"رسائل في اتجاهين"... تجسد هيئات إنسانية خالية من ملامح تمثيلية
سيطرت الروح السريالية على لوحات الفنان التشكيلي ناصر التركي في معرضه "رسائل في اتجاهين" وبرزت كتل لونية وخطوط وألوان متباينة متضادة ومنسجمة أحيانا ويقول الفنان التركي عن فكرة المعرض إنها مبنية على المتناقضات فالحياة مليئة بالمتناقضات وعلاقة الإنسان بالكون لا تخلو منها فهناك جنة ونار حساب وعقاب خير وشر حب وكره وغيرها الكثير ويضيف قائلا يستطيع الزائر أن يرى ذلك من خلال التباين بين الألوان التي تتحرك داخل العمل التشكيلي وعن السبب في وجود المرأة كعنصر أساسي في كثير من اللوحات أجاب بقوله: المرأة أكثر تعبيرا من الرجل في حركاتها وكلامها ولبسها، وفي اللوحات أعبر عن ذلك بالحركة واللون وتستطيع أن ترى الانفعالات على المرأة بصورة أوضح من الرجل وحول تجربة التركي يقول الفنان عبد الرحمن السليمان: ناصر التركي يسعى في الواقع لتأكيد صيغة فنية خاصة وهي محاولة يتجه لتحقيقها عدد من الفنانين الشباب وفق تجريب على الأشكال وتكنيك الألوان وبمعالجات مختلفة متنوعة فالأعمال، أو أغلبها، قد لا يغيب عنها أثر رمزي أو تأثير سريالي وهو تأثير يبدو لي من قربه إلى بعض الفنانين وبالتالي تأثير أعمالهم فيه، أو من جانب آخر هاجسه للتعبير عن قضايا لا تتحقق بالنسبة له إلا من خلال هذه الصيغ. كما يرى الدكتور عادل ثروت أن التركي اعتمد في تشكيل بنية أعماله الفنية على الوحدة العضوية بين الشكل والأرضية من خلال التداخل فيما بين المساحات ذات الطابع العضوي حيث تنبثق الأشكال من الأرضية تارة وتنبثق الأرضية من الأشكال تارة أخرى، ليخلو العمل من أي دلالات مكانية ظاهرة، بل كأثر اقتراضي نطلق عليه الحضور الغائب للمكان. كما أن مفردات العمل الفني تظهر مجتمعة ومتفرقة ــ مندفعة ــ ساكنة منتظرة ــ صامتة ــ صارخة ــ متأملة ــ متوجسة... هذه الحالات الشعورية تجسدها هيئات إنسانية تخلو من أي ملامح تمثيلية، ولكن هذا المضمون الانفعالي الشديد جسدته تلك الإيماءات والحركات وتوترات السطوح التي تشكلت من تلك الهيئات ذات الملمح البشري حيث تعبر أوضاعها الحركية عن كل تلك الحالات الشعورية التي يحملها مضمون العمل الفني. كما يقول الدكتور أحمد عبد الكريم الفنان ناصر التركي يتناول في رسائله المعروضة أمامنا رسائل ذات اتجاهات متنوعة ورؤية مستقبلية فلسفية خاصة به نحو الكون والحياة اليومية بما فيها من تباين شديد اللهجة ويظهر ذلك في اختياره لمجموعة لونية درامية بين الأزرق والأصفر والأحمر في هالات توحي بالأطياف الإنسانية وتتخذ حالات من السباحة في الفضاء وانعدام الجاذبية الأرضية وعدم السيطرة على الأطياف اللونية الراصدة لمشاعر وأحاسيس الفنان.
ومن جانب أخر ترى الفنانة التشكيلية سهى الزيد في تجربة ناصر التركي جرأة في العرض حيث نرى ألوانا فيها البساطة والصراحة وفي الوقت نفسه تبعث في النفس البهجة والأمل كما يلاحظ الزائر وجود المرأة بكثرة في لوحاته فهي حاضرة دائما وإن لم تكن بصورة واضحة ولكنه تناولها بنوع من الشفافية والإيحاءات التي تعكسها تلك الخطوط.