بعد "المضاربين".."المتشائمون" يدخلون على خط أسعار النفط
بعد "المضاربين".."المتشائمون" يدخلون على خط أسعار النفط
اقتربت أسعار النفط في الفترة الأخيرة من خانة الأرقام الثلاثة أو حاجز المائة دولار للبرميل، وتركزت الأنظار مجددا على دور الإمدادات من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وغابت الأضواء عن التوترات السياسية و"المتغيرات الجيوبوليتكية" و"المضاربين" لتفسير الارتفاع في الأسعار، فيما برز عنصر جديد لينضم إلى المجموعة الأخيرة.
وترددت كلمة "المتشائمين" في إشارة إلى "المؤثرين الفعليين في تحديد الأسعار" من خلال المخاوف بشأن حدوث نقص في المعروض النفطي وسط تأكيدات أكثر من مسؤول رفيع من الدول الأعضاء في (أوبك) بالأرقام أن المنظمة لا تؤثر في أسعار النفط في الأسواق العالمية، وذلك لالتزام المنظمة بـ "ضمان استمرار النمو في الاقتصاد العالمي، ما يجعلها حريصة على ضمان مستوى ملائم من إمدادات النفط، مشيرا إلى أن أداء المملكة ودول الخليج على صعيد الإنتاج ومد الأسواق بحاجتها لم يتأثر بالأزمات التي تعصف بالمنطقة منذ الثمانينيات"، كما أوضح وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي في مؤتمر صحافي في الرياض أمس الأول.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية مطلع الشهر الحالي أن "ارتفاع الطلب على الطاقة مع ضغوط على الإمدادات يدفعان أسعار الطاقة العالمية للارتفاع".
وأضافت الوكالة أن ارتفاع الأسعار لا يؤثر فقط في الطلب ولكن أيضا في اقتصادات الدول المستهلكة لجهة الاستهلاك وأيضا أرباح الشركات.
وعادت الوكالة التي تدافع عن مصالح المستهلكين لتقول في تقرير جديد أمس الأول، إن "هناك مؤشرات قوية تظهر أن الأسعار المرتفعة تؤثر في الطلب"، لتستدرك - بحسب وكالات الأنباء - أنه "من غير المرجح كثيرا أن يؤثر ارتفاع الأسعار في الطلب في الصين والشرق الأوسط المنطقتين اللتين تمثلان ثلثي ارتفاع الطلب العالمي".
وبدوره، دعا عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) أخيرا، إلى تشديد الضوابط في أسواق النفط للحد من استثمارات المضاربين لوقوفها وراء ارتفاع أسعار النفط.
وأضاف قائلا "في الوقت الحالي الصناديق والمضاربون هم الذين يستثمرون في النفط. وأسواق المال تتدخل في سوق النفط". وقال إن هناك حاجة إلى مزيد من الضوابط. وقال البدري إن "ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية هو نتيجة للمضاربة المالية وليس نقص الإمدادات". وقال أمام مؤتمر عن النفط "ليس هناك بالقطع أي نقص في النفط الخام. السوق تحظى بإمدادات وفيرة". وأضاف قائلا "المضاربة وراء ارتفاع النفط الذي أصبح استثمارا ماليا وهذا يؤدي إلى أسعار مبالغ فيها". وقال "السعر المرتفع يمثل مصدر قلق للمستهلكين والمنتجين معا ولا يعود بالفائدة على أحد".
من جانبه، أضاف المهندس النعيمي في مؤتمره الصحافي في الرياض، أن "لدى الدول المصدر للنفط (أوبك) مخزونا كافياً من الإمدادات في المرحلة الراهنة، وليس علينا أن نرتبط بالأخبار غير المتفائلة في هذا الصدد".
وقلل أيضا من "تأثير (أوبك) على أسعار النفط في الأسواق"، مؤكدا أن ذلك "خاضع منذ عام 1986 للعرض والطلب في الأسواق العالمية، وهناك عناصر متنوعة، تسهم في رفع الأسعار، وليس المستهلكون أو المنتجون هم المؤثرين الفعليين في تحديد الأسعار".
وقال الوزير النعيمي موضحا أن "الأخبار المتشائمة التي تصدر أحيانا، تسهم في تذبذب الأسعار وهو ما لا يريده أعضاء المنظمة".
وأضاف مؤكدا "الأسعار اليوم لا تتأثر بالأساسيات، بل بالمتشائمين وهم الذين يتحدثون عن نقص في الإمدادات".
كما أضاف المهندس النعيمي في حوار نشر في العدد الأول من نشرة أخبار قمة (أوبك) التي تصدرها إدارة العلاقات العامة في وزارة البترول والثروة المعدنية، أن "سوء التصور من قبل البعض حول الطاقة الإنتاجية المحدودة والاحتياطيات النفطية العالمية، يفاقم عنصر الخوف في السوق، فيسهم في دفع الأسعار إلى الارتفاع".
وتابع النعيمي في المؤتمر الصحافي"إذاً أنا لا أؤمن بهذه التوترات التي يتحدث عنها المتشائمون" في إشارة إلى ما يسمى "الخبراء" الذين تؤدي تصريحاتهم حول مخاطر حصول نقص في الإمدادات، إلى ارتفاع أسعار الخام.
وأكد النعيمي أن الدول المستهلكة للنفط يمكنها أن تعتمد على (أوبك)، وعلى المملكة التي تعتبر أهم مصدر للنفط في العالم، لمواجهة أي ارتفاع في الطلب. وشدد مجددا على أن الأسعار المرتفعة للخام التي تلامس 100 دولار للبرميل الواحد، لا يمكن أن تفسر بمخاطر حصول نقص في الإمداد.
وقال في هذا السياق "نحن، المملكة السعودية و(أوبك)، أكثر مزود للنفط يمكن الاعتماد عليه".
وأشار النعيمي بالتأكيد إلى أن "المملكة تنتج حاليا تسعة ملايين برميل يوميا بينما قدرتها الإنتاجية تصل إلى 11.3 مليون برميل يوميا، ما يؤمن لها هامش تحرك من 2.3 مليون برميل إضافي في اليوم"، مؤكدا أيضا عزم المملكة "على رفع قدرتها الإنتاجية في غضون شهرين أو ثلاثة بنحو نصف مليون برميل يوميا، وإلى 12.5 مليون برميل يوميا في 2009.
وزاد المهندس النعيمي في مقابلة مع صحيفة "الفايننشيال تايمز" نشرت أمس الأول "أن (أوبك) تراقب السوق عن كثب والمملكة العربية السعودية ستبقي الباب مفتوحا أمام زيادة في الإنتاج" خلال الاجتماع الذي ستعقده (أوبك) في أبو ظبي في الخامس من كانون الأول (ديسمبر)".
وقال للصحيفة "من السابق لأوانه التحدث عن زيادة الإنتاج خلال قمة أبو ظبي لأنه ليس لـ (أوبك) أي علاقة بمستوى أسعار النفط حاليا".
وأضاف "ليس لنا أية مصلحة في تراجع الاقتصاد العالمي" بسبب أسعار النفط، مشددا من جانب آخر على عناصر الاعتمادية والرخاء وحماية كوكب الأرض التي ستركز عليها قمة (أوبك) في الرياض.
وتابع موضحا في مؤتمره الصحافي في الرياض الذي حضره وزير النفط الإكوادوري "نقصد بالاعتمادية أي الأكثر أماناً من بين المزودين بالبترول، والرخاء هو التزامنا بالنمو الاقتصادي للعالم وبالأخص الدول النامية، والحماية نعني بها الالتزام بحماية البيئة من حيث المشاركة في مختلف الاتفاقيات التي تعنى بالتغير المناخي لحماية البيئة".