سفر وسياحة

شمال سريلانكا يزدهر بالسياحة بعد سنوات من الحرب

شمال سريلانكا يزدهر بالسياحة بعد سنوات من الحرب

كان الجزء الشمالي من سريلانكا في السابق، يعاني جحيم الحرب، أما الآن فقد أصبح مزدهرا بالسياحة.
وتخلصت تلك المنطقة من أهوال وفظائع 26 عاما من الحرب الأهلية والآن تعمل على الاستفادة رويدا من إمكاناتها السياحية من خلال شواطئها وبحيراتها وأدغالها ومواقعها التاريخية.
ويعتمد الاقتصاد السريلانكي على قطاع زراعي نشيط، عماده زراعات الأرز وقصب السكر والتبغ والشاي؛ إضافة إلى قطاع الصناعات التحويلية الزراعية.
ويمكن بسرعة وصف التاريخ في تلك المنطقة: المتمردون بالشمال الهندوسي، الذين يطلقون على أنفسهم "نمور التاميل" خاضوا قتالا لإقامة دولة مستقلة منفصلة للتاميل، وخصومهم هم السنهاليون العرقيون من الجنوب البوذي.
وبحسب "الألمانية"، فقد أودت الحرب التي اندلعت من عام 1983، حتى هزيمة النمور في عام 2009، بما يتراوح بين 80 ألفا و100 ألف شخص، والآن، يسعى الجانب الخاسر- الجزء الشمالي من البلاد للتاميل العرقيين- لاستعادة اقتصاده، كون السياحة أحد المجالات الواعدة.
ويمر خط السكك الحديدية الشمالي من "جفنة" إلى "بالاي" عبر "ممر الفيل"، الذي كان متنازعا عليه بشراسة في السابق وهو مضيق مسطح يربط بين شبه جزيرة جفنة بالبر الرئيسي.
وجرى استكمال الجزء الأخير من الخط، قبل عامين فقط، ما وفر لشبه جزيرة جفنة خط ربط آخر للنقل، إلى جانب طريق "إيه9" السريع، إلى الجنوب. وتتراجع ببطء، ذكريات المعاناة من الحرب في الشمال "أرض النمور"- القيود المفروضة على السفر، حظر التجوال أثناء الليل، الهجمات بالقنابل ونقص الغذاء.
ويعج السوق في جفنة تاون بالفاكهة والخضراوات والتوابل والأسماك الطازجة وأسماك الروبيان الضخمة، بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع الأكشاك تبيع هواتف محمولة وكاميرات رقمية وبطاقات "إس.آي.إم" وأجهزة "تابلت".
ويبدو أن الناس في عجلة من أمرهم للحصول على الأشياء التي كانوا مضطرين إلى الاستغناء عنها، وتسعى جفنة تاون للاستفادة من سوق السياحة، حيث تبني بنيتها التحتية، بما في ذلك عدد من الفنادق الجديدة.
وجذب فندق فئة خمسة نجوم الوحيد في جفنة تاون طاهيا ذواقا من ألمانيا هو كينجسلي بول، ليأتي ويعلم العاملين في مطبخ الفندق، وهو من السنهاليين العرقيين ويقول "كنت أريد مساعدة أبناء بلدي على بدء انطلاقة جديدة، ومساعدتهم على أن يبتسموا مرة أخرى".
وليس لدى الطهاة في الفنادق والمطاعم أي مشكلة في المنطقة الخصبة، في العثور على المكونات الطازجة، فالشمال هو جنة طبيعية، وتقطن مستعمرات من أنواع الطيور النادرة الجزر قبالة الشواطئ، بينما طيور النحام الوردية، وطيور اللقالق الملونة وطيور الغاق المائية، تسير بعناية بسيقان أشبه بالدعامات عبر البحيرات الضحلة، على جانبي جسر، يربط جزيرة "كايتس آيلاند" الرئيسية، على بعد بضعة كيلو مترات بغرب جفنة.
وفي "كارايتيفو آيلاند"، أقصى الغرب مباشرة، هناك شاطئ "كاسوارينا" الرائع، وقد دأب موظفو الإغاثة الدولية، الذين يأخذون قسطا من الراحة من عبء مساعدة ضحايا الحرب، على الذهاب إلى هناك من أجل خط السكك الحديدية.
واليوم، يصادف المرء بضعة رحالة فقط يتوجهون إلى الشاطئ الرملي الناعم، الذي جرفته الأمواج الدافئة للمحيط الهندي، ويعيش 3 في المائة فقط من البوذيين السريلانكيين في الشمال.
ولا شك أن محو ذكرى الحرب الأهلية يستغرق بعض الوقت، فقد تم هدم المقبرة العسكرية لمتمردي التاميل، وإزالة الألغام في المنطقة، لكن ما زالت الندوب العميقة باقية.
وما زالت مكتبة تشبه القصر الأبيض اللامع في جفنة، التي يعود تاريخها إلى عام 1933 قائمة، لكن خالية من كتبها التي كان يبلغ عددها 100 ألف كتاب، التي دمرت في عام 1981.
وكذلك، هناك حصن "ممر الفيل"، الذي بناه الهولنديون في القرن الثامن عشر، الذي تحول إلى أنقاض بسبب القصف خلال الحرب، والآن يتم ترميمه حجرا حجرا.
وقبل أن يتوجه كينجسلي بول إلى السوق في السادسة صباحا، يستمتع بجو الفجر من شرفته، وما زالت السحب التي تتشكل في الصباح الباكر تغطي الدمار في جفنة، ولا يمكن أن يتخيل كينجسلي بول أنه، منذ وقت ليس ببعيد، أن تلك الجزيرة الاستوائية كانت جحيما تحت وطأة الحرب.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من سفر وسياحة