تعليمنا .. والواقع المؤلم!!

تعليمنا .. والواقع المؤلم!!

لم أجد أي عبارة أخرى قد تعبر عن واقع تعليمنا أخف وطئاً من كلمة "المؤلم"، ونظرة سريعة على نظامنا التعليمي تشعرنا بالأسى لما وصل إليه وكونني من الميدان التربوي فأنا أتحدث عن واقع أُعايشه يومياً فكلما كان النقد صريحاً وممن يعمل في دائرة الجهة المنتقدة كان أقرب للصواب وسوف أوجز مختصرات ومقتطفات حول ما أُريد الحديث عنه، كتعيين المعلمين والمعلمات على مستويات متواضعة ولا تناسب مؤهلاتهم واستمرار المباني المستأجرة حتى اليوم على الرغم من توافر ميزانية ضخمة لوزارة التربية، مشكلات المعلمين والطلاب والتي زادت عن حدها وغياب الحلول الأكثر ردعاً لوقفها، عدم توافر مراكز مصادر التعلم في كثير من المدارس والذي يُفترض ضرورة توافرها في كل مدرسة وعدم توافر ملاعب رياضية مناسبة لممارسة مختلف الألعاب الرياضية واختصار الرياضة كلها في رياضة واحدة وهي كرة القدم! وجود معلم واحد للرياضة بالمدرسة وأحياناً لمجمع مدارس (ابتدائي ومتوسط وثانوي) لعب الهواية الوحيدة وهي كرة القدم في أقرب أرض فضاء للمدرسة المستأجرة فأي رياضة تلك التي ستفيد الطلاب؟! وغيرها من المواضيع ذات العلاقة بواقع تعليمنا والذي نتمنى أن يكون في أفضل صورة وفي أفضل حال حينما نقارنه بتعليم عدد من الدول، فأقول وبالله التوفيق: لم يجد المعلمون ـ وقريباً المعلمات ـ طريقة أجدى في أخذ حقوقهم من وزارتهم سوى اللجوء لديوان المظالم لإنصافهم للحصول على حقوقهم، فهل هذا ما كانت تنتظره "التربية"؟! من خمس إلى عشر سنوات يمكث المعلمون على مستويات متواضعة لا تليق بمؤهلاتهم الجامعية والتربوية، فضلاً عن المعلمات واللاتي بعضهن لم يبرحن المستوى الثاني على الرغم من تعيينهن في عام 1416هـ، كان الله في عونهن، فهل هذا يعقل ؟! ونتمنى على وزارة التربية أن تبدأ بإعطاء المعلمين والمعلمات حقوقهم وحقوقهن من نواح إنسانية دون أن ينتظروا منهم شكواهم لدى المظالم ! كنت قد قرأت تصريحاً لأحد مديري التقنيات التربوية في المنطقة الغربية قبل ثلاث سنوات وتحديداً في عام 1425هـ في إحدى صحفنا المحلية وهو يُعلن أن مراكز مصادر التعلم سوف تدخل كل المدارس التابعة لتعليم جدة والآن جاء الموعد وشارفنا على السنة الرابعة وما زالت كثير من المدارس بدون مراكز تعلم على الرغم من أن التعليم العالمي اليوم يتفاخر بوجود التعليم الإلكتروني بإعطاء كل طالب جهاز محمول (لاب توب) يحل فيه جميع واجباته المدرسية عبر شبكة إلكترونية داخلية بالمدرسة، أعتقد أنه بيننا وبين تلك المرحلة سنوات عديدة! استمرار المدارس المستأجرة في ظل الطفرة الثانية التي تعيشها بلادنا أمر يدعو للاستغراب، وعلى الرغم من ميزانيات الوزارات الهائلة إضافةً إلى توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله تعالى ـ حينما قال بعد الميزانية الماضية للوزراء "لا عُذر لكم بعد اليوم، فالمال متوافر ولا ينقصنا سوى العمل " فأين استبدال المستأجرة التي عفا على بعضها الزمن بمبان حكومية تليق بأبنائنا الطلاب وتكون مناسبة للتعليم العصري الذي يشهده العالم من حولنا، إضافةً إلى عدم توافر ملاعب رياضية راقية ليمارس فيها أبناؤنا الطلاب مختلف هواياتهم (كرة قدم وطائرة ويد وسلة وتنس وجمباز وغيرها من الألعاب الرياضية) والتي اختزلها تعليمنا في رياضة واحدة فقط وهي كرة القدم! وأحياناً يكون اللعب في إحدى الأراضي الفضاء المجاورة، فأي رياضة يُرجى منها حينما تكون في الشارع! الوزارة تريد الترشيد حينما تعين مُعلما فقط للرياضة في المدرسة والذي أطلق عليه الطلاب وأولياء أمورهم "مُدرس الكورة" فطبيعي أنه سيعلم رياضة واحدة في ظل غياب الإمكانات البشرية والمكانية، في كثير من الدول عدد معلمي الرياضة في مدرسة من أربعة إلى خمسة معلمين!
كثرة اعتداءات الطلاب على المعلمين والتي زادت عن حدها ولم نجد حلاً حقيقياً من الوزارة لوقفها بتفعيل العقوبات الصادرة بحق الطلاب وتكتفي التربية بإعفاء الطالب لعام دراسي فقط وبعده يحق له الرجوع "مرفوع الرأس ومحمولاً على الأكتاف" لأي مدرسة غير التي درس بها، فقولوا لي بربكم: هل هذه عقوبة يمكن أن تصلح حال أولئك الطلاب؟! لماذا لا يعاقب الطالب المعتدي عن طريق مركز الشرطة بالسجن من شهر إلى ستة أشهر ويفصل من المدرسة نهائياً أو بمدة لا تقل عن ثلاث سنوات كلما كانت مشكلته كبيرة حتى نقضي على هذه الظاهرة والتي بدأت تزداد بكل أسف، وما لا ينشر في الصحف فهو غيض من فيض ، فلماذا هذه السلبية العلاجية لمثل تلك الحالات ، ولتعلم التربية أن (مَنْ أمِنَ العقوبة الرادعة أساء الأدب) وإذا لم يعاقب الطلاب المعتدون عقوبة رادعة فسوف تتكرر تلك الحالات، ونتمنى من المسؤولين في وزارة التربية الاستماع لصوت العقل وتفعيل ما يطرح في الصحف حتى نحقق أملنا بوجود تعليم راقٍ وعالمي من جميع جوانبه التعليمية والتربوية ولكي نُخرج أجيالاً واعية ومتوافقة مع مُعطيات العصر، والله سبحانه الموفق لكل خير.

[email protected]

الأكثر قراءة