تنمية تمويل الأفراد في صفقة بنك الجزيرة و" الوطنية للتقسيط "

تنمية تمويل الأفراد في صفقة بنك الجزيرة و" الوطنية للتقسيط "

[email protected]

كما هو معلوم أنه سبق أن أعلنت هيئة السوق المالية عبر موقعها الإلكتروني عن بدء المحادثات بين بنك الجزيرة والشركة الوطنية للتقسيط، وهو كما جاء في موقع تداول: "أعلن كل من بنك الجزيرة والشركة والوطنية للتقسيط البدء في مباحثات ثنائية يتم من خلالها مناقشة تملك بنك الجزيرة نسبة 51 في المائة من رأس المال المصرح للشركة الوطنية للتقسيط، ويبلغ رأسمال الشركة الحالي 100 مليون ريال سعودي، وذلك على شكل زيادة رأسمال الشركة الوطنية للتقسيط. وأكد الأستاذ طه بن عبد الله القويز رئيس مجلس إدارة بنك الجزيرة أن البنك يتطلع إلى تكوين تعاون ناجح في قطاع تمويل الأفراد من أجل التوسع في هذا القطاع الذي يعد من أولويات استراتيجية الخدمات المصرفية للأفراد المتوافقة مع الشريعة، والتي تتماشى مع خطط البنك الرامية إلى تنويع قنوات الدخل. من جانبه رحّب الأستاذ يوسف الحمدان رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للتقسيط بهذه الشراكة المتميزة مع بنك الجزيرة التي تهدف إلى خلق كيان كبير لخدمة قطاع الأفراد في المملكة، كما سيمكن من تحقيق عوائد أكبر للمساهمين".
قبل الدخول في الموضوع لا بد أن نشير إلى أن بنك الجزيرة يعد أصغر بنك محلي من جهة رأس المال، إذ إن رأسمال البنك لا يتجاوز المليارين وربع 2.250 مليار، مع العلم أن البنك يصنف ضمن البنوك التي تلتزم في أعمالها بضوابط الشريعة.
يبقى لنا أن نتساءل عن سبب رغبة بنك الجزيرة والشركة الوطنية للتقسيط لإتمام الصفقة، والنتائج التي قد تتحقق لكلا الطرفين. من المعلوم أن بنك الجزيرة و"الوطنية للتقسيط" يمكن أن يقال إن بينهما قواسم مشتركة، وهو العمل في قطاع التمويل.
بالنسبة لبنك الجزيرة نجد أن السيولة الهائلة التي تتمتع بها السوق المحلية ونشأة عدد من البنوك المحلية حديثا مثل بنك البلاد، وبنوك في طور الإنشاء مثل بنك الإنماء، إضافة إلى تسابق البنوك المحلية لزيادة رؤوس أموالها ساهم بشكل كبير في زيادة حدة التنافس في السوق، وأصبح حصول الشركات والأفراد على تمويل أسهل بكثير مما مضى، وأقل تكلفة، ولذلك كان لا بد أن يكون هناك بحث عن منافذ من الممكن أن تحقق عوائد جيدة، ويكون فيها متنفس للسيولة التي يتمتع بها البنك، وهذا يمكن أن يكون أحد أسباب رغبة بنك الجزيرة في تملك شركة تمويل مثل الشركة الوطنية.
كما نعلم أن البنوك في الأساس وظيفتها التمويل، فهو يعد القناة الاستثمارية الأهم لديها، فإذا ما توافرت لديها السيولة، فإنها تحاول استقطاب أكبر عدد من طالبي التمويل لتحقيق عوائد أكبر، ولكن في الوقت نفسه نجد أن عليها قيودا نظامية فيما يتعلق بسياسة التمويل، إضافة إلى أنه توجد قيود أخرى تتعلق بتملك المؤسسات المالية أو البنوك العقارات والسلع، مما يجعل الاستثمار فيها عملية صعبة نوعا ما، ناهيك عن أن البنوك في الأصل لا تملك الخبرة الكافية في مثل هذه القطاعات، مما يجعل الدخول فيها نوعا من المغامرة غير المحسوبة، ولذلك نجد أنه سبق أن عقدت بعض البنوك المحلية مثل الراجحي وسامبا شراكات مع شركات عقارية لإدارة صناديق استثمارية مرتبطة بالعقار. وحتى نلخص النتيجة سنجد أن بنك الجزيرة سيحقق عدة أمور من هذا الاستحواذ، منها: فتح قناة تمويل جديدة، ذات قيود أقل فيما يتعلق بتملك العقار والسلع القابلة للتقسيط مثل السيارات، إضافة إلى أن الشركة الوطنية للتقسيط لديها خبرة كافية في قطاع العقار، وذلك لأن الملاك في الأساس هم من العقاريين إضافة إلى أن لها تجربة لا بأس بها في تمويل تملك العقار، الذي يمثل اليوم الأهمية والتحدي الأكبر فيما يتعلق بتمويل الأفراد.
بقي لنا أن نناقش الفائدة التي يمكن أن تتحقق للشركة الوطنية للتقسيط من مثل هذه العلاقة، حيث إن مثل هذه العقود لا بد أن تحقق مصالح مشتركة لكلا الطرفين، وإلا لن يكون هناك إتمام للصفقة. في البداية لا بد أن نعلم أن الشركات من غير القطاعات المالية أو البنوك غالبا ما تعتمد في تمويل الأفراد على تمويل ذاتي من خلال الشركاء في الشركة، أو من خلال تمويل قد يكون بسعر أقل مقارنة بما تقدمه الشركة نفسها للأفراد، وتستفيد هي بالتالي من هامش الربح. وفي كلتا الحالتين يعد التمويل مكلفا مقارنة بالمؤسسات المالية أو البنوك، التي تعتمد في التمويل على أموال المودعين، التي تعد بالنسبة لها منخفضة التكلفة، وهذا يفسر لنا سبب أن البنوك في تمويلها تقدم عروضا أفضل من الشركات العقارية نظرا لانخفاض التكلفة، ومع وجود مثل هذه العلاقة، من الممكن أن يعطي البنك معاملة استثنائية في تكلفة التمويل وبالتالي تحقيق عوائد أكبر، وقدرة تنافسية أقوى في قطاع التمويل العقاري على مستوى الشركات. من الممكن أيضا أن ينتج عن مثل هذه العلاقة تمويل إنشاء مشاريع إسكان على مستوى السوق المحلية يلعب فيه البنك دور الممول، وتكون الشركة مشرفة على إنشاء المشروع وتسويقه، وهذا يجعل لمثل هذه الصفقة والتعاون تميزا يصب في مصلحة الشركتين.

جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

الأكثر قراءة