ريان رينولدز يجرّب كوميديا الأكشن في «حارس القاتل المأجور»
في جو من الأكشن مع نفحات من الكوميديا بدأ فيلم "حارس القاتل المأجور - The Hitman’s Bodyguard" يتوالى بأحداثه المشوقة التي يكتنفها كثير من المشاهد القتالية والمعارك البطولية، التي ترافقت مع سيناريو متين يحوي كثيرا من المعاني العميقة.
تدور أحداث الفيلم حول رجل يدعى داريوس كينكايد، يلعب دوره الممثل صامويل جاكسون، وهو قاتل محترف يملك أدلة على تورط السياسي الخطير فلاديسلاف دوجوفيتش الذي يلعب دوره الممثل جاري أولدمان في كثير من جرائم القتل، فلقد كان ديكتاتورا من الطراز الأول وقتل عديدين ظلماً بينهم أطفال ونساء، والشاهد الوحيد الذي يمنعه من إكمال مسيرته الإجرامية ووصوله إلى سدة الحكم في البلد هو كينكايد، ما اضطر دوجوفيتش إلى فعل المستحيل لمنعه من الوصول إلى المحكمة والإدلاء بشهادته.
حماية البطل
المحكمة الدولية قامت باعتقال كينكايد من أجل حمايته لحين الموعد المحدد، وكانت قد كلفت عميلة الإنتربول الناشئة أميليا تلعب دورها الممثلة الودي يانج، بحمايته، إلا أن بعض المطاردات حصلت أثناء نقله من مكان إلى آخر اضطر أميليا إلى أخذه والاحتفاظ به في منزلها، ومن ثم استدعاء أفضل حارس شخصي في العالم وهو مايكل برايس، يلعب دوره الممثل رايان رينولدز، الذي يتشارك مع كينكايد في تاريخ مهني سيئ، إلا أن مايكل لم يستطع رفض طلب صديقته الحميمة التي كانت تربطه بها علاقة في السابق فاضطر إلى أن يضع جانبا كل الخلافات التي حصلت مع كينكايد سابقا وحمايته ومساعدته على الوصول إلى المحكمة.
كوميديا وأكشن
من اللحظة الأولى للقاء مايكل وكينايد بدأت القصة تأخذ منحى كوميديا، فلقد كان ثنائيا رائعا على كافة الأصعدة، فكانا يتبادلان الأحاديث العميقة والدروس المستفادة من حياة كل فرد منهم، ومن ثم يتشاجران ويتصالحان، وجميع هذه المشاهد رافقها الحس الفكاهي الذي رسم الضحكة على شفاه كافة المشاهدين، فتارة تعلو أصوات الضحك وتارة أخرى تقتصر على الابتسامات الخفيفة.
ولقد تم استدعاء مايكل بعد تعرضه لحادث قبل سنتين جعل سمعته تندثر حيث تم اغتيال غير متوقع لتاجر أسلحة ثري كان قد استأجر مايكل لحمايته كونه حارسا شخصيا محترفا لشخصيات مستهدفة رفيعة المقام، واتهم مايكل في ذلك الوقت صديقته أميليا بالوقوف وراء الحادث وإخفاء بعض المعلومات عنه، لكن الصدمة الأكبر كانت عندما اكتشف أن كينكايد هو من قام بقتل ذلك الرجل عن طريق الصدفة.
قوة الفيلم
لقد كان واضحا السبب الأبرز لنجاح الفيلم فضلا عن السيناريو والحوار الممتع الذي كتبه توم أوكونر، خاصة ذلك الذي كان يدور بين كل من مايكل وكينكايد، فإن المسيرة المهنية لهذا الثنائي ساعدت بشكل قوي على تعزيز قوة الفيلم خاصة عندما يتصادمان بسبب أسلوب كينكايد الساخر وغرور مايكل الصارخ، وهي بدورها شكلت كاريزما خاصة للفيلم أدت إلى نجاحه وشد المشاهد طيلة 90 دقيقة.
وتستمر مطاردة كينكايد ومايكل من قبل رجال دوجوفيتش وأبرزها كانت تلك التي حدثت أثناء هرب كينايد في البحر حيث قام باستعراض هربي رائع نفذ به من الأعداء وأظهر مهاراته القتالية هو وصديقه مايكل الذي تشاجر معه قبل المعركة بدقائق بسبب اعتراف كينكايد أنه هو الذي أطلق النار على الرجل الثري وقضى على مستقبل مايكل، إلى أن أصبح يمضي كل يوم وهو يقود سيارات رخيصة بدلاً من سياراته الجاجوار المفضلة، وذلك أثناء حمايته محامين مدمنين على المخدرات من الدرجة المتوسطة من أشخاص يلاحقونهم بدلاً من كبار الشخصيات الذين كانوا يدفعون له مسبقاً.
دور ضئيل لحايك
ولم تقتصر المشاهد المضحكة على ذلك الثنائي، بل ظهرت الممثلة سلمى حايك في دور زوجة كينكايد لتضفي مزيدا من المرح على مشاهد الفيلم، ورغم أن دورها كان ثانويا وظهورها على الشاشة ضئيلا، إلا أن قيمته الفنية كانت عالية، ولقد لعبت دور المرأة المجنونة التي تصرخ وتشتم طوال الوقت، وهي في سجن انفرادي بسبب هرب زوجها.
لم يقتصر أسلوب المخرج باتريك هيوز على تقديم الأحداث بطريقة مسلية وحبكة ممتازة، بل تعداها ليقدم تنقلا بارعا وسلسا بين المشاهد التي تحصل على أرض الواقع والذكريات التي يعود بها أبطال الفيلم سنوات إلى الوراء، لدرجة تشعر أنك في قلب الحدث بعيدا عن التشتت.
حبس الأنفاس
يستمر التشويق في الفيلم الذي تم تصوير جزء كبير منه في العاصمة الهولندية أمستردام إلى اللحظات الأخيرة التي يرافقها كثير من حبس الأنفاس، حيث قام الثنائي مايكل ولينكايد بقتل كافة أفراد عصابة دوجوفيتش والوصول إلى المحكمة قبل انتهاء المدة المحددة ببضع ثوان، وأدلى بشهادته وعرض بعض اللقطات المصورة التي تظهر جرائم دوجوفيتش، ما جعله في مأزق اضطره إلى إصدار أوامر إلى رجاله بسلوك الخطة الثانية التي تقضي بتفجير مبنى المحكمة الدولية.
وبعد معركة دامية في التفجير التقى كينكايد مع دوجوفيتش على سطح المبنى وحاول الأخير الهرب عبر طيارة خاصة، إلا أن مطاردة لينكايد له قضت عليه.
لقد تم تصوير الجزء الأكبر من الفيلم الأمريكي في العاصمة الهولندية أمستردام ويسخر في البوستر والإعلان الرسمي له من فيلم "بودي جارد" الذي صدر عام 1992 للنجمين كيفين كوستنر وويتني هيوستن، ويظهر في الإعلان رينولدز يحمل إل جاكسون كما فعل النجم كوستنر والنجمة الراحلة هيوستن في الفيلم سابقا.
كثرة النقاد
حقق الفيلم إيرادات بلغت ثمانية ملايين دولار أمريكي وذلك في الوقت الذي قدرت فيه ميزانية الفيلم بـ 29 مليون دولار أمريكي، وهو يعتبر رقما لا بأس به كبداية عرض، ورغم كل ما تقدم من إيجابيات، لم ينفذ الفيلم من براثن النقاد الذين انفلتوا عليه، فاعتبر الناقد السينمائي بيتر ديبروج، أن الفيلم يشبه نوعية أفلام الرسوم المتحركة المعتمدة على التصوير الحي، التي عادة ما نشاهد فيها البطل يقع في مأزق أو يتعرض إلى التفجير بواسطة الديناميت، ثم نراه بعد ذلك يقوم مجددًا لاستكمال الأحداث.
وأضاف ديبروج في حديث إلى موقع IndieWire: "أن المخرج قد استغل الكيمياء الواضحة بين البطلين؛ رينولدز وجاكسون، من أجل صناعة فيلم كوميدي أكشن، مبهج وساخر، لكنه أيضًا أحمق.
من جهته وصف الناقد السينمائي ديفيد إرليخ، الفيلم قائلا "هناك نوع من المتعة مدفون أسفل كل هذا الهراء، لكنه فيلم كسول لا يحاول البحث عنه، أو العمل على إظهاره".
واختلف إرليخ مع ناقد مجلة Variety، فيما يخص أداء صامويل جاكسون للدور، فقد ذكر أنه كرر لفظا بذيئا واحدا لمرات عديدة، في البداية تعتقد أن الهدف من ذلك مرتبط برسم الشخصية التي يقدمها، لكن في الحقيقة الهدف الوحيد هو الرغبة في تذكيرنا بدوره في فيلم Pulp Fiction، الذي استخدم فيه هذا اللفظ لتوصيل معنى متسق مع الفكرة.
وأشار إلى أن سيناريو الفيلم على مدار ما يقرب من ساعتين، يعمل على تكرار فكرة بسيطة واضحة، تمكن الملصق الدعائي للفيلم من توصيلها في ثانيتين فقط.
في المقابل، قال الكاتب والناقد الفني مات سينجر، "إن الفيلم ليس أفضل فيلم سينمائي في هذا الموسم الصيفي، لكنه يعد مفاجأة سارة".
وأكد أن الفيلم ليس فريدا من نوعه، بالعكس هذه النوعية من الأفلام كانت يومًا متوافرة ومتاحة مثل الملح والفلفل في المطاعم، قبل أن تزاحمها أفلام الأبطال الخارقين والألعاب. لكن ما يجعله مميزًا عن السائد حاليًا، أنه ليس فيلما يطل علينا من فترة الثمانينيات من القرن الماضي متأثرًا بما كان يقدم آنذاك، بل هو يشبه نظرة على الماضي بطريقة مختلفة متسقة مع عناصره وتجربته الخاصة.