نقص التمويل العقاري حرم الاقتصاد الوطني من عوائد مالية كانت ستدعم الازدهار الاقتصادي

نقص التمويل العقاري حرم الاقتصاد الوطني من عوائد مالية كانت ستدعم الازدهار الاقتصادي

توقع المهندس زهير حمزة المدير التنفيذي لشركة تمليك المحدودة تحقيق قطاع التمويل العقاري السكني في المملكة معدلات نمو قوية وحقيقية في حال صدور وتطبيق تشريعات تنظيمية لنظام الرهن العقاري، مشيرا إلى أن تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية والقانونية لقطاع التمويل العقاري خصوصا في مجال نظام الرهن العقاري في المملكة، سينعكس إيجابا على أحجام الطلب.
وطالب حمزة خلال حديث له حول واقع وتحديات قطاع التمويل العقاري المحلي في ظل غياب أي تشريعات تنظم سوق الرهن العقاري في السعودية والضوابط المفروضة على الجهات الممولة مثل البنوك بضرورة تطوير أدوات إعادة تمويل الرهن العقاري، خصوصا مع ما يشهده قطاع السندات المالية الإسلامية التي تطرحها الأسواق المالية الإسلامية والإقليمية من تطورات هيكلية وتنظيمية واسعة تمهيدا لتكريسها كإحدى أدوات التمويل المالي، مضيفا أنه يمكن توفير تلك المنتجات عن طريق المؤسسات المصرفية القائمة، التي اعتبرها القناة الأولى التي توفر هذا التمويل بالتجزئة، أو عن طريق تأسيس شركات تمويل متخصصة بشكل أساسي في نشاط التمويل العقاري، مشددا على ضرورة استحداث وتطوير كل الإجراءات الكفيلة بتسهيل عملية رهن الوحدات الصغيرة (الشقق).
وبيّن نجاح السوق السعودية في إبقاء تكلفة التمويل العقاري داخل القطاع متدنية خلال الأعوام الماضية، واستقرار معدلات أسعار الفائدة، لافتا في الوقت نفسه إلى أن مستويات أسعار الفائدة المحلية ما زالت تقتفي أثر أسعار الفائدة في الأسواق العالمية، مؤكدا أن مرحلة قريبة مقبلة سيؤدي فيها اعتماد أسلوب الرهن العقاري إلى الربط بين نشاط القطاع العقاري ومستوى أسعار الوحدات المعروضة مع حركة أسعار الفائدة وهو الإطار المحدد لنشاط القطاع عالميا، والمدعوم بتشريعات عصرية تنظم عمل مؤسسات وشركات تقييم العقار، التي طالب بأن يتم استحداث معايير جديدة لتلك الشركات في المملكة تكفل تحقيق مستويات أعلى من المهنية والاحترافية تحفظ حقوق الأطراف كافة.
وأشار حمزة إلى أن نقص توافر التمويل العقاري في السوق العقارية السعودية قد حرم الاقتصاد الوطني من عوائد مالية كانت ستدعم طفرة اقتصادية كبيرة داخل هيكل الاقتصاد الوطني، وهي العوائد المالية المتمثلة في قيمة النقص القائم حاليا في السوق العقارية السعودية، في شقي التمويل والمعروض، التي لو كانت متاحة مثل هذه الأنواع من التمويل العقاري في السوق العقارية السعودية لاستخدمت في مجالها الصحيح، ولحققت إضافة حقيقية بشكل مباشر بما تمثله من تنمية اقتصادية عامة للبلد وخلق وظائف جديدة وتحرك سوق الأراضي ومواد البناء، ليتحقق كحصيلة متوقعة من ذلك كله تسريع معدلات دوران عجلة الاقتصاد الوطني، المدعومة بقوة من نمو القطاع، وربما كانت هذه الإضافة غير المباشرة لا تقل أهمية أبدا عن الإضافة المباشرة لمثل وجود بيئة السوق التمويلية العقارية.
وأكد حاجة السوق لآلية واضحة تسير عليها كل الأطراف الداخلية في عملية تمويل الرهن العقاري بما يكفل وضوح جميع الإجراءات الكفيلة بتسهيل حصول المواطن على التمويل العقاري، مشيرا إلى أن تطبيق نظام الرهن العقاري الجديد سيسهم في إحداث تطوير كبير في نشاط تمويل قروض الإسكان، كما هو حاصل في البلدان المتقدمة، حيث إن نسبة التمويل السكني في المملكة تبلغ 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تبلغ في ماليزيا 17 في المائة وفي الولايات المتحدة 50 في المائة وفي المملكة المتحدة 72 في المائة.
وعرض حمزة واقع أرقام ومحددات القطاع العقاري في المملكة، مستندا إلى تقرير وكالة الأمم المتحدة للسكان، الذي جاء فيه أن عدد سكان المملكة سيبلغ نحو 37.2 مليون نسمه في عام 2025م، ونحو 49.5 مليون نسمه في عام 2050م، بزيادة قدرها 12.3 مليون نسمه، لافتا إلى أن فئة الشباب تشكل غالبية المجتمع السعودي، نتيجة لارتفاع معدل المواليد خلال الأعوام الثلاثين الماضية، حيث يشكل الشباب دون سن 30 عاما ما نسبته 75 في المائة من إجمالي السكان، ومن هم دون سن 15 عاما نحو 45 في المائة، مؤكدا أن هذه الاعتبارات السكانية تمثل الأساس الذي يستند إليه الطلب المستدام في السوق العقارية، وبالتالي الطلب على خدمات الوحدات السكنية في الأعوام المقبلة خصوصا، حيث يتوقع أن يستمر الطلب على الوحدات السكنية خلال الأعوام المقبلة نتيجة بلوغ عدد كبير من السكان سن الزواج.
وحول أسباب ارتفاع الإيجارات في المملكة أوضح حمزة أن السبب يعود إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية، خصوصا المكاتب في المدن الرئيسية، مشيرا إلى أن الإيجارات كانت قبل الارتفاع الأخير مسيطر عليها لعدد من السنوات حتى أصبحت إلى وقتنا الحالي الأقل مستوى مقارنة بدول الخليج المجاورة، مرجعا تشكل أسباب ارتفاع مستويات إيجارات المساكن على مدار السنة الماضية مع بدء دخول الشباب السعودي سوق العمل وبحثه عن الوظائف والمساكن المقبولة من حيث الإيجار في المدن الرئيسية، حيث قال إن تقديرات تقرير "اقتصاديات السعودية" الصادر أخيرا عن البنك السعودي البريطاني (ساب) اعتبرت أن هناك 45 في المائة من السعوديين يسكنون بالأجرة، يضاف إلى ذلك استمرار الهجرة الداخلية من القرى إلى المدن وإن كان ذلك بمعدل أقل مما كان عليه الحال في السنوات السابقة.
وقدّر حمزة ارتفاع الإيجارات السكنية في المملكة بنسبة 15 في المائة في السنة الماضية، لافتا إلى أن مدينة الرياض قد شهدت أعلى معدلات الزيادة في الإيجارات على مستوى المملكة حيث ارتفعت الإيجارات فيها بأكثر من 20 في المائة، مشيرا إلى أن هذه الزيادات جاءت إلى جانب ارتفاع الطلب كنتيجة لمحدودية مستوى العرض، حيث يتوافر القليل من الوحدات والشقق السكنية الصغيرة ذات السعر المعقول والمنتشرة حول مركز المدينة.
وفيما يخص فئة المجمعات السكنية أكد حمزة ارتفاع إيجارات المجمعات السكنية في المواقع الرئيسية خلال العام الفائت بنسبة 15-20 في المائة، وبنسبة 10-15 في المائة لبقية المناطق. وقد ارتفع الطلب على المجمعات السكنية في الرياض بشكل جعلها دوما ممتلئة أو شبه ممتلئة مقارنة بما كان عليه الحال قبل سنتين حينما كانت المساكن الخالية في المجمعات متوافرة بسهولة، واصفا الأسعار في مدينة جدة بالأكثر انضباطا منها في مدينة الرياض، واعتدالها في المنطقة الشرقية بارتفاع لم يتجاوز 10 في المائة.
وأشار حمزة أنه مع توسع الأعمال التجارية، نجد أن الطلب على العقارات التجارية وخصوصا المكاتب آخذ في الارتفاع، في الوقت الذي تتخوف فيه بعض التقارير الاقتصادية المتخصصة في القطاع العقاري من عدم قدرة السوق على توفير مساحات تجارية جديدة قبل العام 2008م، فيما تشير تقارير ميدانية أخرى إلى ارتفاع متوسط سعر المتر المربع الواحد في طريق الملك فهد في الرياض من 400 ريال في السنة قبل سنة ونصف إلى أكثر من 1400 ريال في الوقت الحالي، أي بزيادة نسبتها 250 في المائة، متوقعا أن يصبح شراء وحدة عقارية أكثر جاذبية من الإيجار.

الأكثر قراءة