عقود شرعية نادرة الاستخدام

عقود شرعية نادرة الاستخدام

يزخر فقه المعاملات في الشريعة الإسلامية بالعديد من العقود الشرعية التي يمكن استخدامها في القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء في قطاع المصارف الإسلامية أو قطاع شركات التأمين التعاوني أو قطاع شركات الاستثمار الإسلامية، إضافة إلى شركات التمويل مثل شركات بيع السيارات عن طريق التأجير أو التقسيط، ومن تلك العقود نادرة الاستخدام عقد السلم، عقد المضاربة، عقد المشاركة المتغيرة، عقد المشاركة المتناقصة وعقود الوكالة في البيوع، وقد تم الإشارة في مقالات سابقة إلى مفهوم تلك العقود ومجالات تطبيقها سواء بالمصارف الإسلامية أو شركات التمويل، وقد تبين من الواقع العملي صلاحية تلك العقود للتطبيق واستخدامها كبدائل لتمويل العديد من القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع الصناعي والذي يشهد دعما كبيرا بما يوفرة من فرص عمل، وكذلك القطاع العقاري وما يحققه من تنمية والذي يشهد طفرة كبيرة وفي حاجة إلى تمويل.
ولكن يلاحظ أن تلك القطاعات المالية من مصارف إسلامية وشركات تمويل تقتصر استخداماتها من العقود الشرعية على مجموعة من العقود هي الأشهر والأسهل في الاستخدام مثل عقد المرابحة والذي لايوجد عليه خلاف أنه قد وفر للمصارف الإسلامية مجالا لتمويل المتعاملين بصورة شرعية وسهلة في التطبيق، ومع محدودية العقود الشرعية المستخدمة والخلاف الفقهي حول تطبيقات التورق المصرفي المنظم وخاصة بعد إصدار فتوى مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة منذ نحو شهرين، أعتقد أنه قد آن الآوان للمصارف الإسلامية وشركات التمويل أن تبدأ العمل على استخدام مجموعة من العقود الشرعية (المحدودة الاستخدام) والمستمدة من فقه المعاملات ومنها عقود السلم والمضاربة والمشاركة المتناقصة والمشاركة المتغيرة والبيع عن طريق الوكالة أو العمولة، والتي لا تمثل في الصناعة المصرفية الإسلامية أكثر من 1 في المائة من حجم التمويل سواء في السوق السعودية أو أسواق الصناعة المصرفية الإسلامية في دول الخليج والعالم أجمع.
وتحجم الكثير من مؤسسات التمويل عن استخدام تلك العقود للعديد من الأسباب أهمها ارتفاع المخاطر وعدم توافر خبرات بالمصارف وشركات التمويل يكون لديها القدرة على إجراء الدراسة الائتمانية لتلك الصيغ والعمل على الحد من مخاطرها، وهي المشكلة التي تحدثنا عنها سابقا وهي ندرة الموارد البشرية المؤهلة للعمل في الصناعة المصرفية الإسلامية والتي تستلزم تضافر الجهود من أجل حلها خاصة مع البيانات التي تشير إليها بعض الدراسات من أن الصناعة المصرفية الإسلامية في حاجة إلى ما يزيد عن عشرة آلاف متخصص في الصناعة المصرفية الإسلامية خلال السنوات الثلاث المقبلة وإلى ما يزيد عن 30 ألف وظيفة خلال العشر سنوات المقبلة في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تشهد معدلات نمو سنوية للصناعة المصرفية الإسلامية تبلغ نحو 26 في المائة، وقد بلغ معدل نمو التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة في السوق السعودية خلال الفترة من عام 2000 حتى عام 2007 ما يقارب 400 في المائة.
هذا الأمر ليس من مسؤولية إدارات الأبحاث والدراسات والموجودة داخل بعض المصارف الإسلامية، وإنما يجب أن تكون هناك جهات تهتم بهذا الأمر مثل المجلس العام للبنوك الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية وهيئة المعايير المحاسبية للمصارف الإسلامية، مع وجود جهود مباشرة من السادة أعضاء الهيئات الشرعية بالمصارف الإسلامية، واهتمام المراكز البحثية بالجامعات والمعاهد العلمية بتشجيع طلاب العلم في مجال الماجستير والدكتوراه على الدراسة والبحث في الصناعة المصرفية الإسلامية.

الأكثر قراءة