تقرير: قرارات مجلس الوزراء ستبقي التضخم هذا العام دون 5 %

تقرير: قرارات مجلس الوزراء ستبقي التضخم هذا العام دون 5 %

أكد تقرير اقتصادي صدر أمس أن القرارات الـ 17 الأخيرة لمجلس الوزراء السعودي والتي تتعلق بالنمو الاقتصادي ومعيشة المواطن ستبقي التضخم في السعودية دون 5 في المائة هذا العام. مرجحا أن ينخفض التضخم في أسعار المواد الغذائية بصورة طفيفة لكنه سيبقى أعلى بكثير من المتوسط العام.
ووصف التقرير القرارات ببرنامج لمكافحة التضخم سيسهم في فك الاختناقات السكنية وسيزكي روح التنافس، لكن التقرير قال إن القرارات لم تعول كثيرا على بند مراقبة الأسعار.
وتوقع تقرير " جدوى للاستثمار" عن ملامح الاقتصاد السعودي في 2008، أن يظل الأداء الاقتصادي قوياً خلال العام، وأن ينتعش الاقتصاد غير النفطي بمعدل يعد الأسرع منذ أوائل الثمانينيات بينما يتواصل جني القطاع الخاص لفوائد الاستثمارات الضخمة وسياسة التحرير الاقتصادي وتطور بيئة التجارة والأعمال.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

توقع تقرير اقتصادي جديد أن يبقى أداء الاقتصاد السعودي قويا خلال العام الجاري وأن ينتعش القطاع غير النفطي بمعدل يعد الأسرع منذ أوائل الثمانينيات بينما يتواصل جني القطاع الخاص فوائد الاستثمارات الضخمة وسياسة التحرير الاقتصادي وتطور بيئة التجارة والأعمال. وقال التقرير الذي أصدرته أمس شركة جدوى للاستثمار إن العمل في تنفيذ المشاريع الضخمة والنقص في الفنيين المهرة سيبقيان سببين رئيسيين في رفع تكلفة الخدمات الأجنبية، كما سيؤدي المزيد من تدفق العاملين الأجانب إلى داخل المملكة إلى زيادة قيمة فاتورة التحويلات الخارجية لأولئك العاملين.

ملامح الاقتصاد السعودي عام 2008

نتوقع أن يظل الأداء الاقتصادي قوياً خلال عام 2008 وأن ينتعش الاقتصاد غير النفطي في هذا العام بمعدل يعد الأسرع منذ أوائل الثمانينيات بينما يتواصل جني القطاع الخاص لفوائد الاستثمارات الضخمة وسياسة التحرير الاقتصادي وتطور بيئة التجارة والأعمال. كذلك ستؤدي الزيادة في إنتاج النفط وارتفاع أسعاره إلى تجاوز فوائض الميزانية والحساب الجاري مستوياتها الاستثنائية المرتفعة سلفاً.
سيأتي التضخم مرتفعاً هذا العام لكن برنامج مكافحة التضخم الذي تم إعلانه في 28 من كانون الثاني (يناير) من شأنه إبقاء التضخم دون مستوى 5 في المائة. ويشتمل البرنامج على حزمة من الإصلاحات من أجل فك الاختناقات السكنية وتزكية روح التنافس وتخفيض الرسوم الإدارية، لكنه لم يعول على مراقبة الأسعار. إضافة إلى ذلك تمت زيادة مرتبات موظفي الدولة ومخصصات الضمان الاجتماعي. أما سياسة ربط الريال بالدولار فستظل قائمة على الرغم من احتمال تزايد الضغوط على الريال. وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن هناك مخاطر جدية من حدوث ركود في الاقتصاد الأمريكي وتباطؤ اقتصادي عالمي على نطاق أوسع.

النمو الاقتصادي

سيظل القطاع غير النفطي يمثل المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في عام 2008 بريادة قطاعات الصناعة والنقل والبناء والتشييد. ونتوقع أن يبلغ معدل نمو القطاع غير النفطي 7.6 في المائة بحيث يأتي كأعلى معدل يحققه منذ أوائل الثمانينيات. ومن شأن لجوء منظمة أوبك لزيادة حصص الإنتاج خلال العام أن يؤدي لارتفاع مساهمة قطاع النفط وهو الأكبر بلا منازع بقدر كبير في ذلك النمو. أما الناتج الإجمالي الفعلي فنتوقع أن يبلغ 5.5 في المائة. وهناك عاملان سيظلان يحولان دون نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع هما النقص في المهارات والتكلفة العالية للمواد الخام.
سيبقى قطاع النقل والاتصالات أكثر القطاعات نمواً عقب نموه بنسبة 10.6 في المائة العام الماضي، ومن المقرر أن تنطلق عمليات شركة زين السعودية المشغل الجديد للهاتف الجوال هذا العام، وبما أن معدل انتشار خدمة الهاتف الجوال في السعودية يقل عن دول الخليج الأخرى فإن الفرصة سانحة لتواصل النمو المرتفع. ومن المقرر أيضا أن تشرع شركات الهاتف الثابت الثلاث الجديدة في العمل خلال النصف الثاني من العام إلا أنها تحتاج إلى عدة سنوات كي تنطلق جميع خدماتها الأمر الذي سيحد من فرص مساهمتها في النمو هذا العام. كما ستؤدي الجهود الضخمة الجارية على قدم وساق لنقل مواد البناء والتشييد إلى مختلف أنحاء المملكة إلى تعزيز قطاع النقل هذا عدا التوسع في خدمات شركات الطيران الخاصة الجديدة واحتمال تسيير الخطوط السعودية خدمات منخفضة التكلفة.
نتوقع أن ينمو قطاع التصنيع بمعدل يقارب 8 في المائة حيث يعزى ذلك في الأساس إلى الزيادة في إنتاج المواد البتروكيماوية حيث سيرتفع حجم الإنتاج في مصنع سيبكيم الذي بدأ عملياته العام الماضي وستبدأ العمليات التجارية في مجمع المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي وشركة شيفرون فيليبس في مدينة الجبيل. ورغم التوسعات الإنتاجية الكبيرة في مصانع الأسمنت المحلية التي ستنطلق خلال عام 2008، إلا أن تأثيرها الفعلي في النمو الاقتصادي سيتضح في عام 2009 ذلك أن معظمها سيدخل مرحلة الإنتاج في الربع الأخير من العام.
كذلك سيظل النمو في قطاع التشييد والبناء قوياً، ويعزى ذلك إلى المشاريع المختلفة في مجالات البنية التحتية والعقارات والعمل في المدن الاقتصادية وحي الملك عبد الله المالي، التي تربو تكاليفها على 300 بليون دولار والتي إما دخلت مرحلة التنفيذ إوما لا تزال قيد التخطيط وهي مشاريع ستعطي دفعة نمو قوية لهذا القطاع. لكن هناك عاملين سيحدان من نمو هذا القطاع هما نقص العمالة الماهرة والتكلفة العالية للمواد الخام.
كذلك نتوقع أن يأتي النمو في قطاع التجزئة قوياً مدعوماً بالتطور المستمر في مجمعات بيع التجزئة والانتعاش المستمر للاقتصاد غير النفطي. ورغم تراجع آثار انهيار سوق الأسهم في عام 2006 على مستويات الإنفاق الاستهلاكي إلا أن تأثير التضخم وارتفاع الإيجارات سيؤديان إلى تآكل مداخيل الأفراد مما يؤدي إلى الحد من نمو قطاع التجزئة (رغم أن تعديل مرتبات موظفي القطاع العام من شأنه العمل على موازنة ذلك ولو جزئياً).
نتوقع أن يتخطى النمو في القطاع المالي مستوى العام الماضي، الذي بلغ 4 في المائة فقط وجاء دون توقعاتنا، حيث إن الخدمات المالية تعد أحد القطاعات التي عانت كثيراً نقص المهارات، الذي تشكل فيما يبدو العامل الرئيس في الحد من النمو. ومما لا شك فيه أن هذا النقص قد أثّر في عمليات العديد من الشركات الاستثمارية الجديدة، التي تسعى جاهدة للانطلاق، كما أعاق عمل شركات التأمين الجديدة. ورغماً عن ذلك، فمن المتوقع أن يتحسن الأداء في كلتا الصناعتين هذا العام، أما النمو في مجال الرهن العقاري الذي طال انتظار إجازة قانونه فسيأتي قوياً حيث تعكف الشركات الممولة للإسكان والبنوك على الارتقاء بمستوى عملياتها. وأخيراً، نتوقع أن تؤدي معدلات الفائدة المنخفضة إلى تعزيز نشاط البنوك رغماً عن القيود التي فرضت أخيراً على إقراض البنوك التجارية.

التضخم

سيظل التضخم مرتفعاً في عام 2008 إذ سيرتفع إلى مستوى 4.7 في المائة مقارنة بمستوى 4.1 في المائة الذي سجله خلال عام 2007. وستظل الإيجارات تشكل المصدر الرئيسي للتضخم لكن أسعار المواد الغذائية المرتفعة ستبقى ذات تأثير كبير. لقد فوجئنا بوتيرة النمو المرتفعة في تضخم الإيجارات حيث ارتفعت مجموعة ترميم المنازل والإيجارات والوقود والماء التي تمثل أحد مكونات مؤشر تكلفة المعيشة من 3.1 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) 2006 إلى 12.5 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) 2007. ولا تزال آليات الطلب التي دعمت هذا الارتفاع قائمة وهي تتمثل في تدفق العاملين الأجانب والهجرة الداخلية من القرى إلى المدن وارتفاع معدل نمو السكان وانخفاض متوسط عدد أفراد الأسرة، فضلاً عن أنه ليست هناك إمدادات جديدة كافية من المنازل قادمة في الطريق لاحتواء هذا النمو على المدى القريب.
من المرجح أن ينخفض التضخم في أسعار المواد الغذائية بصورة طفيفة لكنه سيبقى أعلى بكثير من المتوسط. ومن المعلوم أن ارتفاع أسعار الغذاء مشكلة عالمية نتجت عن تغير في النمط الاستهلاكي في بعض الدول الآسيوية ذات الأعداد الضخمة من السكان، إضافة إلى ارتفاع استخدام المحاصيل في توليد الوقود أكثر من استخدامه في إنتاج الغذاء (تطرقنا لهذه التحولات بصورة تفصيلية في تقريرنا لشهر تشرين الأول (أكتوبر) 2007 تحت عنوان "لماذا ارتفعت أسعار المواد الغذائية في المملكة العربية السعودية". وقد زاد من حدة ارتفاع أسعار المواد الغذائية كذلك رداءة الطقس في بعض مناطق الإنتاج الرئيسية وارتفاع تكاليف النقل، إضافة إلى مجموعة من العوامل المحلية (مثل تقليص الدعم، زيادة تكاليف مدخلات الإنتاج، قلة العمال الزراعيين وبعض الأمراض). ورغم أن أحوال الطقس ستعود غالباً إلى حالتها الطبيعية إلا أنه ليست هناك مؤشرات أخرى توحي بأن معدل تضخم أسعار المواد الغذائية سيتباطأ بدرجة كبيرة خلال عام 2008.
وهناك عدة عوامل أخرى مهمة يجب وضعها في الاعتبار عند تقييم مسيرة التضخم خلال عام 2008 وهي كما يلي:

"تأثيرات الجولة الثانية" نتيجة ارتفاعات الأسعار القائمة حالياً: ونعني بذلك أثر ارتفاع الإيجارات في سلوك تجار التجزئة وهل سيقومون بامتصاص الزيادة في الإيجارات من خلال تقليل هوامش أرباحهم أم أنهم سيحملون تلك الزيادات في الإيجارات للمستهلك عبر زيادة أسعار السلع. ويشير الدرس المستخلص من تجربة الإمارات وقطر حيث بدأت الإيجارات ترتفع فيهما منذ عام 2004 إلى أن تأثيرات الجولة الثانية غالباً ما تؤدي إلى تعزيز وإطالة أمد فترة التضخم الناتج عن الارتفاع في الإيجارات.
سياسات الحكومة: التضخم ظاهرة غير مرغوبة، خاصة عندما تستقطع أسعار المواد الغذائية المرتفعة شريحة كبيرة من أجور السكان ذوي الدخل المحدود. وتجري حالياً مشاورات رسمية عديدة حول الطرق الكفيلة باحتواء التضخم حيث تم خلال الأشهر القليلة الماضية تطبيق سياسات لدعم أسعار الأرز وحليب الأطفال كما تم تجميد أسعار العديد من الأدوية المستوردة ونرجح اتخاذ المزيد من الخطوات الصغيرة المشابهة. وربما يتم الضغط باتجاه ضبط الإيجارات (مثل تلك التي تم تطبيقها في الإمارات وقطر)، لكن تلك السياسة لم تكن فعالة وستؤدي لإعاقة توافر المساكن على المدى الطويل. كذلك من المتوقع النظر في سياسات أوسع وأشمل لضبط الأسعار وقد تلجأ الدولة لتوفير المزيد من الدعم للسلع الأساسية وذلك على الرغم من أن مساوئ هاتين السياستين على المدى البعيد تفوق تأثيرهما الإيجابي في التضخم في المدى القصير.
السياسة النقدية: تعمل السياسة النقدية ضد محاولات كبح جماح التضخم، فمن المعلوم أن رفع معدلات الفائدة طريقة شائعة لمعالجة التضخم لكن ربط سعر صرف الريال بالدولار أجبر مؤسسة النقد على اقتفاء أثر الولايات المتحدة في خفض معدلات الفائدة منذ أيلول (سبتمبر) الماضي (رغماً عن عدم تغيير سعر إعادة الشراء فقد تم خفض سعر إعادة الشراء العكسي بواقع 150 نقطة أساس كما تم خفض أسعار الفائدة على القروض بين البنوك بالقدر نفسه). ونعتقد أن الدورة الحالية من خفض معدلات الفائدة الأمريكية ستنتهي في الفصل الثالث من هذا العام. وتعمل معدلات الفائدة المنخفضة على حفز نمو الائتمان مما يؤجج الضغوط التضخمية. وقد سعت مؤسسة النقد في سعيها لتقييد نمو الدين إلى تشديد متطلبات الاحتياطي النظامي للبنوك التجارية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وربما تزيد من هذه القيود خلال هذا العام.
تجارة التجزئة: رغم تعرض تجار التجزئة لحملة شعبية من النقد لدورهم في رفع الأسعار، إلا أنه جدير بالانتباه أن الزيادة في مؤشر تكاليف المعيشة (الأسعار التي يدفعها المستهلك) ظلت أقل بكثير من مؤشر سعر الجملة (الأسعار التي يدفعها تاجر الجملة). لقد ارتفع مؤشر تكاليف المعيشة خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2007 بنسبة 3.1 في المائة بينما ارتفع مؤشر سعر الجملة بنسبة 3.8 في المائة، مما يشير إلى أن العديد من تجار التجزئة ظلوا يمتصون التكاليف العالية بتقليل هوامش أرباحهم. وبما أن هذا الوضع لن يستمر إلى ما لا نهاية فربما يشكل عاملا آخر يؤجج ضغوط التضخم خلال هذا العام.
سعر الصرف: لا نعتقد في شركة جدوى أن سعر الصرف كان سبباً رئيسياً للتضخم، وبناء على توقعاتنا بعدم تعرض الدولار لانخفاض أكثر مما تعرض له سلفاً فإننا نرجح بقاء سعر الصرف عند مستواه الحالي.

مواضيع رئيسية من الاقتصاد العالمي لعام 2008

نتوقع أن يشكل عام 2008 عاماً صعباً للاقتصاد العالمي، فالاقتصاد الأمريكي الذي تباطأ نموه بدرجة كبيرة خلال الربع الأخير من عام 2007 سيظل بطيئاً في النصف الأول من العام الحالي، هذا إذا لم يكن قد دخل في حالة الركود فعلياً. ورغم أن النشاط الاقتصادي سينتعش في النصف الثاني من العام نتيجة خفض أسعار الفائدة وتراجع تداعيات أزمة الائتمان إلا أن هناك مخاطر جدية بتباطؤ الاقتصاد العالمي. ومن المرجح أن تؤدي الظروف الاقتصادية الخارجية الضعيفة والطلب المحلي المتباطئ في منطقة اليورو واليابان إلى الإضرار بالأداء الاقتصادي فيهما. كذلك قد يتضرر النمو في الأسواق الناشئة (الصين والهند)، التي كانت في الآونة الأخيرة هي للمحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي من جراء ضعف الاقتصاد العالمي والمبادرات السياسية المحلية لإبطاء معدل التضخم.
في ظل هذه الظروف نتوقع أن يتم خفض معدلات الفائدة الأمريكية من مستوياتها الحالية البالغة 3.5 في المائة خلال عام 2008. وستبدأ هذه العملية بخفض سعر الفائدة على أرصدة البنوك لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي بواقع 25 - 50 نقطة أساس (0.25- 0.50 نقطة مئوية) في 30 كانون الثاني (يناير)، كما نتوقع إجراء عمليات خفض أخرى في حدود 2.75 - 2.50 في المائة تجاه منتصف العام. ونفترض أن حدوث استقرار كبير في القطاع المالي وظهور علامات الانتعاش الاقتصادي يعنيان أن اهتمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتحول بتركيز أكبر إلى التضخم نحو نهاية العام مما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في الربع الأخير من العام.
وتعني معدلات الفائدة المنخفضة والأداء الاقتصادي الضعيف في الولايات المتحدة أن الدولار سيظل ضعيفاً معظم السنة. ولكن إذا وضعنا في الحسبان أن الدولار قد تراجع سلفاً بنسبة كبيرة مقابل الكثير من العملات الأخرى فإن نطاق إجراء عمليات خفض أخرى بات عند حدود ضيقة. ولما كانت الولايات المتحدة هي أول دولة من الدول الاقتصادية الكبرى تلجأ لخفض أسعار الفائدة وهي تعاني ضغوط ارتفاع التضخم فمن المرجح أن تكون أول من يلجأ لرفع أسعار الفائدة مما سيؤدي إلى تعزيز الدولار في النصف الثاني من العام.

سعر الصرف

بعد صمود الريال أمام الضغوط غير المسبوقة التي تعرض لها خلال عام 2007 نتوقع أن يظل ربطه بالدولار قائماً طيلة عام 2008. وكان الريال قد عاد إلى مستوى سعر صرفه الذي ظل محافظاً عليه لفترة طويلة وهو 3.75 ريال مقابل الدولار بحلول أواخر كانون الأول (ديسمبر) وذلك بعد وصوله إلى أعلى سعر له عند مستوى 3.68 ريال مقابل الدولار في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2007. ولكن لا تزال أسواق العقود الآجلة تتوقع ارتفاعاً في قيمة الريال بنسبة 1.3 في المائة خلال الـ 12 شهراً المقبلة، ما يشير إلى أنه من المحتمل جداً عودة نوبات الضغوط عليه رغماً عن التزام مؤسسة النقد بسياسة الربط لأسباب اقتصادية منطقية (انظر تقريرنا لشهر تشرين الأول (أكتوبر) الخاص بموضوع "ربط الريال بالدولار"). وكما في العام الماضي، فإن أي ضغوط على الريال قد تنشأ عن العوامل التالية:

خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة: كما أوجزنا في مكان آخر من هذا التقرير، من المتوقع إجراء المزيد من الخفض على أسعار الفائدة في أمريكا خلال هذا العام. لقد كان التعارض الواضح بين الحاجة إلى كبح التضخم والقيود المفروضة على السياسة النقدية نتيجة لسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار هو السبب الرئيسي للضغط على الريال العام الماضي.
التعليقات من قبل الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي: فوجئت مؤسسة النقد العام الماضي إزاء الاستجابة للضغوط على الريال لذا نرجح أن تكون استراتيجيتها الإعلامية أكثر مراعاة لتوقعات المستثمرين العالميين. وهناك دول أخرى في المنطقة (كقطر والإمارات) تعتقد أن تغيير سياسة الصرف هي الطريقة المناسبة لكبح التضخم. ورغم أن الدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار تعهدت بالالتزام بسياسة الربط خلال عام 2008 لكننا لا نستبعد صدور تصريحات غير منسجمة ومتناقضة بشأن تجاه سياسة سعر الصرف.
الانخفاض الحاد في قيمة الدولار: من الواضح أن قيمة الريال مرتفعة مقابل الدولار (تقدر مصادر مستقلة مستوى الارتفاع هذا بنحو 30 في المائة). ومن شأن هذا الوضع أن يزداد سوءاً في حالة حدوث هبوط حاد في قيمة الدولار مما سيفاقم أيضاً من الضغوط التضخمية.

البيانات الاقتصادية: نقصد على وجه التحديد الارتفاعات السريعة في التضخم ونمو عرض النقود.

الأوضاع الخارجية والأوضاع المالية

سيظل الوضع الخارجي قوياً بصورة استثنائية حيث تؤدي الزيادة في حجم إنتاج النفط وارتفاع أسعاره إلى ارتفاع فائض الحساب الجاري إلى مستوى 94 بليون دولار (لا يزال النفط يمثل 90 في المائة تقريباً من إجمالي الصادرات). أما نمو الصادرات غير النفطية فيتوقع أن يتباطأ هذا العام حيث ستسهم الزيادة في الإنتاج المحلي من البتروكيماويات في إحداث ارتفاع كبير في حجم الإنتاج العالمي الجديد المرتقب من هذه المواد مما يتعين أن يخفض من أسعار المنتجات البتروكيماويات عند اقترانه بالتباطؤ في النمو العالمي.
أما الواردات فيتوقع أن تزداد مرة أخرى هذا العام بنسبة تربو على 20 في المائة، وستتضاعف تكلفة أي زيادة في المعدات والمواد الخام المطلوبة للمشاريع العملاقة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام، الذي يؤدي أيضاً إلى رفع تكلفة الواردات من الأغذية والمنتجات المرتبطة بها. ورغماً عن ذلك نتوقع أن يؤدي ارتفاع عائدات النفط إلى زيادة الفائض التجاري ليبلغ 150 بليون دولار هذا العام.
سيظل العمل في تنفيذ المشاريع الضخمة والنقص في الفنيين المهرة سببين رئيسيين في رفع تكلفة الخدمات الأجنبية، كما سيؤدي المزيد من تدفق العاملين الأجانب إلى داخل المملكة إلى زيادة قيمة فاتورة التحويلات الخارجية لأولئك العاملين. لكن يمكن تعويض تأثير هذين العاملين في الحساب الجاري من خلال العوائد المرتفعة التي يتم تحقيقها من الموجودات الأجنبية المتنامية لدى السعودية. وإجمالاً نتوقع تحقيق فائض في الحساب الجاري قيمته 94 مليار دولار. ومع احتمال نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع من نمو فائض الحساب الجاري فإننا نتوقع انخفاض فائض الحساب الجاري كنسبة من الناتج الإجمالي رغم أنه سيظل قوياً جداً عند مستوى 23 في المائة من الناتج الإجمالي.
كذلك ستؤدي عائدات النفط المرتفعة إلى زيادة حجم فائض الميزانية الذي سيبقى كمثيله فائض الحساب الجاري قريباً من مستوياته التاريخية المرتفعة. ونقدِّر أن حجم العائدات المقررة في ميزانية هذا العام، البالغ قدرها 450 مليار ريال قد بني على أساس سعر للنفط عند مستوى 45 دولار للبرميل (ما يعادل 49 دولارا للبرميل من خام غرب تكساس القياسي) وهو سعر يقل كثيراً عن السعر الذي نتوقعه وهو 72 دولاراً للبرميل. ورغم أننا نرجح أن يفوق الإنفاق الفعلي المستويات المقررة في الميزانية، المقدرة بنحو 410 مليارات ريال بنسبة 20 في المائة ويعزى ذلك جزئياً للزيادة الأخيرة في مرتبات موظفي القطاع العام غير المدرجة في مخصصات الميزانية، إلا أن عائدات النفط المقدرة أعلاه تعني تحقيق فائض يصل إلى 187 مليار دولار (12 في المائة من الناتج الإجمالي). وتجدون المزيد من التفاصيل حول تقديراتنا بشأن المالية العامة في ثنايا تقريرنا حول الميزانية للعام الحالي، الصادر في كانون الأول (ديسمبر).

الأكثر قراءة