فارس الشعر.. أغان أم قصائد؟
ليلة البارحة كانت الحلقة الأخيرة من برنامج "فارس الشعر" والذي يبث عبر إذاعة إم بي سي إف إم، لا أعلم حتى هذا الوقت إن كان التوقف نهائيا، أم هو توقف لفترة بسيطة لإعادة ترتيب البرنامج من جديد وإعادة بثه، الواضح أن البرنامج لم يأخذ وقته الطبيعي، والواضح أيضا أن الرنامج لم يكن بحاجة ــ أصلاً ــ إلى أخذ وقت أطول مما أخذ لنحكم عليه، وللأمانة فالكل كان ينتظر دخول مجموعة الأم بي سي الإعلامية إلى ميدان السباق على "ريادة الشعر الشعبي" هذا النوع الأدبي الذي بات شغلاً شاغلاً للقنوات والإذاعات في الخليج العربي هذه الأيام، أقول الكل كان ينتظر دخول هذه المجموعة التي قدمت على مرّ الوقت أجمل "البرامج الأدبية" على جميع محطاتها الفضائية والإذاعية، وعلى سبيل المثال كان برنامج (عذب القوافي) الذي أعده وقدمه الشاعر والإعلامي "جابر الجعدبي" من أوائل البرامج الشعبية على الفضائيات العربية ومن أجملها وأكثرها رزانة حيث كانوا ضيوفه في أغلبهم هم صفوة الشعراء الشعبيين على مدى الثلاثين عاما الأخيرة، كذلك لا يمكن لنا نسيان البرنامج الرائع "ألحان القلوب" الذي كان يقدمه الرائع "داوود الزبيدي" على إذاعة إم بي سي إف إم في بدايات بث الإذاعة في منطقة الخليج هذا البرنامج الذي كان يستفتحه الزبيدي بالبيتين الرائعين:
تعانقنا لتوديعٍ عشاءٌ
وقد شرقت بمدمعها الحداقُ
فضيّقنا العناقَ لفرطِ شوقٍ
فما ندري عناقٌ.. أم خناقُ؟!
مروراً باستضافات البرنامج الإذاعي "ليلة خميس" للشعراء الكبار في المنطقة، تلك اللقاءات التي تعدّ مرجعاً مهماً لآراء ورؤى هؤلاء الشعراء، وليس انتهاء ببرنامج الرائع "أحمد علي الزين" على قناة العربية "روافد" والذي يعتبر أكثر البرامج ولوجاً في الفكر والثقافة العربية، كل هذا التاريخ وهذه الإمكانيات الإعلامية والمادية والبشرية جعلتني أنتظر بشوق دخول المجموعة في هذا السباق المحموم لأنها الأقدر على ريادته والأكثر أمانة عليه على مدى التاريخ الفضائي، لكنني فوجئت كما أظن أنه فوجئ غيري ببرنامج "فارس الشعر" بشعاره "فارس الشعر حاميه إذا بغاه يلبيه"!، هذا الشعار الذي استوقفني في الكثير من الصحف المحلية، قرأته كثيراً ولم أستوعب الجملة!، أشعر أن هذه الجملة كتبها شخص بعيد جداً عن الشعر بل وبعيد جداً عن الموروث الشعبي، لا أعلم ما معنى هذا الشعار ومن هو المخاطب فيه، والأهم من كل هذا أن البرنامج أعتمد على الأغنية لترويج القصيدة!، كل القصائد المختارة لكبار الشعراء ليست أجمل قصائدهم سواء الوطنية منها أو الوجدانية أو حتى الغزلية، لكنها الأغنية التي ترتبط بها الإذاعة ارتباطا وثيقاً، وربما السن المستهدف بالبرنامج، لا أعلم، لكنني أتمنى من القائمين على البرنامج أن يعيدوا حساباتهم في مثل هذه العودة المتأخرة للشعر المحكي كمادة إعلامية مهمة لدى المشاهد الخليجي، هذه العودة التي جاءت أقل مما كنّا نأمل ونتوقع، فقصيدة "يا نار شبي" إن نحن أردنا أن نتحدث عن شاعرية خلف بن هذال مثلاً قد ننهي الحديث عنه دون أن نمر بالحديث على هذه القصيدة إطلاقاً.