الدعم المعنوي ضرورة وطنية

[email protected]

في معرض الرياض للعقارات والتطوير العمراني الذي افتتحه الأسبوع الماضي الأمير الدكتور منصور بن متعب نائب وزير الشؤون البلدية والقروية، أثنى سموه على تعدد المشاريع السكنية التي تلبي حاجة المواطنين من متوسطي الدخل. وعندما زرت معرض العقار الذي عقد في جدة منذ نحو شهر ونصف، استرعى انتباهي أثناء تجولي مجسم لمشروع حي سكني يقع شرق مدينة جدة تميز بأمرين: الأول هو ضخامته، والآخر أنه يتكون من وحدات سكنية (شقق وفلل) موجهة للطبقة المتوسطة. فيما كانت بقية المشاريع تتكون من أبراج فاخرة على كورنيش جدة موجهة لمن هم فوق الطبقة المتوسطة. وأثناء تفحصي لتفاصيل المشروع صادف مجيء صاحب المشروع، وهو من كبار عقاريي المنطقة الشرقية، فرحب بي وأمدني بمزيد من الشرح والتوضيح، ثم أثنيت على مشروعه وقلت له بمثل هذه المشاريع تفيد بلدك وتستفيد. فصارحني أن الفضل في اهتمامه بمثل هذه المشاريع، يرجع لنصيحة سمعها من الشيخ سليمان الراجحي، عندما أشار عليه أن يركز الآن، بعد أن ـ وفقه الله ـ في تكوين ثروة من تجارة الأراضي، على تنفيذ مشاريع سكنية يحتاج إليها الناس وتتصف بقدرتها على توليد قيم مضافة تفيد الاقتصاد الوطني.
لكنه الرجل أفضى إليّ بشيء من الأسف والحسرة أن رجال الأعمال لا يلقون أحيانا من بعض المسؤولين في الدوائر الحكومية، الدعم والتشجيع المعنوي المناسب لمثل هذه المشاريع! وذكر لي أنه مع شركاء آخرين ومن ضمنهم الشيخ سليمان الراجحي، كانوا قد أخذوا موعدا مع كبار المسؤولين في إحدى الجهات الحكومية لعرض مشروع عقاري ضخم، لكنهم عندما ذهبوا للموعد وجدوا أن كبار المسؤولين اعتذروا عن اللقاء وكلفوا غيرهم بإتمام المقابلة. واستطرد الرجل قائلا، لقد افترضنا حينها حدوث أمر طارئ وتفهمنا الموقف إلى حد ما. لكن المفاجأة التي أثرت فينا كثيرا، أننا شاهدنا بعد فترة وجيزة هؤلاء المسؤولين يمرون من أمام الغرفة التي كنا نجتمع فيها، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التوقف عندنا والقيام بما يقتضيه الواجب من اعتذار ثم تقديم التشجيع والدعم المعنوي المناسب لمثل هذه المشاريع الكبيرة. واستمر قائلا إنه ما زال يفترض حسن النية فيما جرى، لكنه يرى أن تعاظم التحديات الاقتصادية التي تواجه مجتمعنا تتطلب منا جميعا أن ننتقل سريعا لمرحلة يتحسن فيها التواصل بين القطاع العام والخاص ويتطور تفهم كل طرف لدوره في المجتمع.
إن رجال الأعمال الذين يحسنون توجيه أموالهم نحو المشاريع المفيدة، يحتاجون إلى كلمة طيبة وتشجيع معنوي صادق يشد فيها المسؤولون على أيديهم ويقدرون لهم أخذهم زمام المبادرة وتحمل عناء المخاطرة. بل إن الحاجة إلى مثل هذا الدعم قد تصل لمرتبة الضرورة الوطنية، تبعا لأهمية المشاريع ومدى مساهمتها في تلبية حاجات الناس، وسد النقص في المعروض منها، وكذلك في مقدار مشاركتها في توليد فرص عمل إضافية أو في زيادة الطاقة الإنتاجية للاقتصاد عموما.
وما دامت التحديات عظيمة فليس من الحكمة في شيء التهاون أو التقصير في مد الناهضين من رجال الأعمال بالدعم والتحفيز المعنوي الذي يشجعهم على سرعة التفاعل مع مؤشرات السوق. فما يعانيه هذا القطاع من نقص في المعروض من المساكن مقابل النمو الكبير في الطلب عليها، يدل على أننا مقبلون على أزمات إسكانية خطيرة، إذا استمر تراخينا وطال اعتمادنا على عاملي الوقت والصدفة في التصدي لمشكلاتنا.
جاءت تطورات تصفية مشروع البندقية أخيرا، لتعطينا بارقة أمل أن يتلوها قريبا بالسرعة نفسها وبالحزم نفسه، حل لبقية المساهمات العقارية في نواحي البلاد، من أجل تمكين الناس من استعادة حقوقهم في أقرب فرصة، ولتحقيق مزيد من الاستقرار والانضباط في قطاع ما عاد يحتمل التسويف والتأخير لارتباطه بحاجة من حاجات الناس الأساسية. للدعم المعنوي أثر نافذ في حل المشكلات، جربوه وستدهشكم النتائج!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي