«ألدي» و«ليدل» تعززان حضورهما في سوق التجزئة الأمريكية
«ألدي» و«ليدل» تعززان حضورهما في سوق التجزئة الأمريكية
راية تمثال الحرية ذات اللونين الأحمر والأبيض، المزينة بعبارة "صُنع 100 % في الولايات المتحدة الأمريكية"، ترفرف مستقبلة المتسوقين عند مدخل محل بقالة جديد في هاكنساك، في نيوجيرزي. في الداخل يعج المحل بالمتسوقين الذين يبحثون عن البطيخ والنقانق وغيرهما من اللوازم الخاصة باحتفالات الشواء في عيد الاستقلال.
هذا المتجر الجديد واحد من مئات المتاجر التي خططت "ألدي"، شركة البقالة الألمانية ذات الأسعار المخفضة، لافتتاحها في الولايات المتحدة في إطار حملة توسع تكلفتها 3.4 مليار دولار.
الشركة التي تتطلع للاستفادة من ارتفاع المبيعات السنوية أثناء احتفال أمريكا بعيد الاستقلال، قدمت نفسها في ضاحية نيويورك لتكون "أول محطة للتسوق في ذكرى الرابع من يوليو"، بحيث ملأت المحل بمنتجات تروج للحوم المطحونة، بسعر 1.79 دولار للرطل، ومصابيح الخيزران اللماعة التي تحمل ألوان العلم الأمريكي، وشموع زيت السيترونيلا.
الاحتفال بالرابع من تموز (يوليو) في عالم محال السوبر ماركت يشبه للحظة البطولة السنوية لكرة القدم الأمريكية، حيث من المتوقع أن ينفق الأمريكيون ما يزيد على سبعة مليارات دولار، وفقا للاتحاد الوطني لمتاجر البيع بالتجزئة. لكن احتفال هذا العام يأتي بينما تتعرض سوق البقالة الأمريكية البالغ قيمتها 700 مليار دولار لهجوم. فقد انخفض سعر المواد الغذائية التي تؤكل في المنازل على مدى 18 شهرا، وهي أطول فترة زمنية متواصلة منذ الخمسينيات، ما أثار حرب أسعار بين شركات تشغيل محال السوبر ماركت، التي تحتاج إلى تعزيز أحجام المبيعات للحفاظ على مستوى الإيرادات.
يقول بريان روبرتس، عضو مجلس إدارة شركة تي سي سي جلوبال ريتيلر، التي تقدم استشارات لكبرى محال البقالة الأمريكية: "هذا صراع وحشي بشكل مطلق".
من المتوقع أن تزداد حدة المعركة في الوقت الذي تركز فيه شركتا "ليدل" و"ألدي" الألمانيتان، اللتان اجتاحتا الشركات الأوروبية المنافسة باستراتيجية السعر المخفض، لكن بدون الإضافات التي لا لزوم لها، أنظارهما على الولايات المتحدة. وقالت شركة ألدي الشهر الماضي إنها ستزيد عدد متاجرها في الولايات المتحدة لتصل إلى 2500 محل خلال السنوات الخمس المقبلة، في حين افتتحت "ليدل" أول متجر لها في الولايات المتحدة في 15 حزيران (يونيو) الماضي. وفي اليوم التالي، كشفت "أمازون" النقاب عن خططها لشراء شركة البقالة الراقية "هول فودز" مقابل 13 مليار دولار، في إطار صفقة من المتوقع أن تحدث انقلابا في سوق بيع المواد الغذائية بالتجزئة في الولايات المتحدة.
يقول روبرتس: "الولايات المتحدة متخلفة عن أوروبا نحو 15 عاما. هناك عقلية تقول إن ذلك لن يحدث معنا أبدا. افترض كثير من محال السوبر ماركت الأوروبية أن متاجر ألدي وليدل من اختصاص المتسوقين ذوي الدخل المنخفض (...)، لكنها خسرت 10 في المائة من حصتها السوقية أمام الشركتين".
ولاحظ أن ردود فعل تجار التجزئة الأمريكيين على التعدي الألماني على أسواقهم راوح بين "الأبحاث المنهجية والتحضير بشكل مكثف" و"حالة من عدم المبالاة" أبدتها صناعة محال البقالة التي حققت نتائج أفضل في مواجهة التعطيل الناتج عن الإنترنت، خلافا لتجار التجزئة الذين ركزوا على الكتب أو الإلكترونيات.
ويتوقع عدد من محال البقالة الأمريكية، أن يظل نموها دون تغيير، أو حتى انخفاض المبيعات هذا العام. وخفضت شركة كروجر الشهر الماضي توقعاتها الخاصة بالأرباح، وذكرت أن الهوامش الإجمالية انخفضت 45 نقطة أساس خلال الربع الأخير، في الوقت الذي عملت فيه الخصومات على تآكل الأرباح.
ووجه استحواذ "أمازون" على "هول فودز" ضربة لمحال البقالة التي تعاني بالأصل، في الوقت الذي يفكر فيه المستثمرون في الطريقة التي قد تعيد بها التجارة الإلكترونية تحديد مسار صناعتهم.
يقول جيمس تومسون، وهو مدير تطوير أعمال سابق في "أمازون"، إن السلاح الأكثر أهمية الذي اكتسبته من الصفقة هو بيانات العملاء. ويضيف: "ستعرف "أمازون" بالضبط ما يشتريه الناس سواء عبر الإنترنت أو من المتاجر العادية (...) وستعلم بالضبط ما المنتجات التي سيعرضونها في المتاجر"، مشيرا إلى أن الشركة يمكنها تحمل تكاليف تجربة تلك الأفكار دون التعرض لضغوط الربحية قصيرة الأجل التي تواجهها محال البقالة.
ويتابع: "إذا كنتَ صاحب علامة تجارية في قطاع البقالة اليوم على مستوى الولايات المتحدة، يتعين عليك الشعور بالخوف الشديد. اشترت "أمازون" 400 طبق تجارب (من خلال اقتنائها لمتاجر "هول فودز"). لا يوجد شيء اسمه الفشل في "أمازون"".
يقول روبرتس في مثل هذه البيئة يكون المزيد من الدمج هو الأمر المرجح. ويجادل بأن متاجر وولمارت كبيرة بما يكفي للتنافس على الأسعار، والسلاسل المعروفة مثل "هول فودز" لن تسعى للحصول على العملاء أنفسهم، لكن بالنسبة للمتاجر "العالقة في الوسط، يبدو الأمر وكأنها تتعرض للموت نتيجة مئات الجروح الصغيرة".
تقول محال ليدل الأمريكية إنها "تولي اهتماما" لـ"أمازون" في ضوء قرارها الاستحواذ على "هول فودز". وبحسب ليز راجلز، مديرة التسويق في شرمى ألدي الأمريكية "قطاع البقالة شهد الكثير من التغييرات على مر السنين (...) لكن ألدي لم تفقد تركيزها قط".
دخلت "ألدي" أسواق الولايات المتحدة أول مرة قبل 40 عاما، وبنت بكل هدوء سلسلة من 1600 متجر في 35 ولاية. الآن، تكثف من وتيرة افتتاحها لمحال جديدة. وتعتزم افتتاح 100 متجر على طول الساحل الشرقي بحلول الصيف المقبل.
وتقول "ألدي" و"ليدل" إن متاجرهما الأمريكية ستقدم أسعارا أرخص بما يصل إلى 50 في المائة من الأسعار التي تقدمها الشركات المنافسة، على الرغم من أن المحللين يقدرون أن تكون الفجوة أقرب إلى 15 في المائة. وتبلغ تكلفة جالون الحليب في متجر "ألدي" في هاكنساك 2.89 دولار، مقارنة بـ 3.50 دولار في متجر "تارجت" الذي يبعد أقل من نصف ميل. وتشكل مجموعات المحال التي تقدم خصومات أقل من 5 في المائة من مبيعات محال البقالة الأمريكية، على الرغم من أن مؤسسة بين الاستشارية تتوقع أن ترتفع النسبة إلى 8 - 10 في المائة سنويا في الوقت الذي يعتاد فيه الأمريكيون على الخصومات الألمانية.
في متجر ألدي في هاكنساك، تقول كاتيا، وهي معلمة كانت تشتري مواد بقالة مع زوجها، إنها معجبة بالأسعار المنخفضة والوجبات السريعة الخالية من الجلوتين، لكنها تجد هذه التجربة أقل اتساقا من المتاجر العريقة التي اعتادت التسوق فيها: السلسلتان الإقليميتان "جيانت" و"شوبرايت". وتقول: "يبدو الأمر وكأنهم يعرضون الحد الأدنى. أمس اشتريت كمية من التين من هنا، وعدت مرة أخرى اليوم لشراء المزيد، لكنه اختفى".