حاجة "البحث والتطوير" إلى "العرض"
حاجة "البحث والتطوير" إلى "العرض"
زار الرياض هذا العام المفكر الياباني الدكتور نايوكي تاناكا، رئيس "مركز دراسات السياسات الدولية العامة" في طوكيو. وخلال زيارته هذه ألقى محاضرة حول الاقتصاد الياباني في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. وتحدث في محاضرته عن دور البحث العلمي وتوليد المعارف الجديدة في دعم الاقتصاد والتنمية المستدامة. وفي هذا المجال أورد فكرة مهمة في مجال البحث العلمي والسعي نحو تفعيل الاستفادة من معطياته.
تقول الفكرة إن المُعتاد في مجال البحث العلمي أن نسمع عبارة "البحث والتطوير"، والمختصر المعروف لهذه العبارة هو R&D. ومعنى هذه العبارة هو العمل على "تطوير" معطيات "البحث العلمي" كي تصبح مفيدة وقابلة للتحول إلى مُنتج أو خدمة يهتم بها الآخرون. فهذا الاهتمام يتيح توظيف اليد العاملة من أجل إنتاجها، ويُؤدي إلى تحصيل الأرباح من خلال تسويقها. في هذا الإطار يقول المفكر الياباني إن عبارة "البحث والتطوير" غير كافية، وقد أضاف اليابانيون إليها عنصراً آخر هو "العرض" لتصبح "البحث والعرض والتطوير"، وليصبح المختصر الجديد لها هو RD&D.
والمقصود بـ "العرض" هنا هو تعريف الآخرين بمعطيات البحث العلمي والخروج بها من المختبرات والأوراق العلمية في المجلات المتخصصة وقاعات المحاضرات الأكاديمية، إلى الملأ ليطلع عليها الجميع ويدركوا دورها وأهميتها. فلهذا العرض فائدتان رئيستان. أولاهما مباشرة، وتؤدي إلى تفعيل وتسريع الاستثمار في هذه المعطيات وتشجيع "تطويرها" والاستفادة منها، من خلال التعريف بها وعرضها أمام رجال الأعمال والصناعيين. وثانيهما غير مباشرة، وتؤدي إلى نشر ثقافة توليد المعرفة في المجتمع وتحفيز أبنائه على الإبداع والابتكار، والمنافسة المهنية في هذا الاتجاه. وبالطبع لا تقل الفائدة غير المباشرة هذه عن سابقتها الفائدة المباشرة، إن لم تزد، خصوصاً على المدى البعيد، حيث يتم، مع الزمن، بناء ثقافة الابتكار في المجتمع.
ولعلنا نتساءل هنا عن معطيات أبحاث جامعاتنا، أين هي؟ هناك أبحاث كثيرة ينشرها أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا في مجلات علمية مُتخصصة ومؤتمرات دولية، وذلك في شتى الموضوعات، وفي مُختلف أنحاء العالم. في ذلك تُصبح هذه البحوث معروضة، ولكن ليس على الملأ، بل فقط أمام أكاديميين. وبذلك يستفيد منها هؤلاء في أبحاثهم، ولكن تكون فرص انتقالها إلى التطوير الفعلي محدودة. وإن حدث هذا التطوير، فلبعض الأبحاث المتميزة، حيث تقوم بذلك شركات أجنبية خارجية تستفيد منها وحدها، دون أن يكون لصاحب العلاقة، أو لوطنه، نصيب من هذه الاستفادة؛ وإن كان له من نصيب فهو محدود للغاية.
ولعلي في الأسبوع المقبل أطرح بعض وسائل عرض الأبحاث لدينا.