الطاقة".
وعلى نقيض معظم الأسهم الآسيوية، سجلت الأسهم الصينية المدرجة في مؤشر شنغهاي المركب انخفاضاً بمقدار 216 نقطة أو بنسبة 5.70 في المائة وأغلق المؤشر عند مستوى 3,580.15 نقطة ضارباً بعرض الحائط الأرباح القوية التي حققتها الشركات وارتفاع أسعار السلع التي أعادت بعض الثقة إلى الأسواق وزادت من مستويات الشراء.
أوروبا
هبطت الأسهم الأوروبية الأسبوع الماضي بقيادة أسهم شركات الإنشاءات وشركات قطاع التجزئة بسبب المخاوف من أن التباطؤ الاقتصادي سيؤدي إلى القضاء على أرباح الشركات. وفي هذا الصدد، فقد انخفضت أسهم شركة بيرسيمون، أكبر شركات بناء المساكن في بريطانيا، وأسهم شركة إتش بي أو إس، أكبر شركات الإقراض في مجال الرهن العقاري، بعد أن سجلت أسعار المساكن في بريطانيا في آذار (مارس) أدنى ارتفاع لها خلال أكثر من عقد من الزمان. وقادت شركة ماركس آند سبنسر وشركة هنينز آند موريتز الانخفاض في أسهم شركات التجزئة. وفي ألمانيا، شهدت أسهم شركة آي أون أيه جي، أكبر شركات المرافق في ألمانيا، انخفاضاً بعد أن أعلنت أن أرباحها ربما تصل إلى أدنى حد من النطاق المستهدف. بيد أنه، وحتى بعد حدوث انخفاض كبير في اليوم الأخير من التداول على إثر ارتفاع أسعار المساكن في بريطانيا خلال آذار (مارس) بأدنى معدل لها طوال أكثر من عقد كامل من الزمان نتيجة لارتفاع معدلات الرهن العقاري وانخفاض مؤشر الثقة في قطاع العقارات، فقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 3.60 في المائة أو 197 نقطة ليصل إلى 5692.90 نقطة.
أسعار العملات
باستثناء دولار هونج كونج، فقد هبط الدولار الأمريكي أمام جميع العملات الرئيسية وسجل أكبر تراجع أسبوعي له مقابل اليورو خلال أكثر من سنتين بنسبة بلغت 2.3 في المائة ليصل إلى 1.5796 دولار لليورو، إذ ازدادت توقعات المتعاملين بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بخفض تكاليف الاقتراض لتجنب حدوث ركود بينما أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة بدون تغيير. وقد انخفضت العملة خلال هذا الأسبوع في حدود سنت واحد قبل أن يصدر تقرير من وزارة العمل في الرابع من نيسان (أبريل) حول توقعاتها يوضح أن هناك خفضاً في الوظائف الأمريكية للشهر الثالث على التوالي. من جانب آخر، ارتفع اليورو مقابل جميع العملات الرئيسية حيث كانت الأرقام الخاصة بمنطقة اليورو أفضل مما كان متوقعاً. وسجل الجنية الإسترليني انخفاضاً إلى مستوى قياسي بلغ 79.21 بنس لليورو على إثر الانخفاض في مستوى ثقة المستهلكين ونظراً لصدور تقرير منفصل يوضح أن ارتفاع أسعار المساكن البريطانية في آذار (مارس) كان في أدنى معدلاته لأكثر من عشر سنوات.