إلغاء الفائدة لا يعني أن المنتج إسلامي

إلغاء الفائدة لا يعني أن المنتج إسلامي

www.bltagi.com

مع التوسع الذي تشهده الصناعة المصرفية الإسلامية على الساحتين الإقليمية والدولية، ومع وجود مشكلة ندرة الكوادر البشرية المتخصصة التي تتمتع بالخبرة المصرفية لأنشطة المصارف المتوافقة مع أحكام الشريعة والتي لديها القناعة الكاملة بتحريم الربا والبعد عن استخدام أسعار الفائدة، أدى هذا الأمر إلى إفساح المجال لدخول بعض الخبرات المصرفية الغربية التي نشأت وفق الفكر التقليدي وباتت تتعامل مع الصناعة المصرفية الإسلامية (الحديثة نسبيا بالنسبة للغرب) وفق المفاهيم والقواعد المصرفية التي نشأت عليها، وهذا الأمر يشكل تحديا للصناعة المصرفية الإسلامية، نظرا للانتشار المتزايد للخدمات والمنتجات المصرفية المتوافقة مع الشريعة في الدول الغربية وإقبال المسلمين وغير المسلمين في تلك الدول على التعامل بتلك المنتجات لما ترفعه من شعار متوافق مع أحكام الشريعة، ومن أحدث الدول التي دخلت مجال الصناعة المصرفية الإسلامية اليابان التي أعلنت عن تكوين مؤشر إسلامي.
وما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما نشر في التقرير الوارد في جريدة "الاقتصادية" يوم الجمعة 27 ذي القعدة 1428 هـ في مقال لأحد الخبراء المصرفيين الغربيين تحت عنوان "المنافسة تحتدم بين البنوك الآسيوية لتقديم منتجات مصرفية إسلامية" حيث ذكر بالنص في تعريفه للصكوك الإسلامية بأنها "الصكوك هي سندات تعطي دخلاً منتظماً وهي مهيكلة على نحو يتم فيه تجنب الفائدة المحرمة"، فهل الصكوك الإسلامية هي السندات التقليدية التي صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بتحريمها لأنها قرض بسعر فائدة مضمون رأس المال والفائدة من قبل مصدر السندات، وهل يتم إصدار الصكوك وهيكلتها فقط لتجنب سعر الفائدة المحرمة، بمعنى أننا إذا ألغينا سعر الفائدة من هيكل السندات أصبحت حلالا، وهل يفهم من هذا الأمر أن الصكوك هي فقط محاكاة للسندات الربوية، هذا الخلط في تلك المفاهيم أدى إلى ما نراه اليوم من خلافات بين بعض الهيئات الشرعية حول التطبيقات العملية لإصدار الصكوك وأدى لإعلان أحد الخبراء أن ما يزيد على 80 في المائة من إصدارات الصكوك فيه مخالفات شرعية.
وقد ذكرت شركة ماكينزي أيضا في ذات المقال المشار إليه بعاليه ما نصه "وتخلص ماكينزي إلى أن البنوك الإسلامية عموماً تعتمد أكثر من اللازم على الناحية الدينية في استقطاب العملاء، ولا تهتم بتقديم خدمة جيدة "، لها الحق شركة ماكينزي أن تعلن هذا الأمر طالما أن بعض العاملين في الصناعة المصرفية الإسلامية يهتم فقط بمحاكاة المنتجات المصرفية التقليدية من دون ابتكار وتطوير للمنتجات المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية.
ومن الجدير بالذكر أن نوضح أن شركة ماكينزي من أهم الشركات التي تهتم أكثر من غيرها بعمل دراسات عن الصناعة المصرفية الإسلامية، كما تقوم بعمل تقييم وتصنيف للمصارف الإسلامية على مستوى العالم وتوزع الجوائز لأفضل بنك وأفضل منتج في الصناعة المصرفية الإسلامية.
إن التوسع الذي تشهده الصناعة المصرفية الإسلامية يحتاج إلى تضافر الجهود من أجل حماية تلك الصناعة والعمل على تنقيتها من الشوائب وتدعيمها بالخبرات المهنية المتخصصة وتطوير المنتجات التي تلبي الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمتعاملين وخاصة في الدول الغربية، وتبيان جوهر العمل المصرفي الإسلامي وأنه ليس فقط بإلغاء سعر الفائدة تصبح المنتجات إسلامية، بل هناك ضوابط وعقود شرعية وآلية مختلفة للتطبيق، وأن التعامل يكون لسلع وخدمات حقيقية وفق اقتصاد حقيقي وليس لشراء وبيع الديون.

خبير في المصرفية الإسلامية

الأكثر قراءة