"سفيرنا" واحد .. السعودية والإمارات أشقاء السر والعلن
رغم محاولات "الجزيرة القطرية" ونسخها الإلكترونية المتعددة استغلال التسريبات الأخيرة للبريد الإلكتروني الخاص بسفير أبو ظبي في واشنطن بشكل مسيء يتعمد الفتنة والوقيعة بين الدولتين الشقيقتين السعودية والإمارات. إلا أن الحقائق كانت أنصع والمياه أصفى من نيات من أتى على عجل ليصطاد فيها.
والمتفحص لهذه الرسائل بعين الحياد يتأكد أنها لم تكن في حاجة للاختراق أو التسريب فالسياسات الإماراتية المعلنة هي نفسها التي يتم تداولها في المراسلات الدبلوماسية الخاصة من حيث الحرص على أمن المنطقة واستقرارها. مع التأكيد على مجابهة التدخلات الإيرانية ومفاتيحها الإقليمية، مبرزة الدور الخطير الذي تلعبه قطر في هذا الاتجاه.
ولعل هذا تحديدا ما أغضب قطر وجزرها الإعلامية الدعائية لتشعل هجمة مضادة حتى قبل أن يعلن صحافيا عن محتوى هذه التسريبات. لعلم الدوحة الأكيد أن رعايتها للإرهاب وعدم تراجعها عن تمويل الكثير من جماعاته حتى اللحظات الأخيرة من إعلان قمم الرياض لا بد أن يكون مثار نقاش دبلوماسي عالي المستوى.
وإضافة لهموم المنطقة الملتهبة كانت طموحات الشقيقة الكبرى السعودية وتوجهاتها الاستثمارية الجريئة لإنجاح "رؤيتها المستقبلية 2030" جزءا حيويا من مراسلات السفير العتيبة امتثالا لمقولة "خليجنا واحد". فكان الإطراء المنبثق من معرفة حقيقية وتفصيلية بحيثيات هذه الرؤية حاضرا هو أيضا. في انعكاس مباشر لتأثير خلوات العزم السعودية الإماراتية. لتصبح أبو ظبي بكبار مسؤوليها وكذلك الرياض أصحاب رؤية واحدة يستطيع البلدان من خلالها تبصر المستقبل واستشرافه بشكل مشترك.
أما المؤسف في هذا السياق تحديدا والمثير للشفقة في الوقت نفسه. هو محاولة بائسة من قبل الأذرع الإعلامية للدوحة تصوير هذه الجزئيات في الرسائل المسربة على أنها محاولات إماراتية للتحكم بـ "مستقبل" المملكة العربية السعودية. في تجاهل تام لمصطلح الرؤية السعودية المعلنة ومفاهيمها المستقبلية التي يتشاركها البلدان سرا وعلنا. ولكنها عين من لم يجد ماء عكرا ليصطاد فيه كعادته. فعمد إلى تعكير الماء بنفسه.
ويبقى المختصر المفيد حول ما جاء في أشرف تسريب تناولته الجزيرة عبر عقود من تاريخها الفضائحي المسيء. أن هناك تطابقا في الرؤى بين الحكومتين وأن مبادئهما تجاه أوضاع المنطقة ثابتة وغير قابلة للتزييف أو التأويل. فضلا عن توجهات أخوية حقيقية ونيات صادقة تسعى في خدمة الشقيق وإنجاح خططه حتى دون طلب مباشر منه امتثالا لحقيقة يعيشها الأوفياء فقط واقعا لا شعارا: "خليجنا واحد وشعبنا واحد".