حافلة المستقبل ... مزيج رائع من التصميم الفريد والتكنولوجيا الفائقة
إنها تبدو أشبه بسيارة ليموزين فارهة قادمة من المستقبل، بيد أن وظيفتها الفعلية أكثر شيوعاً من سيارات الليموزين: تعد الحافلة الفائقة نظام نقل ومواصلات مبتكر يخدم العامة ويجري تطويره حالياً في هولندا بمعرفة جامعة دلفت للتكنولوجيا Delft University of Technology. وهي حافلة كهربية مصممة، بحيث تكون لديها القدرة على التحويل بسلاسة شديدة ما بين الطرق العادية و"المسارات الفائقة" التي قد تصل سرعتها عليها إلى 250 كيلومترا في الساعة. وعلى هذا فهذه الحافلة تمثل وسيلة مواصلات بديلة لغيرها من القطارات المغناطيسية باهظة التكلفة. ومن المقرر قيادة الحافلة الفائقة بأسلوب عادي في الطرق، وعندما تبلغ مساراً فائقاً يتولى قائد ذاتي قيادة الحافلة، بحسب دورية Science and Technology Quarterly". وعلى الرغم من أن هذه الحافلة لها طول وعرض حافلة المدينة نفسها، إلا أن ارتفاعها لا يتعدى 1.7 متراً، أو تقريباً ارتفاع السيارات الرياضية نفسها. ويشرح جوريس ميلكيرت Joris Melkert، وهو مدير المشروع، هذه المسألة بقوله "إن مصممي الحافلة تمكنوا من وضع تصميم صغير لها هكذا بواسطة استبعاد الممر المركزي الذي عادة ما نراه في الحافلات الحالية، وهي خاصية تصميمية أثرية تسمح للراكبين بالوقوف منتصبين، بيد أنها أيضاً تضفي على الحافلات التقليدية الشكل الهوائي الحركي لقالب الطوب".
أما الحافلة الفائقة الواطئة في المقابل فتشتمل على باب منفصل لكل من مقاعدها الثلاثين الفردية. والسقف المنخفض وتوظيف مواد خفيفة الوزن في تصنيع الحافلة تكفل قدراً أكبر من السلاسة والانسيابية، وهو ما يتطلب بدوره محركاً كهربياً متواضعاً فحسب، على الرغم من أن المهندسين لم يستقروا بعد ما إذا كانت الحافلة الفائقة سيجري تشغيلها بخلايا الوقود أم بالبطاريات، إلا أن تقديراتهم تفيد بأن الحافلة سيكون لديها القدرة على الوصول من سرعة الصفر إلى 100 كيلومتر في الساعة في 36 ثانية دون مشقة. جدير بالذكر أيضاً أن الأبواب الفردية تتيح ركوباً وترجلاً سريعاً للركاب وهي العملية التي سيستدعي الأمر أن تتم بسرعة إذا كان مقدراً للحافلة الفائقة بأن ترقى لمعايير التحميل والإنزال من الباب للباب: فبدلاً من الوقوف في محطات محددة مسبقاً، ستقل الحافلة الركاب وتنزلهم بناء على الطلبات المرسلة عن طريق الرسائل النصية. وهذه المرونة هي مبدأ أساسي من مبادئ المشروع برمته؛ فمتوسط عمر الحافلة الفائقة الذي يقدر بثلاث سنوات (مقارنة بثلاث عشرة سنة للحافلة الأوروبية العادية) سيسمح أيضاً بإدخال أحدث التقنيات تدريجياً بمجرد ظهورها على الساحة.
وبداية، قد تتضمن هذه التقنيات نظام اقتفاء أثر بالأقمار الصناعية للحفاظ على مسارات الحافلة الفائقة، وأجهزة استشعار لمسح الطريق بحثاً عن العقبات التي قد تعترض سبيل الحافلة، ويصل مدى هذه الأجهزة إلى 300 متر، ونظام تعليق ذكي يتذكر الأماكن الوعرة في الطريق. جدير بالذكر أن الحافلات الفائقة الخاصة أيضاً ستمثل أرضاً خصبة للاختبارات التقنية، وتخزين الطاقة الشمسية في الصيف واستخدامها في الشتاء لتسخين الحارات ومنع تكون الثلوج عليها وتشققها.
ومن الملائم أن القدر الأكبر من التكنولوجيا يأتي من جامعة "دلفت" نفسها التي تحتضن بين جدرانها أضخم أقسام هندسة الفضاء الجوي في العالم أجمع. يقع المركز الرئيسي لوكالة الفضاء الأوروبية بالقرب من مدينة نوردفيك Noordwijk. وقام قسم التصميم الصناعي التابع للجامعة بإعداد المخطط المبدئي للنموذج الأولي للحافلة والذي يشبه الهاتف المحمول الخفاشي Batmobile؛ وقد شاركت كبيرة مصممي المشروع أنتونيا تيرزي Antonia Terzi سابقاً في تصميم سيارات سباق Formula 1 لفيراري ووليامز بي. إم. دبليو. يشار إلى أن بعض المتشككين المعارضين تعللوا بأن توقف الحافلة كثيراً من شأنه الحد من ميزة السرعة التي تتفوق بها على غيرها من الحافلات، والبعض الآخر يشكك في حاجة البنية التحتية إلى النقل والمواصلات المعقدة بالفعل في هولندا إلى إضافة جديدة. وعلاوة على ذلك، فإن الحافلة الفائقة لا وجود لها حتى الآن، في حين أن القطارات المغناطيسية تعمل بنجاح وكفاءة في شنغهاي.
إن مستقبل هذا المشروع غامض. فمساره المقرر، وهو وصلة نقل تربط بين أمستردام ومدينة جرونيجن الشمالية، أزيل أخيرا من قبل الحكومة الهولندية (على الرغم من أن الحافلة الفائقة عدت أكثر المشاريع الجاري بحثها عملية، ومن بين هذه المشاريع أيضاً القطار المغناطيسي). وعلى الرغم من النكسة التي شهدها هذا المشروع، إلا أنه منذ ذلك الحين تلقى تمويلاً حكومياً إضافياً بلغ سبعة ملايين يورو (تسعة ملايين دولار أمريكي)، إضافة إلى مليون يورو من شركة Connexxion للحافلات المحلية. وتفيد الخطة الأخيرة لفريق عمل مشروع الحافلة الفائقة بإماطة اللثام عن نموذج أولي كامل جاهز للتشغيل من المقرر تدشينه في أولمبياد بكين 2008. ولو وضعنا في الاعتبار المزيج الذي تتمتع به هذه الحافلة من انبعاثات منخفضة، وسرعة فائقة، وتصميم أنيق، فقد يثبت أنه جدير بأن نترقبه.