جمعية المعلمين .. خيار تربوي ألم يحن وقته؟!

جمعية المعلمين .. خيار تربوي ألم يحن وقته؟!

يظل ملف التعليم بجميع قضاياه ملفا ساخنا كثيرا ما أثير في الآونة الأخيرة، فمن معلم يستأسد على حمل وديع، إلى طالب يضرب أباه المعلم، ويُعمل في زجاج سيارته ما استطاع.
ومن أسئلة اختبار تتسبب بتنوعها في رسوب كثيرين، إلى تدخل مشايخ قرية لحل إحدى المشكلات بإعطاء الطلاب جميعهم 98 في المائة، ومن الغشاشين وغير المقتنعين بمهنتهم إلى المطالبين والمنددين وهلم جرا، ومع ذلك يأبى المبدعون إلا أن تكون لهم وقفة، ولكن للأسف لم يسمع بهم إلا القليل.
المعلمون في حاجة إلى كيان يلم شملهم، يبلور رؤاهم، يتبنى أفكارهم ويحل قضاياهم في إطار الزمالة الحقة وتبادل الخبرات، ولن يتحقق ذلك إلا بتأسيس هيئة أو جمعية خاصة بالمعلمين السعوديين على غرار العديد من دول العالم المتقدم وغيره.
فكم من معلم لدينا في التعليم نثر إبداعه داخل فصله القصي في ذلك المبنى "المستأجر"، مفيدا طلابه دونما أن يستفيد من تجربته زملاؤه!
وكم من مرشد طلابي حل معضلات كبيرة، عجز عتاة المربين والتربويين عن حلها، دون أن يعلم به أحد!
وكم رائد نشاط أسهم في تنمية مواهب الطلاب، وصقل شخصياتهم، فساروا على درب الإبداع والتجديد والتميز! وكم .. وكم .. إلخ.
هل عرفتم أن الكثير من مديري المدارس يعرف المبدعين من معلميه من غير أن يروج لهم، ولا حول ولا قوة له في ذلك، سوى من قرطاس شكر وقلم جميل ينتظره هذا المبدع في حفل التكريم كل عام؟ مع الأمنيات بألا يعكر طلاب المدارس الأخرى صفو حفل نهاية العام بدخولهم المدرسة في غفلة من الحارس.. ويتحول الحفل ـ في بعض الأحيان ـ إلى مأساة، وإذا نجح الحارس في منعهم لم تسلم سيارات المعلمين، وهكذا دواليك تتكرر الأشياء نفسها كل عام.
إن المعلمين المبدعين منهم والآخرين، المخضرمين أو الجدد، حين يجتمعون تحت قبة هذه الجمعية، ويظللهم سقفها سيتجاذبون شجون التعليم وهمومه ويتابعون مسؤولياته دون تدخل من أحد (أولياء أمور، أصدقاء، صحافة، متطفلون، منتديات،...إلخ) وهذا لا شك سيكون حافزا لهم لتشجيع بعضهم بعضا، ويستفيد كل مما عند الآخر، طارحين بذلك رؤاهم عارضين تجاربهم، متواصلين مع غيرهم من جمعيات وفئات المجتمع المدني، ليسهموا في بناء هذا المجتمع الذين هم فيه الأساس لا غرو في ذلك، إضافة إلى تبادل الخبرات، بل التنافس فيما بينهم، والمحصلة في النهاية تصب في خدمة التعليم، ولك أن تتخيل أن من بين 380 ألف معلم ومعلمة سيتم تداول 100 ألف فكرة أو تجربة بالطرح والتنقيح لتخرج في النهاية بشكل تجربة ثرية يستفيد منها المعلمون في حياتهم العملية، ولا نغفل دور الإعلام التربوي وغيره والذي سيكون إنشاء مثل هذه الجمعية دافعا وأداة فاعلة للتواصل بين المعلمين وبقية أطراف المجتمع, خصوصا أن المعلمين ليس لديهم منبر أو صوت إعلامي مسموع.
نتابع باهتمام ما يتردد، أو يطرح حول نية الوزارة إقامة جمعية أو نقابة للمعلمين وذلك على لسان وزيري التربية والتعليم السابق والحالي، وما زال الموضوع قيد الدراسة، وما زالت كلمة "قريبا" ترن في أذهاننا، وكأن بالـ "قريبا" هذه صارت شبيهة بـ "تحت الدراسة" و"قيد الطرح" و"في مراحلها النهائية" وهلم جرا من "التسويف" المفقد للأمل في حصول شيء.
نقدر جهد وزارتنا وجهود القائمين عليها، ولكننا ندرك أيضا أننا ندخل عصرا جديدا، وما تطوير المناهج وتدريب المعلمين وخطط التعليم الجديدة إلا دليل ذلك، أليس من الأجدى أن ترى هذه الجمعية (أو النقابة) النور "الآن"، فكما نجحنا في إنشاء هيئات للمهندسين وللصحافيين والأطباء والمتقاعدين، ألم يحن الوقت بعد لهيئة المعلمين؟!
التعليم ركيزة البناء والنهضة والتطور لأي شعب أو بلد من بلدان العالم، وفي الدول المتقدمة يكون القرار من أسفل الهرم من المعلم نفسه ليشبع بعد ذلك دراسة وتحليلا ويصدر في النهاية في شكل قرار أو نظام أو قانون، وليس العكس كما عندنا بالتعاميم الشهيرة، فكلما اهتممنا بالمعلم ورمنا تطويره وتحسين البيئة له ليبدع ومحاسبته إذا أخطأ زدنا من كفاءة مخرجات التعليم ما سينعكس على نهضة البلاد والعباد.

الأكثر قراءة