إثارة "العواطف"!

إثارة "العواطف"!

[email protected]

"تلفزيون الواقع" مصطلح حديث على المجتمعات العربية، تهافت عليه الجمهور عندما بدأت بعض التلفزيونات تطبيقه. هي فكرة مستوردة، غير أن ما يلفت الانتباه إليها هو اعتمادها على "الإثارة" أياً كان نوعها، ربما نجحت في استقطاب الآلاف من المشاهدين، لكن في الجانب الآخر فتحت باباً من المساوئ، لم يدركه الناس إلا أخيراً.
في الموسم الأول لأحد برامج الواقع لم يدرك الناس معنى ذلك، ظل المشاهد غير مستوعب تماماً الفكرة، خصوصا من ليس له اطلاع على البرامج غير العربية، وبالتالي ظل مفتوحا لكل الفئات داخل إطار العائلة. في الموسم الثاني والثالث اتضح أن البرنامج ينقل سلوكيات مخالفة، وغير مقبولة في المجتمع الخليجي، وعلى رغم ذلك ظل التهافت عليه يزداد يوما بعد يوم، دفع كثيرا ممن يرفضون ذلك إلى تنظيم حملات للتوعية من خطر "تلفزيون الواقع".
هذه البرامج المستوردة - على اختلافها - وجدت أن "الإثارة" هي تجارتها الرابحة. في كل الأحوال الهدف المادي هو العنوان الرئيس لها، وبالتالي أكثر جمهور مستهدف يمكن الكسب من ورائه بسهولة هم الشبان والفتيات بأكثر من وسيلة.
ما يحدث في تلفزيونات الواقع قصص تحولت إلى "واقع" مفبرك، إذ تأتي الأحداث بإعداد مبكر للعب على وتر العاطفة، وهي نقطة "الضعف" التي يشكو منها معظم الشبان والفتيات، بعد أن اكتشفها صنّاع البرامج واقتنعوا أنه يمكن التأثير من هذا الباب الواسع، الذي يستوعب كل الأساليب، لذلك تطلب الأمر منهم إعداد "السيناريوهات" وكتابة القصة من البداية وحتى الحلقة الأخيرة، مع كل توقعاتها واحتمالاتها، وفي المقابل سيحصل المشاركون على الشهرة، وسينسج الجمهور عليهم الأحلام، فيما تفوز القناة بالمال، ولاحقا سيكتشف كل المخدوعين أنهم أحرقوا أموالهم مقابل "لا شيء".
لنكن واقعيين، ما الفائدة من متابعة أناس يأكلون ويرقصون ويتسامرون وينامون، ونقضي الساعات الطوال في الليل والنهار لمشاهدتهم، ثم ببساطة يسلبوننا أموالنا بزعم "التصويت"؟. ألم يحن الوقت لنكون أكثر وعيا وإدراكاً لما يفعله هؤلاء بنا؟ وهدفهم من جمع شبان وفتيات في مكان واحد، ليرووا لنا قصصا من نسج خيالهم عن علاقات عاطفية تربط هؤلاء ببعض... لنحكم العقل قبل الـ "مشاهدة" والـ "تصويت".

صحافي من أسرة تحرير "الاقتصادية"

الأكثر قراءة