"دغدغة الأحلام".. تبدأ بالفراغ وتنتهي بالضحكات!

"دغدغة الأحلام".. تبدأ بالفراغ وتنتهي بالضحكات!

استطاع الواقع الحالي لشعوب العالم أجمع أن يخلق أجواءً مغايرة للسائد ومناسبة لمختلف الفئات، من خلال إيجاد نوافذ جديدة تطل على أحلام كثيرة، لم تستطع ظروف الحياة الطبيعية أن تمهد الطريق إليها، وذلك بوسائل متعددة أبرزها برامج مسابقات الهواة التي تفشَّت عبر الفضائيات العربية، وانقسمت حولها الآراء بين رافضٍ ومؤيد؛ بسبب أهدافها الربحية التي لجأت إلى طرق طرح لا يقبلها المجتمع العربي؛ نظراً للتمسك بعادات وتقاليد محافظة، وأحياناً يرفضها المجتمع الإسلامي أيضاً لتجاوزات دينية وأخلاقية، ولكنها رغم هذا لاقت رواجاً قائماً على سياسة "دغدغة الأحلام"، دعمته حالات إحباط كثيرة لبعض الموهوبين الذين يرقبون الأضواء من بعيد، إضافة إلى متابعة شديدة من جمهور يشكو من فراغٍ لا يعرف كيف يملؤه وأين؟.
ربما كان برنامج "ستار أكاديمي" هو صاحب الحضور الأقوى في حال ضربنا مثالاً حياً ببرامج مسابقات الهواة، وإن كان قد سبقه حضوراً برنامج "سوبر ستار" وكلاهما يختصان بالفن والغناء خاصة، حيث جذبت الفضائية اللبنانية LBC أعين المشاهدين عندما سلطت الضوء على مجموعة من الشباب والفتيات الذين يحلمون بالأضواء والشهرة في عالم الغناء بأسرع وقت، بنقل حياتهم خلال أربعة أشهر يقضونها في مقر واحد عبر كاميرات ترصد تحركاتهم على مدار الـ 24 ساعة، مرتكزة على أحلام هؤلاء المتسابقين بالحصول على المركز الأول والنجاح الجماهيري المبني على التصويت بآلاف رسائل الـsms، لينتهي الوهج غالباً بانتهاء البرنامج أو بعده بأشهر قليلة، ويأتي الدور على غيرهم.
بعد ذلك انتقل السباق إلى مضمار آخر تشارك فيه القنوات، ساعية إلى كسب هذا الجمهور "الفاضي" بأشخاص يمتلكون الموهبة –بتفاوت نسبها- إضافة إلى "قلة الحيلة"، وتقديم ما يغري من الأضواء والأموال، حيث انتقلت الحمى إلى ساحة الشعر، فظهر برنامج "شاعر المليون" على قناة أبو ظبي الفضائية، ليثير ضجة على المستوى الخليجي بحكم حضور الشعر القوي في المنطقة وكثرة الشعراء والمتابعين، فتكاثرت برامج مسابقات الشعر ليحضر "أمير الشعراء" على ذات القناة، "نجوم القصيد" على قناة نجوم، "شاعر الشعراء" على قناة الجديد و"قصيدة التحدي" على قناة فواصل، فلم نجد كثافة في تقديم شعراء مميزين يوازي الهالة الإعلامية لهذه البرامج، وهذا ينطبق أيضاً على ما حدث في برامج الغناء من ندرة الفنانين المميزين.
المثير في الأمر أن المعادلة انقلبت رأساً على عقب، فبعد أن كانت "دغدغة الأحلام" تستقطب العديد من المحبطين لجني المال الوفير بالتصويت، اتجهت بعض القنوات الفضائية إلى إيجاد "أحلام" أخرى لـ"تدغدغ" من خلالها جيوب المعلنين والجمهور "هو نفسه"، فرأينا برامج لعرض وتصميم الأزياء، تخفيف الوزن، تغيير الشكل، وأخيراً للرقص في "هزي يا نواعم"!، وفي نهاية كل منها صخب إعلامي، غضب اجتماعي، مباركة إعلانية، بداية جديدة، متابعة متجددة، نهاية مثيرة، صخب إعلامي...إلخ، ويتخلل كل ذلك ساعات فراغ كثيرة وضحكات تنوعت بين المرح و"شر البلية".

الأكثر قراءة