محللون: شركات الخدمات المالية تعزز الاستقلالية والشفافية في سوق الأسهم السعودية
تواجه سوق الوساطة المالية في السعودية بطئا في تفعيل الآليات التي تحتم منع البنوك المحلية من ممارسة التداول, التي لا تزال تمارس عمليات التداول على الرغم من صدور قرارات المنع, ودخولها عن طريق شركات وساطة ذات استقلالية إدارية.
ويرى محللون ماليون ومراقبون مصرفيون أن البنوك لا تزال تمارس دور الوساطة المالية رغم قرارات الجهات المسؤولة عن سوق المال, مرجعين ذلك إلى المرونة التي يحملها القرار كونه لم يصدر بشكل إلزامي بطريقة مباشرة لمنع البنوك من ممارسة دور الوساطة, خاصة أن 90 في المائة من تلك البنوك حصل على ترخيص مزاولة نشاط الوساطة عن طريق تأسيس شركات خاصة مستقلة للنشاط ذاته وهو الأمر الذي يحتم بحسب آراء المراقبين إصدار قرار يلزم البنوك بعدم ممارسة النشاط بطريقة مباشرة.
وأضاف المحللون أن سوق الوساطة بحاجة إلى الإسراع في تفعيل دور الشركات لانعكاس ذلك إيجابيا على السوق, إذ إن الملاحظ ان هيئة سوق المال رخصت خلال العام الماضي لأكثر من 41 شركة, إلا أن هذه الشركات لم تظهر بالشكل المطلوب في السوق ومن المؤمل أن تسارع في الظهور أمام المستثمرين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها.
من جانبه، قال محمد حسن النفيعي رئيس مجلس إدارة مجموعة النفيعي للاستثمار والاستشارات المالية إن شركات الوساطة المالية بما تضمه من خبرات علمية وعملية سواء من ناحية التداول أو تقنية المعلومات أو القدرة على تقييم البيانات المالية والفنية والمعطيات الاقتصادية ترتبط بأسواق المال, حيث تمثل هذه الشركات إضافة حقيقية لسوق المال وتزيد من طبيعة وشكل التداولات بزيادة المستثمرين لوضوح رؤية الاستثمار لديهم بشكل علمي من خلال الخبرات التي تمتلكها الشركات.
وأضاف النفيعي أن توافر الخبرات لدى شركات إدارة الاستثمار والمرخصة بشكل نظامي يعطي بعدا أكثر للثقة بالاستثمارات بعيدا عن المغامرات الاستثمارية, وهو الأمر الذي يمنح ثقة أكبر في السوق المالية ككل ويساعد على تدفق السيولة مرة أخرى للسوق, ولكن بشكل منظم وعملي مما يحقق الاستقرار الأمثل لسوق المال ويساعد على تنامي السوق.
وأوضح أن شركات الوساطة المالية تساعد على تحقيق زيادة فاعلة في حجم التداولات وقيمتها مع زيادة عدد المستثمرين تزامن مع ارتفاع معدل الثقة بالاستثمار طويل الأجل وهو ما افتقدته السوق السعودية خلال الفترة الأخيرة, وشركات الوساطة سيكون لها دور حيوي وفاعل في نجاح تداول الشركات الجديدة وزيادة عمق السوق بتوفير التغطية اللازمة لشركات الإصدار الجديد من المستثمرين المتعاملين معها ووضوح القيمة الحقيقية والتوقعات المستقبلية.
فيما أشار فضل سعد البوعينين المحلل المالي إلى أن دخول شركات الوساطة المالية سيمنح السوق نوعا من الاستقلالية والشفافية, وعدم تعارض المصالح الذي بناء عليه تم إصدار قرار فصل البنوك عن التداول, إضافة إلى أن السوق تتطلع إلى أن تحدث هذه الشركات تطويرا جذريا في آليات التداول وتمارس دور صانع السوق وتحوله من الصور الفردية إلى الاستثمار المؤسساتي الذي تعتمد عليه الأسواق العالمية, مشيرا إلى أن الترخيص لمكاتب الوساطة المالية يشكل رافدا مهما في بناء البورصة السعودية لممارسة نشاط الوساطة المالية كوكيل في أعمال الأوراق المالية ومن ضمنها الترتيب، والتعهد بالتغطية والإدارة والحفظ وتقديم المشورة في السوق السعودية.
وبّين البوعينين أن دخول شركات الوساطة المالية سيوسع من دائرة السوق ويحقق عنصر المنافسة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على الأداء والأسعار وكفاءة الاستشارات المالية وسيساعد كثيرا على نقل الخبرات العالمية إلى السوق المحلية من خلال شراكة البنوك الأجنبية، وسيمهد لقيام البورصة السعودية ككيان مستقل يمثل الواجهة الحضارية للقطاع المالي في المملكة.
من جانبه، قال الدكتور أسعد جوهر أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة إن الوساطة المالية ستحدث نقلة نوعية في الاستثمار في سوق الأسهم, كونها تمثل جزءاً من أساسيات سوق الأسهم على المستوى العالمي ما سيؤدي إلى تحقيق نقلة لسوق الأسهم وسيتم على إثرها إيجاد أجهزة جديدة تتعامل مع السوق وهذه الأجهزة ستؤكد استقلالية السوق. وإحداث نقلة في نوعية الاستثمار وحجم الاستثمارات، الأمر الذي يساعد على استقرار الاقتصاد المحلي. مشيرا إلى أن تأسيس شركات الوساطة المالية خطوة مهمة وضرورية ستمهد الطريق أمام خروج البنوك من تقديم هذه الخدمة خصوصا أن مكاتب الوساطة المالية من الأدوات الرئيسية المحركة في أسواق الأسهم على المستوى العالمي.
ووفقا لإحصائيات رسمية فإن البنوك السعودية حققت إيرادات من وساطة الأسهم راوحت بين 9 و10.5 مليار ريال (2.4 و2.8 مليار دولار). وتعد تلك الإيرادات مصدر جذب لشركات الوساطة لاستقطاع جزء من الكعكة التي تنفرد بها حاليا البنوك. ووفقا لنظام هيئة السوق المالية، فإن جميع وحدات الوساطة المالية الحالية التابعة للبنوك ستتوقف عن مزاولة هذا النشاط خلال العام المقبل، حيث منحت البنوك مهلة عامين لتأسيس شركات وساط منفصلة ومستقلة عنها إداريا وتنظيميا وماليا للراغبة في استمرار مزاولة نشاط الوساطة المالية.
وكانت البنوك تقوم بدور الوساطة في سوق الأسهم خالطة بذلك أدوارها التجارية بالاستثمارية ما جعلها عرضة للانتقادات ورغم هذا فإنها تقوم بدور فعال وحيوي لملء مرحلة مهمة من مراحل التدرج نحو تأسيس البورصة السعودية بشكلها النهائي.
وخلال السنوات الماضية حققت البنوك نجاحا في تسيير البورصة الإلكترونية وتنفيذ عمليات الوساطة في السوقين الأولية والثانوية على حد سواء ولم تخل تلك السنوات من بعض القصور الذي كان نتيجة حتمية للنمو الكبير الذي شهدته سوق الأسهم.