نظام التأمينات.. وحق العامل المصاب في التعويض والرعاية الطبية
عندما يصاب العامل في أثناء عمله تدور الأسئلة في أذهان أقاربه عن مدى إمكانية عودته إلى العمل مرة أخرى، وحجم التعويض والرعاية الطبية اللذين سيحصل عليهما، وفي ظل تلك الأوضاع تتداخل المفاهيم. "الاقتصادية" حاورت أهل الاختصاص في المسألة وطالبت الدكتورشويمي آل فويز، رئيس الشعبة الطبية والتأهيل والسلامة بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بتوضيح الآلية التي تحكم عمل اللجنة الطبية في المؤسسة.
الدكتور شويمي آل فويز أوضح لنا خلال لقائنا به الآلية التي يجب اتباعها بحسب نظام التأمينات واللوائح الصادرة بهذا الشأن، وذلك حتى لا تقع أخطاء قد تؤدي إلى حرمان المصاب من حقه في التعويض أو الرعاية الطبية التي تكفلت بها التأمينات لمشتركيها.
وهذه الآلية توضح الخطوات التي يجب التقيد بها منذ حدوث الإصابة حتى الحصول على التعويض أو الرعاية الطبية اللازمة وشفاء المصاب، وتبدأ هذه الخطوات بالإبلاغ عن إصابة العمل، وذلك بتحرير النموذج رقم (10 أخطار) بصورة واضحة ومفصلة ومختومة وموقعة الأصل والصورة، وتقديمها إلى جهة العلاج المخصصة للمنشأة التي وقعت لديها الإصابة من قبل مكتب التأمينات الاجتماعية مع المصاب، أو لأقرب مكتب للتأمينات بالنسبة لموقع حدوث الإصابة، وذلك خلال ثلاثة أيام من تاريخ وقوع الإصابة أو العلم بها، وأضاف الدكتور شويمي أن هذه المهلة منحها النظام تقديرًا للظروف الإنسانية التي يمر بها المصاب، وحفظًا لحقوقه.
نفقات العلاج
وتبرز أهمية النماذج باعتبارها الوسيلة الرئيسة التي تبلغ جهة العلاج من خلالها بالإصابة ومسبباتها حتى يتسنى للمشرفين على علاج الإصابة معرفة ملابساتها، وبالتالي العمل على علاجها بالشكل المطلوب، وتتكفل المؤسسة بنفقات العلاج وإجازات المريض حتى يتم شفاؤه، ثم ترسل التقارير الطبية مع نموذج (10 أخطار) إلى مكتب التأمينات التابع له المصاب، وتعرض هذه التقارير على اللجنة الطبية الابتدائية في المكتب والتي تقرر على ضوئها مدى شفاء المصاب وتأثير الإصابة عليه، وفي حال خلفت الإصابة عجزًا مهنيًا يتم عرض المصاب على اللجنة الطبية الابتدائية بالمكتب، وهي تقرر بدورها نسبة العجز الذي خلفته الإصابة استنادًا إلى جدول نسب العجز والصادر بموجب قرار مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية رقم 746 وتاريخ 9/7/1422هـ، ثم يتم تعويضه بناء على هذه النسبة، ويحق للمشترك الاعتراض على مقدار نسبة العجز الممنوحة له وذلك خلال ثلاثة أسابيع من قرار اللجنة، وفي جميع الأحوال يرفع التقرير إلى الإدارة العامة للحقوق التأمينية في المركز الرئيس والتي بدورها تؤيد هذه النسبة أو ترفضها، ثم تحال التقارير التي يكون عليها اعتراض إلى اللجنة الاستئنافية والتي تعقد للفصل في هذه القضايا ويكون قرارها نهائيًا. وعقّب الدكتور شويمي على المهلة الممنوحة للمصاب وحقه في الاعتراض على قرار اللجنة حيث قال إن هذا حق للمصاب نص عليه النظام في المؤسسة مراعاة لحقوقه.
ووفقًا للمادة 53 من النظام تشكل اللجنة الطبية الابتدائية من طبيبين على الأقل، على أن يكون من بينهم طبيب واحد يمثل المؤسسة. فيما تشكل اللجنة الطبية الاستئنافية في المركز الرئيس للمؤسسة من ثلاثة أطباء على الأقل من خارج المؤسسة والتي يكون لأطبائها حق الفصل في الاعتراض لضمان الحيادية التامة.
إشكاليات
ووفقًا للدكتور شويمي فمن الممكن أن يصاب المشترك السعودي بإصابة غير مهنية (أي ليس لها علاقة بالعمل أو لا ينطبق عليها نص المادة 27 من نظام التأمينات) وبحسب ما نصت عليه اللوائح التنفيذية لنظام التأمينات فإنه إذا كانت هذه الإصابة تمنعه من كسب ثلث أجره أو من الاستمرار في عمله فإنه يحق له في هذه الحالة التقدم إلى اللجان الطبية بالمكتب الذي يتبعه المشترك، والتي تقرر بدورها مدى عجزه عن العمل، وأيضًا يحق للمشترك أو المؤسسة الاعتراض على قرار اللجنة سواء على عجزه أو عدمه، أو على أحقيته لمعونة الغير والتي تمنحها المؤسسة للمشترك الذي هو بحاجة إلى من يعينه على قضاء حاجاته الضرورية اليومية.
وإجمالا تتولى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الإنفاق على التقارير والفحوصات الطبية التي تجرى للعامل المصاب، كما تتكفل بتكملة ملفه الطبي ليُعرض به على اللجنة الطبية لحفظ حقوقه والتسهيل عليه وتجنيبه الإجراءات المعقدة والروتينية.
وفيما يتعلق بطاقم العمل في اللجنة الطبية فإن الأمر يتوقف على حجم المنشآت بالمكتب ومدى حاجتها إلى عدد كبير أو قليل من الأطباء، ولكن بين فترة وأخرى يخضع وضع المكاتب ولجانها الطبية للتقييم لزيادة عدد الأطباء الذين يشترط وجودهم ضمن اللجان الطبية الابتدائية الموكل إليها تحديد مدى الإصابة وحجمها.
لكل قاعدة استثناء
وبالطبع لا يخلو عمل اللجان الطبية من مشكلات تكمن بشكل أساس في تصرفات بعض المشتركين؛ فقد يصاب عامل لكنه لا يذهب إلى المستشفى إلا بعد يوم أو اثنين من الإصابة فتتفاقم حالته، ويتعرض لأشياء كان يمكن تداركها بمشيئة الله بالعلاج في وقته. وأحيانًا يذهب المصاب إلى المستشفى وليس معه نموذج «10»، ورغم المدة الممنوحة له من قبل المؤسسة بإحضار النموذج خلال ثلاثة أيام فإن هناك من لا يلتزم بإحضاره، أيضًا قد يلجأ بعضهم إلى التحايل على النظام بادعاء الإصابة التي ربما يتعرض لها خارج مكان العمل بأنها وقعت له خلال العمل وبسبب العمل. لكن كل ما سبق يعد استثناء للقاعدة. كما أن الأمر يحكمه - كما يؤكد الدكتورشويمي - اعتبارات عدة، فالمؤسسة لديها طاقم من المحققين يبحثون في الإصابات التي ترد من تلك النوعية. وإن كان الأمر يحتاج إلى كثير من التثقيف الصحي والتقيد بنظام التأمينات الاجتماعية واللوائح المنظمة له.
أما عن أصحاب العمل فإنهم متجاوبون مع اللجان الطبية إلى حد بعيد كونهم يرون أن تعاونهم مع اللجان يخدمهم ويجنب عمالهم خطر الدخول في متاهات صحية لا تسر نتيجتها المؤسسة ولا العامل المصاب.
تميز سعودي
وبقراءة مختصرة لوضع اللجان الطبية يُلاحظ أنه خلال السنوات العشر الماضية حرصت المؤسسة وفقًا لـما قاله الدكتورشويمي على استقطاب الأطباء السعوديين المميزين وإعطائهم المميزات نفسها التي كانوا يتمتعون بها قبل انضمامهم إلى المؤسسة، كما حرصت على تنظيم برنامج جديد يُعرف بطب الصناعات أو الطب المهني يختص بالأمراض الوظيفية والإصابات الناتجة منها حتى يمكنهم الوقوف والتعامل مع التخصصات الجديدة في مجال التأمينات وإصابات العمال. وهي برامج تمتاز بجرعة تثقيفية عالية، وتطمح إلى تكوين فريق طبي مميز في الإصابات الوظيفية أو المهنية أو الصحة الصناعية. وبشكل مستمر يخضع أطباء المؤسسة لدورات مستمرة في هذا المجال الحديث. ويتوقع لهم أن يسهموا في الحد من الإصابات المهنية من خلال التثقيف الصحي الذي يصدرونه إلى العمال بطريقة غير مباشرة في أثناء الإشراف على علاجهم.