توظيف البيتكوين والكتل المتسلسلة لمحاربة الفقر
مرت الآن أربعة عقود منذ أن بدأت سينديرو لومينوزو "المسار الساطع"، حركة التمرد الشيوعية الوحشية، حملتها من التفجيرات والاغتيالات والهجمات الإرهابية الأخرى في بيرو، التي استمرت حتى التسعينيات.
سمعت لأول مرة عن ذلك من صديق مقرب كان يعمل على مشروع التنمية الزراعية في جبال الأنديز، عندما اجتاح مقاتلون من المسار الساطع واديه البعيد، حيث أعدموا عمال الإغاثة والمسؤولين الحكوميين.
هرب صديقي - ونَجَا. والبعض الآخر لم يتمكن من النجاة. في السنوات اللاحقة، كانت هناك معارك دموية لا نهاية لها بين حكومة بيرو والمسار الساطع، حيث كان الصراع يتغذى على شعور عميق من عدم المساواة الاقتصادية والظلم من جانب المتمردين.
هذا قد يبدو كأنه قطعة من التاريخ القديم. بحلول أواخر التسعينيات، كانت الجماعة الإرهابية قد سُحقت إلى حد كبير. الآن هناك خطرَ الصراع على بالي مرة أخرى، بسبب تطور غير متوقع في الفضاء السيبراني.
في هذا الشهر، هيرناندو دي سوتو، وهو خبير اقتصادي في التنمية من بيرو، ضم صفوفه إلى باتريك بيرن، وهو نجم أمريكي مثير للجدل في نظام البيتكوين والبلوك تشين (دفتر الأستاذ الإلكتروني)، لإطلاق مشروع غير عادي لمكافحة الفقر. ما يرجو الاثنان القيام به هو استخدام الدفاتر الرقمية اللامركزية – شبيهة بالدفاتر المستخدمة في البيتكوين - لتسجيل حيازات الملكية الرسمية وغير الرسمية للمجتمعات المحرومة، بهدف منحهم المزيد من الأمن.
قد يبدو هذا الابتكار على بعد مليون ميل من ملحمة المسار الساطع، ومن مفهومنا العادي للأعمال الخيرية. لاحظ أننا في هذا الوقت من السنة، يغلب علينا أن نفترض أن المساعدة تتمثل في التبرع بالمال، ورعاية المدارس وغيرها من الأمور.
دي سوتو مقتنع بأن مفتاح معالجة الفقر المدقع - والعنف المستميت الذي يمكن أن يصحبه - هو التركيز على حقوق الملكية.
في نهاية المطاف، يقول إنه عندما ينفجر الصراع في المجتمعات الفقيرة، يكون ذلك عادة لأن الناس يشعرون بعدم الأمان والحرمان.
وحتى لو كان للفقراء ممتلكات، فإن ملكيتهم غالبا ما تستند إلى حقوق غير رسمية بدلا من أي دفتر رسمي حكومي - ويمكن أن تستولي الشركات الكبرى أو المسؤولون الحكوميون على منازلهم وأراضيهم.
من رأي دي سوتو أن منح حقوق ملكية أفضل للفقراء سيعني المزيد من الازدهار والأمن للجميع. ويجادل بأن أحد الأسباب الحاسمة وراء هزيمة المسار الساطع هو أن حكومة بيرو قامت في نهاية المطاف بمنح الفلاحين حقوق الأرض (إلى حد ما استنادا إلى نصيحته).
لذلك فهو يريد تكرار هذه الفكرة حول العالم، باستخدام الدفاتر الرقمية اللامركزية التي من شأنها أن تسمح للمجتمعات الفقيرة بتسجيل حقوق الملكية الرسمية وغير الرسمية بطريقة دائمة - من دون تدخل الحكومة.
ويقول دي سوتو: "عندما تكون لديك حقوق الملكية، يمكنك الحصول على الائتمان، ويمكنك التقدم. إنها مفتاح النمو الاقتصادي - أفضل بكثير من المساعدات".
ومن رأيه أن تكنولوجيا البلوك تشين، التي أنشئت كمنصة للعملات الرقمية مثل البيتكوين، ستسمح للفقراء بمساعدة أنفسهم، كما أنه يعتبر حقوق الإنترنت أكثر أهمية من الصدقة.
في البداية، بدا لي هذا مجرد حلم جنوني في عيد الميلاد. تكنولوجيا البلوك تشين مثيرة للجدل بشكل واضح في هذه الأيام، كما قال بيرن.
على الرغم من أنه أصبح غنيا بشكل مذهل في السنوات الأخيرة، بسبب كونه واحدا من أوائل أصحاب المشاريع الذين اغتنموا فرصة البيتكوين وتكنولوجيا البلوك تشين، إلا أنه إنسان منشق وتحرري. أيضا، التحديات اللوجستية التي يمكن أن تدعو الحاجة إليها في استخدام تكنولوجيا الإنترنت، لتسجيل حقوق الأراضي تبدو هائلة بالنسبة لي (باعتباري لست خبيرة في التكنولوجيا). وعلى أية حال، ليس من الواضح نهائيا لماذا ينبغي أن تعترف الحكومات (أو أي شخص آخر) بالحقوق الرقمية؛ ومن غير الواضح أيضا كيف سيتم حل النزاعات في المستقبل.
دي سوتو يقوم منذ الآن ببعض المشاريع الرائدة، في حين يقوم بيرن بجمع الأموال من أجل ضمان المشروع عن طريق بيع جزء من حصته في إحدى شركاته الرقمية، "أوفرستوك" تبلغ قيمتها مليارا دولار على ما يقال. في الواقع، لقد جمع منذ الآن مجموعة من الشباب ذوي المهارات الفائقة في ولاية يوتاه لبدء عملية إنشاء شكل خاص من البلوك تشين.
وقال في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" أخيراً: "أشعر بالتزام أخلاقي كبير لأن أعيد تركيز حياتي حول هذا الموضوع". وعلاوة على ذلك، دي سوتو وبيرن يصران على أنه يمكن استخدام أدوات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل فيسبوك للوصول إلى الفقراء وإقناعهم بتسجيل حقوق ملكياتهم، بأنفسهم.
لذلك، وانطلاقا من روح عيد الميلاد لتبني الأفكار العجيبة للغاية، أريد أن أحيي سوتو وبيرن.
صحيح أن فكرة الدفتر الرقمي تصيبني بالدوران، وصحيح أن المؤرخين في المستقبل ربما يرون ذلك على أنه دليل على الكيفية التي أصبحت فيها فقاعة التكنولوجيا السيبرانية مندفعة بشكل جنوني لدينا.
ولربما لا. فيما يخص إحدى أفكارهما، دي سوتو وبيرن على حق تماما: إذا أردنا مكافحة الفقر، يجب أن نفكر على نحو أكبر كثيرا من قبل في التوزيع العالمي لحقوق الملكية في العالم الحقيقي.
بالتالي، إذا ساعد هذا المشروع على وضع هذا الأمر على الأجندة، فإن من شأن هذا أن يكون أمرا جيدا تماما. مرحبا بكم إلى عالم من الإحسان القائم على تكنولوجيا البلوك تشين.