حريملاء.. "حاضرة الشعيب" ما زالت تبحث عن الخدمات

حريملاء.. "حاضرة الشعيب" ما زالت تبحث عن الخدمات

تطورت وازدهرت على مر العصور، وتزداد جمالا كلما تقدم بها العمر، فقد كانت "حريملاء" أو "حاضرة الشعيب" كما يحب أن يسميها القدماء من أهلها، قرية زراعية ذات أحياء طينية صغيرة، بدأت الازدهار بالانتقال إلى الحي الجديد "الحزم" قبل نحو 30 عاما، ومع الانتقال بدأ التطور حتى وجدت فيها أغلب المصالح الحكومية ومستشفى كبير وكلية للبنات وأخرى للبنين، ورغم ذلك إلا أن البنية التحتية للمحافظة ما زال دون طموحات أهلها، حتى أن اللوحات الإرشادية غائبة عن أغلب المنشآت الخدمية، وهي أبسط علامات التحضر.
يتبع محافظة حريملاء سبعة مراكز هي، ملهم، القرينة، صلبوخ، دقلة، البرة، العويند، وغيانة، فيحدها من الشمال محافظة رماح وثادق، ومن الجنوب محافظة الدرعية وضرما، ومن الشرق مدينة الرياض ومحافظة رماح، ومن الغرب محافظة ثادق، وتبلغ مساحتها نحو خمسة آلاف كيلومترا مربعا.
تحتضن حريملاء عددا من الآثار منذ عصور قديمة ذكر المؤرخون أنها تمتد إلى ما قبل الإسلام و من الآثار التاريخية في المحافظة نقوش قديمة والأسوار المتعددة التي شيدت على مر السنين، إضافة إلى مسجد "قراشة" الذي كان يقصده طلاب العلم من خارج حريملاء لتلقي العلم فيه حيث كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب يلقي دروسه.
تقع "حريملاء" شمال غربي الرياض على بعد نحو 80 كيلو مترا عبر طريق مزدوج تطور أخيرا ليصبح بأربعة مسارات، ما زاد في تطورها ونموها، فقد أصبح سكانها نحو 11 ألف نسمة في عام 1425هـ مسجلة بذلك نموا سكانيا بنسبة 100 في المائة خلال نحو13 سنة، وهذا العدد قد تزايد بشكل ملحوظ مع افتتاح كلية التربية للبنات، وكلية المجتمع التابعة لجامعة الملك سعود.

أزمة سكانية
محمد الجماز أحد أهالي المحافظة تحدث لـ"الاقتصادية" بهذا الخصوص، حيث أكد أن عدد طلاب التوجيهي في ثانوية حريملاء كان لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، أما الآن فعددهم قارب الـ50 طالبا، لافتا إلى عدم وجود مكان يستوعب هؤلاء الشبان لقضاء وقت فراغهم سوى النادي الرياضي، رغم وجود متنزه الشعيب الذي اعتبر أنه من الممكن أن يستثمر لصالح فراغ هؤلاء الشبان.
وأوضح الجماز أن هذا العدد آخذ في الزيادة، وخصوصا مع افتتاح كلية التربية للبنات، وزاد أكثر بعد افتتاح جامعة الملك سعود كلية المجتمع للذكور، وسيزداد أيضا بعد افتتاح فرعها النسائي، لذلك يجب البدء في التخطيط الاستراتيجي لمواجهة هذه الأعداد الهائلة لتوفير المدارس والخدمات العامة لها. ونوه بأن تدفق هذه الأعداد على المحافظة سبب أزمة سكنية وهي آخذة في التطور، حيث بات من الصعوبة بمكان الحصول على سكن مناسب للعائلات المهاجرة، فضلا عن صعوبة ذلك على شبابها المقبلين على الزواج.
وطالب الجماز السماح للمواطنين ببناء دور ثالث للعمائر والفلل وخصوصا تلك الواقعة على الشوارع العامة تخفيفا لحدة هذه المشكلة، داعيا المستثمرين في القطاع العقاري لاستغلال الفرص المتاحة بكثرة والمؤهلة للتوسع والازدياد في حريملاء، مع النمو السكاني الطبيعي إلى جانب الأسر المتوافدة إليها.
كما طالب بتنفيذ مشروع متكامل لتحلية المياه، لأن المياه التي تصل إلى البيوت عبر شبكة المياه غير صالحة للشرب تماما، لافتا إلى عدم اكتمال الفائدة من مشروع سقيا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – بتحليته، حيث إن المياه المستخرجة حاره (كبريتية) وتستخدم في ري الحدائق و المزارع، والفائض يصب في الوادي المجاور للبئر.

أزمة تعليمية
وعن الهم التعليمي قال الجماز: "لدينا الآن أزمة كبيرة في القطاع التعليمي للمحافظة وتتمثل ضم متوسطة تحفيظ القرآن إلى مبنى متوسطة وثانوية حريملاء، في الوقت الذي نطالب فيه إبعاد المتوسطة عن الثانوية لأسباب تربوية"، مضيفا أن المحافظة بحاجة إلى استحداث ابتدائية ثالثة، مفيدا أن المرافق العامة متوافرة في حريملاء وبالإمكان الاستفادة منها في بناء مدارس جديدة لتلافي الضغط على المدارس مستقبلا.
وقد نقلت وزارة التربية مدرسة حريملاء الابتدائية الأولى التي تأسست منذ نحو 60 سنة من مبناها الذي مضى عليه قريبا من 50 سنة إلى مبنى مستأجر حتى الانتهاء من ترميم المبنى الذي ما زال يحتفظ بلوحته العتيقة وقد ظهر على حديده الصدأ والاهتراء، معلنا خطره الذي بدأ يقلق أولياء أمور طلابها.
ويقع هذا المبنى الذي تحتل الوحدة الصحية المدرسية جزءا من ملاحقه، في الحي القديم "الديرة" وسط بيوت الطين والمزارع وأحواش الماشية، في منظر لا يوحي بالصحة ولا يبعث عليها.
وذكر الجماز أن خدمات المستشفى ليست بمستوى تجهيزه الذي تم بأحدث الأجهزة الطبية التي لا تتوافر إلا في كبرى مستشفيات الرياض، إضافة إلى نقص الكوادر الطبية والفنية، التي تعطل تشغيل بعض الأجهزة، في حالة نقل أحد العاملين لعدم توفر البديل، ما يعني السفر للرياض للبحث عن مستشفى يوفر هذا الجهاز.
وطالب الجماز توفير مبان حديثة للدوائر الحكومية لأن أغلبها مستأجر منذ نحو 28 سنة، إلى جانب دعمها بموظفين أكثر حيث إن المحافظة تكبر مع الأيام وتحتاج إلى توسع أعمال هذه المصالح المتوقفة عند هذا التأريخ.
وتساءل الجماز عن مصير قسم المرور الذي اعتمد للمحافظة ليريح الأهالي من مراجعته في الرياض، حيث إن له مكتبا ملحقا بمبنى مركز الشرطة المستأجر يمنح أوراق الإصلاح ويفصل في بعض الحوادث البسيطة، مشيرا إلى أن مكتب الجوازات ملحق أيضا بمبنى الأحوال المدنية المستأجر.

ثغرة أمنية
خالد التريكي أحد الأهالي الذين التقتهم "الاقتصادية"، نبه إلى ثغرة أمنية في المحافظة يستغلها السارقون والمتخلفون والمخالفون في اجتياز النقطة الأمنية، مؤكدا فشل موقعها الحالي، لبعدها عن موقعها السابق الذي يقع قبلها للمقبل من الرياض في موقع تتجمع عنده مداخل متعددة لحريملاء والقرينة.
وطالب أهالي حريملاء إعادة النقطة إلى مكانها السابق حيث إن بعد المكان الجديد عنها أفسح المجال لمن يريد الدخول إلى حريملاء والقرينة وملهم دون المرور بها، مبينا أن هناك عددا من السرقات حصلت في حريملاء مثل سرقة الكيابل النحاسية، التي ثبت تهريب السارقين لها والدخول إلى حريملاء عن طريق "لبب" الذي يمر في الموقع السابق للنقطة الأمنية، ومسلسل السرقات ما زال مستمرا، فقد كان آخرها ما حصل قبل أسابيع من سرقة مواش في إحدى المزارع.

سوق للمنتجات الموسمية
ولأن المحافظة تشتهر بالزراعة وجودة منتجاتها دعا التريكي إلى توفير سوق لتسويق المنتجات الموسمية، أو على الأقل مكان مهيأ على الطريق السريع الذي يمر بها، حيث يتوقف المسافرون وخصوصا في نهاية الأسبوع على جانبه لشراء ما يحتاجون إليه من الخضراوات والتمور التي يعرضها المزارعون والباعة على قارعة الطريق دون تنظيم. وقال إن البلدية أنشأت مظلة على هذا الطريق بعيدة عن موقع المزارع منذ ثلاثة أعوام ولكنها رغم ذلك لم تشغل بعد.
وزاد التريكي مع توسعة الطريق زادت كثافة المسافرين المارين به، والذي يخدم عددا كبيرا من المحافظات ولم يعد كالسابق في قلة السالكين له، كان لزاما تنظيم السير، حتى تسهل حركة الدخول و الخروج، وتفاديا للحوادث – لا قدر الله – ، فكانت الإشارة المرورية في مدخل حريملاء أول الحلول الذي أثبت فشله، لأن رغبة المسافر في عدم التوقف أو لأي اعتبار آخر تجعله لا يكترث بالإشارة.
غالب المسافرين يمرون بها دون إبطاء سرعة مركباتهم، ويتجاوزونها رغم إضاءة اللون الأحمر لهم، وقد حصلت عدة حوادث كاد يفقد فيها أحد الأهالي حياته لولا لطف الله، حيث اصطدمت سيارة المسافر المسرعة بالجانب الأيسر من سيارته.
ولذلك طالب الأهالي بإعادة النظر في هذه الإشارة، بوضع دوار في المدخل لأنه سيضطر المسافر لتخفيف سرعته وعدم توقفه، وبذلك يتم تفادي السلبيات السابقة، إضافة إلى استثمار الدوار في إضفاء لمسة جمالية على مدخل حريملاء بوضع مجسم يتسابق فيه أبناؤها في تصميمه، مع مساواة منسوب الطريق، لاختلاف ارتفاع الطريق السريع عن الشارع العام المتقاطع معه. كذلك إعادة سفلتة بعض الطرق المصابة بالحفر والندبات في المحافظة، ومن أبرز الشوارع التي تآكلت وبدت الحفر تغزوها والندبات تعلو طبقتها الإسفلتية طريق الملك فهد "طريق النادي سابقا"، والذي يعد المدخل الغربي لحريملاء للقادمين من جهة الغرب، حيث يعاني هذا الطريق المشكلات من بدايته من الطريق السريع إلى تقاطعه مع الشارع العام ويبحث عن حل لمشكلته المزمنة.

مبان غير صالحة
من جهته طالب راشد الناصر عضو المجلس البلدي في حريملاء بوضع ميزان ثابت للشاحنات التي أثرت في طريق بسبب زيادة حمولتها عن تحمل الطريق، لافتا إلى أن الطريق الجديد في طريق للتلف إن لم تتلاف الجهات المعنية هذا الأمر. كما طالب الناصر بمبنى جديد لكلية التربية للبنات في المحافظة حيث داهمت السيول مبناها القائم منذ نحو 30 عاما إثر هطول غزير للمطر قبل انتهاء الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي وأصبح المبنى غير مهيأ للدراسة وتظهر التصدعات على جدرانه وأسقفه.
وأضاف الناصر أن الطالبات قد أدين اختباراتهن النهائية في قصر الجماعة للاحتفالات، إلى أن يتم توفير المبنى البديل، مشيرا إلى أن الدراسة استأنفت هذا الفصل في المبنى ذاته بعد إجراء بعض الترميمات له.
كما تساءل عن الأرض الممنوحة من البلدية لإنشاء مبنى كلية المجتمع للطلاب والتي تقع وسط الحي السكني، متى سيبدأ العمل على إنشائها، مبينا أن عدم توافر مواقف مخصصة لها يسبب للجيران بعض المضايقات كالوقوف بسياراتهم أمام مداخل البيوت، رغم الجهود المبذولة من إدارة الكلية والشرطة في تنظيم السير حولها.
وبين الناصر أن المحافظة بحاجة إلى سوق مركزي تتوافر فيه جميع الاحتياجات تحت سقف واحد نظرا لأن بعض الأصناف من البضائع غير متوافرة، مطالبا بافتتاح فروع لبنوك أخرى حيث لا يوجد في حريملاء سوى بنك يتيم، وذلك يعطل المعاملات المصرفية لبعض الأهالي والزوار وطلاب كلية المجتمع، ويضطرهم للسفر إلى الرياض.
وعن الجامع القديم جامع الديرة أفاد الناصر بأنه يحتاج إلى إعادة تهيئة المنطقة المحيطة به، وتوسعة كبرى لأن المسجد وساحاته لم تعد تستوعب أعداد المصلين الذين يضطرون إلى الصلاة على الأرصفة تحت أشعة الشمس الحارقة صيفا، ويتعرضون للبرد القارس والأمطار شتاء. وزاد أن مصلى العيد في الديرة أيضا يحتاج إلى فرش جديد، فالقديم قد اهترأ ولم يعد يصلح للصلاة عليه، فقد أصبحت ألوانه تترك أثرا في ثياب المصلين. وأبان الناصر أن متنزه الشعيب يتعرض لهجمة شرسة من تجار الحطب مستغلين جرف السيول لجزء من شبك الحماية المنصوب لصد أعداء البيئة عن التعرض لها، منوها إلى احتياجه إلى اهتمام أكبر من وزارة الزراعة، وتكليف حارس دائم له.

الأكثر قراءة