رمل الجهل
رمل الجهل
"والخوف قبل الموت موت اعتباري"، هذا الشطر من هذه القصيدة طويلة الجمال وشاسعته، شطرٌ يُقرأ على جانبين جميلين، وهذه ميزة الشعر الحقيقي، فتارةً تقرأه على أن الشاعر يخاف أن يموت اعتباره قبل أن يصله الموت وهذا معنى رائع في الاعتداد بالنفس حتى وإن كان الخصيم الموت، وتارةً تقرأه على أنه يعني أن الخوف موتٌ اعتباريٌّ يسبق الموت الحقيقي، وهذا المعنى أكثر انسجاماً وأبعد جمالاً، والقصيدة من مشرقها إلى مشرقها قصيدةٌ محرضة على كل جميل، سعدنا بها في "بالمحكي" فزففناه لذوائقتكم.
نجم السعد ساري على موعد أفراح
ينسى به القلب الصغير الطواري
يغيب عن دنيا التعاسه والاتراح
في هدوج الفرحه مع الليل ساري
مرتاح لو مافيه بالقوت مرتاح
يمشي على درب الهوان اختياري
يمشي على رمل الجهل مشي الاشباح
ويضحك على ناس تقص الاثاري
يسكن كهف لص للارقاب سفاح
وان قلت له هذا الخبر قال داري
يجوز تشبيهه جنازه وجراح
ومن مات في طوعه يسمى انتحاري
طير دعوه ولوحوا له بملواح
غره مع الصقار ريش الحباري
ما يروي الظامي سراب بصحصاح
حث الذلول ولا وصل له محاري
هاج المحيط وعاند الموج سباح
والسفن طاعت للهبايب اجباري
لا تجهر التجريح صاحبك لماح
استغفر الله له قرينٍ امباري
ان ما كفى التلميح ما لازم إيضاح
فك الرموز المبهمة عند قاري
ضريبة الشهره سكاكين ورماح
مثل البضاعة بين بايع وشاري
سيف الشماته والمشاريه ذباح
وطعن الكلام الشين مثل الشباري
متاك ياهمي عن القلب تنزاح
عليك ابا أعلن هجمتي وانتصاري
لي بالأمل نبراس مسرى ومصباح
سيف الأمل يطعن نحور الغداري
لو حاولوا ما يجتمع ضحك وصياح
للود وجه وللعداوه مواري
الغيض لو يخفيه بالوجه فضاح
وردي ظنونه بدله بالحذاري
أيام خوف وياصل الخوف الأرواح
والخوف قبل الموت موت اعتباري
من جاد حظه وسّطه سوق الأرباح
وقال الغشيم فلان مخه تجاري
ما يدري أن الحظ للكنز مفتاح
يستر كثير الناس لو كان عاري