وفاة الطيار الأمريكي الذي ألقى القنبلة الذرية على هيروشيما

وفاة الطيار الأمريكي الذي ألقى القنبلة الذرية على هيروشيما

" كان اهتمامي الوحيد أن أبذل أفضل ما لدي، حتى نتمكن من إنهاء القتل بأسرع وقت ممكن.".. " إنني فخور بتنفيذ الأمر بنجاح هائل كما حدث ".
" أنام كل ليلة هادئا ولا أشعر بالذنب " ... هذه مقتطفات تعبر عن شخصية بول تيبيس وهو الطيار الأمريكي الذي ألقى القنبلة الذرية الأولى في العالم على مدينة هيروشيما اليابانية والذي توفي أخيرا في منزله في مدينة كولومبوس في ولاية أوهايو عن عمر يناهز 92 عاما .
وبعد الإعلان عن وفاة تيبيس أعرب الناجون اليابانيون من الهجوم على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية عن أسفهم لأن الطيار الأميركي الذي ألقى القنبلة النووية على بلدهم مات دون أن يقدم اعتذاره لهم. ولم يعرب تيبتس عن أسفه على قصف هيروشيما الذي أدى إلى انتهاء الحرب العالمية الثانية ولكن بثمن باهظ حيث قتل 140 ألف شخص على الفور وقتل 80 ألفا آخرين بعد ذلك جراء القصف طبقا لمسؤولين في هيروشيما. وقاد بول تيبتس الطائرة بي-29 المسماة (اينولا جاي) التي ألقت القنبلة الذرية و زنتها 9000 رطل على هيروشيما في السادس من آب (أغسطس) 1945 . وروى بول تيبتس لاحقا "لو كان دانتي معنا على متن الطائرة لكان أصيب بالرعب" وأضاف أن "المدينة التي شاهدناها بوضوح كلي في وضح النهار مغطاة الآن بوصمة رهيبة. لقد اختفى كل شيء تحت هذا الغطاء من الدخان والنار". ولم يكن عمر تيبتس آنذاك سوى 30 عاما وكان برتبة لفتنانت كولونيل في سلاح الجو الأمريكي عندما أقلع بطائرته مع 11 من أفراد الطاقم من قاعدة أمريكية في جزر الماريان. وكان اسم الطائرة "إينولا جاي" وهو اسم والدة بول تيبتس.
وفي السادس من آب (أغسطس) 1945 جرى تحميل القنبلة "ليتل بوي" التي ألقيت على هيروشيما قرابة الساعة 1508. رقي اللفتنانت كولونيل بول تيبتس إلى رتبة جنرال في 1959 وترك الجيش في 1966. كان يعاني مشاكل صحية عدة لكن حالته الصحية تدهورت في الآونة الأخيرة. وصرح تيبتس لصحيفة "كولومبوس ديسباتش" في السادس من آب (أغسطس) 2005، في الذكرى الستين لإلقاء القنبلة: "عندما تلقيت المهمة، علمت أنها ستكون مسألة عاطفية، لقد كانت لدينا أحاسيس، ولكن وجب علينا أن نضعها جانباً، علمنا أنها ستقتل العديد من الناس، ولكن اهتمامي الوحيد كان أن أبذل أفضل ما لدي، حتى نتمكن من إنهاء القتل بأسرع وقت ممكن." ولم يعبر تيبتس، الكولونيل الذي كان في الثلاثين من عمره آنذاك، عن أي شعور بالأسف حيال الدور الذي قام به، وقال إنه كان يؤدي واجبه الوطني والأمر الصواب، كما نقلت "الأسوشيتد برس". وقال في مقابلة أجريت معه عام 1975: "أنا لست فخورا بأني قتلت 80 ألف شخص، ولكني فخور بأنني بدأت من لا شيء وخططت للأمر ونفذته بنجاح هائل كما حدث." وأضاف قائلاً: "ينبغي عليك أن تمعن النظر في الوضع وأن تقيّمه في ذلك الوقت، كنا في حالة حرب... عليك أن تستعمل أي شيء بإمكانك فعله." وأضاف: "أنام هانئاً كل ليلة."
وقال نوري توهي الذي يبلغ من العمر 79 عاما والناجي من القصف على المدينة الواقعة غرب اليابان إن تيبتس لم يعتذر وكانت حجته مثل حجة الحكومة الأميركية بأن القنبلة أنقذت حياة ملايين الأميركيين واليابانيين بإنهائها الحرب. وأعرب توهي الذي يشارك في ترؤس الكونفدرالية اليابانية لضحايا القنبلة ويعيش حاليا في طوكيو عن رغبته في أن يزور تيبتس هيروشيما ليلقي نظرة مباشرة على ما فعله كإنسان، على حد تعبيره. وصرح توهي أن تيبتس كان ينفذ الأوامر كعسكري ولكنه كان يرغب منه في أن يقر بأن القصف كان خطأ ويعتذر لمن قتلهم أو من يعانون من الآثار الجانبية للقصف. وكان توهي يبلغ 17 عاما بعد ثلاثة أيام من القصف وفي اليوم ذاته الذي أسقطت فيه قنبلة نووية ثانية على مدينة ناجازاكي جنوب اليابان. ولم تعتذر الولايات المتحدة إطلاقا عن تلك الهجمات. ورغم أن تيبتس لم يشاهد الكثير من الدمار الذي حل بهيروشيما إلا أنه كان يسير في شوارع ناجازاكي بعد أسابيع من إلقاء القنبلة الثانية.
وطلب تيبتس، الذي كان يعاني من عدة مشاكل صحية وتدهورت حالته منذ شهرين، ألا يتم إجراء جنازة له، كما رفض أن يوضع شاهد لضريحه، خوفاً من أن يصبح موقعاً لمناهضيه للقيام بمظاهراتهم.

الأكثر قراءة