الإفصاح وأهميته للشركات
تتطلع الغالبية العظمى من الشركات، خاصة المدرجة منها في أسواق المال، إلى تحقيق القدر الكافي من المصداقية والشفافية في تعاملاتها ونشاطاتها التشغيلية وغير التشغيلية للأسواق المالية والمستثمرين الحاليين والمتوقعين على حدٍ سواء. وتصبح الحاجة ملحة في حالة الشركات ذات الاستراتيجية التوسعية والتي تطمح إلى اجتذاب رؤوس الأموال والحصول على التمويلات اللازمة لخططها الطموحة من مستثمرين خارجيين ( سواء أفرادا أو مؤسسات). وقد لا يغيب عن الكثير أنه في معظم الأسواق المالية، سواء الناشئة أو المتقدمة، يوجد حاجة كبيرة إلى أن تفصح (الإفصاح غير الإلزامي) الشركات عن عملياتها ونشاطاتها للسوق المالية وللأطراف ذات الصلة( بمن فيهم العامة) وبما يوفر لهم القدر الكافي من القدرة على اتخاذ قراراتهم وفق رؤية واضحة وسليمة. إلا أن التزام الشركات بهذا الإفصاح ومداه يختلف وفق فلسفة الشركة، وتركيبة ملكيتها، ونضجها الإداري والتنظيمي، ومدى حاجتها التمويل من أطراف خارجية (وتكون هذه النقطة أكثر وضوحا في الأسواق المتقدمة).
فيجب ألا يغيب عن أذهاننا أن الشفافية وتوفير قدر جيد من الإفصاح يتطلبان تكلفة إضافية تتكبدها الشركات في سبيل تحري الدقة وتوفر المعلومة المناسبة التي تخدم أكثر من طرف من أصحاب المصالح ومن دون أن يسبب هذا الإفصاح أي لبس أو سوء فهم لأي جهة مما قد يؤثر في الأطراف الأخرى ( كالمستثمرين الحاليين والمحتملين، والممولين والمقترضين...الخ). وتتضح الحاجة إلى الإفصاح في الشركات العامة التي تكون ذات ملكية غير مركزه ( Unconcentrated Ownership) وذلك لحاجة إدارة الشركة إلى التمويل اللازم لتمويل عملياتها وتوسعاتها دون الاعتماد على المصادر الذاتية للملاك كزيادة رأس المال أو التمويل المباشر من الملاك كما هو الحال في الشركات ذات الملكية المركزة ( concentrated Ownership) والتي تمثل الغالبية العظمى في دولنا العربية. وبغض النظر عن الإفصاح الإلزامي الذي يتحتم على الشركات الالتزام به في الأسواق المالية، خاصة في حالات محددة كالطرح الأولي للأسهم (IPOs) وما شابهه، فإن الإفصاح الاختياري (أو الطوعي) يمثل عنصر مهماً وأساسيا في بيان مقدرة الشركة على إدارة شئونها بكل كفاءة واقتدار والموازنة بين جميع الأطراف في الحصول على المعلومة الصحيحة دون تفضيل طرف على آخر. إضافة إلى ذلك، فإن العديد من الأسواق المالية المتقدمة، كسوق الولايات المتحدة الأمريكية تشجع الشركات على توضيح التنبؤات المستقبلية للشركة ومدى روئيتها للمتقبل المنظور لعملياتها، وهو ما تضمنته الفقرة (ب) من المادة السابعة والعشرين من الإفصاح في تقارير مجالس إدارة الشركات وفق لائحة قواعد التسجيل والإدراج الصادر من هيئة السوق المالية السعودية.
إلا أنه ومع المطالبة بزيادة الإفصاح في شركاتنا الوطنية عن عملياتها، وأعمالها، وجميع ماله علاقة بخططها وما يؤثر في تحديد قيمة سهمها، فإنه يجب القول إن الإفصاح للشركات ليس بلا حدود، خاصة في ظل احتدام المنافسة بين غالبية القطاعات والشركات بعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وفتح الحدود التجارية بين العديد من الدول ما يجعل الشركات على محك حقيقي في التعامل مع السوق التنافسية بحذر.