تقرير: سياسات التنوع الاقتصادي وتحسين البيئات التنظيمية والقدرة الفنية حائط صد لحماية الأسواق الخليجية
أكد تقرير حديث صادر عن شركة الأوراق المالية والاستثمار "سيكو" أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تقدم الآن مجموعة واسعة من خيارات الاستثمار مع رأسمال إجمالي يبلغ تريليون دولار أمريكي وأكثر من 600 شركة مقيدة عبر العديد من القطاعات المتنوعة مثل القطاع المصرفي والتأمين والاتصالات والعقارات والصناعات.
وقال التقرير إن هناك تنوعا واسعا وعمقا كبيرا تمتاز به أسواق الأسهم الخليجية على مستوى الرساميل الضخمة حيث توجد 170 شركة يزيد رأسمالها في السوق على مليار دولار أمريكي.
وتوقعت الشركة من خلال تقريرها الذي جاء بعنوان "دليل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي – فرص الاستثمار المميزة"، أن يمد التقرير المستثمرين بنظرة شاملة على أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى إلقاء الضوء على جاذبية الاستثمار في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي المستفيدة من السيولة النقدية المتدفقة من ارتفاع أسعار النفط والتطور الاقتصادي الناتج عن ذلك.
ويحدد تقرير "سيكو" بعض العوامل الرئيسية التي تعتقد أنها جعلت من دول مجلس التعاون الخليجي المكان الصحيح للاستثمار في الوقت الحالي. وقد اتخذت اقتصاديات دول الخليج مساراً متناميا مع توقع نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 11 في المائة و 11.8 في المائة خلال عامي 2007 و 2008 على التوالي، وهي النسبة الموازية للأسواق الناشئة الأخرى. إن الإصلاحات التي شرعت في تفعيلها حكومات دول مجلس التعاون بتنويع مصادر الدخل بعيدا عن إيرادات النفط وجهودها في تشجيع الاستثمارات الخاصة والأجنبية بدأت تؤتي ثمارها وستستمر في المحافظة على المستقبل الواعد للأسواق.
من الناحية التقييمية، أشار التقرير إلى أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تُصنف حالياً عند مستويات جذابة مقارنة بدول مجوعة BRIC (البرازيل، روسيا، الهند، الصين). ووفقاً للمكاسب المقدرة لعام 2007، فإن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي حققت نسبة مكرر سعر للربحية يعادل 17.6 مرة مقارنة بمتوسط يعادل 23.1 مرة لدول مجموعة BRIC و15.3 مرة طبقاً لمؤشرات MSCI للأسواق الناشئة.
وقال أنتوني ماليس الرئيس التنفيذي للبنك، إن الرسالة الواضحة التي تستشفها الشركة من التقرير أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في وضع مؤهل لمزيد من النمو خلال عام 2008، إضافة إلى تكامل عدد من العناصر مثل النمو الاقتصادي وسياسيات التنوع الاقتصادي والاختيار المتنامي للخيارات الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين وتحسين البيئات التنظيمية والقدرة الفنية لأسواق الأسهم الإقليمية لإمداد المستثمرين الإقليميين والدوليين، الذين يتزايدون باستمرار، بفرص الدخول لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي و الاستفادة من عوائدها المتوقعة لعام 2008".
على الصعيد ذاته، أكدت مصادر مصرفية محلية أن إلزام الشركات المدرجة في السوق، خاصة القيادية منها، إصدار تقارير مالية شاملة تتضمن خططها استراتيجياتها المستقبلية يشكل عاملا مساعداً للتشريعات التي تعلنها الهيئة للحد من التذبذبات الحادة التي تتعرض لها السوق، ما يمكّن المستثمرين في السوق من بناء قاعدة معلوماتية صحيحة على توجهات السوق.
ووفقا لحميد العنزي مصرفي في أحد البنوك المحلية تحدث لـ "لاقتصادية"، فإن هيئة سوق المال يجب أن تلجأ إلى إلزام الشركات المتداول أسهمها في السوق بإعلان سياستها المالية بشكل أكثر شفافية عن التقارير التي تنشرها الآن، على أن تتضمن أرقاماً إرشادية تبين فيها أرباحها المتوقعة للعام المقبل، مما تنفذه من خطط مستقبلية، وألا تتحجج الشركات بان لها منافسات في السوق ما يجعلها تتحفظ على إعلان أرباحها وخططها، باعتبار أن هذه حجج واهية طالما أن الشركة أصبحت مدرجة في السوق فإن من حق المتعامل معرفة كل ما يدور فيها، خاصة وأنها أصبحت أداة استثمارية في السوق.
وقال العنزي إن إصدار تقارير مفصلة عن هذه الشركات وتحديد موعد محدد للإعلان عن هذه التقارير يعطيان المتعامل ثقة أكبر بالسوق. وأضاف العنزي أن هناك عدة عوامل أدت إلى حدوث التذبذبات الحالية في السوق تتمثل في الضعف الواضح في الصناديق الاستثمارية, ما دفع كثيراً من المتعاملين إلى التعامل مباشرة مع السوق، إضافة إلى أن شركات الوساطة التي تم الترخيص لها والتي يصل عددها إلى نحو 33 شركة وساطة مالية لم تقم بدورها بالشكل المطلوب إلى الآن وأن 10 في المائة من هذه الشركات فقط تعد "نشطة " إلى حد ما في السوق، أما باقي الشركات فليس لها تأثير مباشر في السوق لعدم وجود صناديق استثمارية مؤثرة خاصة بها، لذا يجب عدم منح هذه الشركات أي نسبة من الاكتتابات الأولية التي يعلن عنها ما لم تكن لهذه الشركات صناديق استثمارية، إلى جانب أصرارها توصيات يستفيد منها المتعاملون في السوق.
من جانبه، أرجع لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الله الحربي أستاذ المحاسبة ونظم المعلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمستشار المالي، التذبذب الحاد في مؤشر السوق إلى عدة أسباب تتمثل في غياب المعلومة المؤثرة في أداء السوق سواء من قبل الشركات المدرجة أو المشرع للسوق "هيئة سوق المال"، مشيرا إلى أن وجود المعلومة الواضحة والمؤثرة في المدى المنظور حول السوق يعطي المستثمرين أو المتعاملين في السوق استراتيجية واضحة عن وضع السوق على المديين القريب والبعيد, بالتالي يؤدي إلى استقرار السيولة الداخلة للسوق، مؤكداً أن أغلب المتعاملين في السوق يجهلون طبيعة ما يصدر من قرارات وما تم بخصوص تفعيل هيكلة السوق، بسبب ضبابية المشرع.
وحذر الدكتور الحربي من المخاطرة التي ستتعرض لها السوق بعد توجه المتعاملين فيها للمضاربة في الشركات القيادة، مما قد يؤثر في وضع السوق بفضل السيولة النقدية الكبيرة التي تدخل الشركات القيادية وتخرج منها والتي لها تأثير كبير في تذبذب مؤشر السوق، قبل أن يعود ليؤكد أن السوق السعودية تعد أكثر جاذبية وربحية بين أسواق المنطقة، وبالتالي فهي محور جاذبية للسيولة الساخنة التي لا تعمر كثيرا، مما يعني ارتفاع درجة المخاطرة في بعض الأحيان.