أسواق النفط في هذا الأسبوع .. الغموض سيد الموقف
السؤال والتحدي الذي سيفرض نفسه على السوق بصورة واضحة ما إذا كان في الإمكان التركيز على أساسيات الصناعة النفطية من عرض وطلب وبناء للمخزون وإلى أي فترة من الزمن ودور التسعير في هذا، أم أن العوامل الجيوسياسية وتلك المتعلقة بالمضاربة ستكون لها اليد العليا في تحديد مسار سعر البرميل؟
ففي نهاية الأسبوع الماضي سجل سعر البرميل قفزة إلى 103.76 دولار ملامسا بذلك القمة التي بلغها في ربيع 1980 إبان أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران، وتعد أعلى سعر في تاريخ صناعة النفط. كما يلاحظ الاتجاه إلى القفزات المتتالية فقد سجل سعر البرميل زيادة بلغت 19 في المائة الشهر الماضي وحده، بل إنه ومنذ منتصف ذلك الشهر أضاف خمسة دولارات أخرى إلى السعر، وذلك ما يشير إلى تعدد العوامل التي تؤدي إلى تحريك السوق رفعا أو انخفاضا.
لكن يظل الغموض والاضطراب سيد الموقف، وليس أدل على ذلك من أن الخيارات المتاحة أمام الوزراء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" تبدو متضاربة ولا تحكمها قاعدة علمية يمكن البناء عليها, فالمعدل السعري العالي الحالي يفرض من جهة ضخ المزيد من الإمدادات لتخفيض السعر الذي يهدد بتبعات تضخمية، بينما مختلف القراءات تشير إلى تراجع في الطلب، الأمر الذي يضع "أوبك" بين نارين: صعوبة خفض الطلب مع هذه الأسعار العالية وفي الوقت نفسه صعوبة ضخ إمدادات إضافية مع احتمال تراجع الطلب, خاصة والربع الثاني على الأبواب.
وضع العملة الأمريكية والتطورات الجيوسياسية تظل العوامل الأساسية في تحريك سعر البرميل. ومع أن هذا المعدل السعري المرتفع سيفرض على "أوبك" قيدا سياسيا يحد من حركتها تجاه القيام بخفض إضافي استباقا لما يمكن أن تنتهي إليه السوق، إلا إن استمرار عنصر المضاربات التي يعتقد أنها مسؤولة عن ثلث السعر السائد لبرميل النفط يمكن أن يدفع بالسعر إلى أعلى, خاصة مع زيادة التوتر في منطقة الشرق مع تحريك واشنطون بعض سفنها الحربية واستمرار الاضطرابات النيجيرية. وهذه المضاربات تفتح الباب أمام تساؤل آخر إذا كانت ستدفع بسعر البرميل إلى قرابة 120 دولارا أم تهبط به إلى 75 دولارا مثلا فيما إذا اقتنعت السوق بأنها يمكن أن تتعايش مع هذا الوضع ومن ثم ينفتح المجال أمام التعاطي مع السوق وفق أساسياتها المعروفة.
فأساسيات السوق لا تبرر الارتفاع الحالي, خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المخزونات التي تتميز أن تحركاتها جاءت بخلاف توقعات المحللين في "وول ستريت". فالمخزون من النفط الخام حقق زيادة وللأسبوع السابع على التوالي، وجاءت الزيادة في حدود 3.2 مليون برميل ليصل حجم المخزون إلى 308.5 مليونا، علما أن التوقعات كانت تضع الزيادة المنتظرة بنحو 2.4 مليون. المخزون من البنزين سجل ارتفاعا كذلك بنحو 2.3 مليون ليصل إلى أعلى معدل في فترة 14 عاما وهو 232.6 مليون برميل، علما أن السوق كانت تتوقع زيادة في حدود 400 ألف فقط. المقطرات من جانبها سجلت تراجعا بنحو 2.5 مليون برميل إلى 120 مليونا خلال الفترة نفسها ومتجاوزة التوقعات التي كانت ترى ألا تتجاوز مليوني برميل.
على أن الخط الأساسي يتمحور حول القلق من وضع المخزون. وفي الوقت الذي تحقق فيه مخزونات بعض المنتجات مثل البنزين معدلات قياسية، فإن المخزون من النفط يبدو مقلقا للمستهلكين وعلى رأسهم الوكالة الدولية للطاقة، التي ترى أن الغطاء الاستهلاكي من المخزون يصل إلى 51 يوما فقط، وهو ما يقل عن متوسط خمس سنوات وهو الأقل منذ عام 2004.