الاستثمارات الصينية.. "التنين" الصيني يواجه "الكاميكاز" الياباني في جنوب شرق آسيا
الاستثمارات الصينية.. "التنين" الصيني يواجه "الكاميكاز" الياباني في جنوب شرق آسيا
انتقلت حركة الاستثمارات الصينية إلى دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) من مرحلة التحرك البطيء إلى التدفق السريع مدفوعة بالحاجة الصينية المتزايدة إلى الطاقة والمواد الخام من ناحية والرغبة في دعم نفوذها الدبلوماسي والسياسي في المنطقة رغم أنها تظل مستثمرا صغيرا في تلك الدول مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا وباليابان التي تمثل المستثمر الأول في تلك المنطقة.
تضم رابطة (آسيان) 10 دول هي: تايلاند، ماليزيا، سنغافورة، فيتنام، ميانمار (بورما)، لاوس، بروناي، إندونيسيا، الفلبين، وكمبوديا.
يقول وانج كين خبير شؤون جنوب شرق آسيا في جامعة شيامين الصينية، إن هناك مؤشرات على انطلاق الاستثمارات الصينية في (آسيان) رغم الإخفاقات الذي عانتها في البداية.
وأضاف كين "في الواقع واجهت الشركات الصينية التي استثمرت في جنوب شرق آسيا في الفترة الأولى العديد من الإخفاقات .. ولكن في السنوات الأخيرة تطورت هذه الاستثمارات بسرعة، وبخاصة بعض الشركات الكبرى التي تمتلك مزايا تنافسية".
وأصبحت الصين المستثمر الأجنبي الرئيس في دول كمبوديا ولاوس وميانمار وهي أقل دول (آسيان) من حيث النمو الاقتصادي. كما تصدرت الصين قائمة الدول التي تقدمت بطلبات للاستثمار في تايلاند خلال العام الحالي.
كان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين قد بدأ عام 1999 تشجيع الاستثمارات الصينية في الخارج، وبخاصة من جانب الشركات الحكومية الناجحة التي نمت بسرعة بفضل الإصلاحات الاقتصادية في الصين.
واستخدمت الحكومة الصينية الدبلوماسية لترويج فكرة المشاريع الاستثمارية التي تحقق "مصالح الجميع" في الدول الأجنبية، وجاء هذا مترافقا مع إزالة القيود التي تعوق انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001.
وبلغ عدد الشركات الصينية التي تستثمر أموالها في الخارج بنهاية العام الماضي أكثر من عشرة آلاف شركة تستثمر نحو 73.3 مليار دولار في نحو 160 دولة من دول العالم - على حد قول ويي جيانجو نائب وزير التجارة الصيني في أحد المؤتمرات الاستثمارية الشهر الماضي.
وزاد حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 21 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 7.8 مليار دولار مقابل أكثر من 16 مليار دولار خلال العام الماضي ككل و12.3 مليار دولار عام 2005.
وكان تشو شياشوان محافظ بنك الشعب (المركزي) الصيني قد وعد الشهر الماضي بإزالة القيود عن سوق الصرف في الصين وتبسيط إجراءات استثمار الشركات الصينية في الخارج، وتشجيع الشركات الصينية على الحصول على قروض من
البنوك وطرح أسهمها للاكتتاب العام وإصدار السندات لتمويل تلك الاستثمارات الخارجية.
وتقدر الحكومة الصينية عدد الوظائف التي وفرتها الشركات الصينية في الدول الأجنبية التي تستثمر فيها بنحو 200 ألف وظيفة.
ويتجه أكثر من 90 في المائة من الاستثمارات الصينية الخارجية إلى آسيا وأمريكا اللاتينية، في الوقت الذي مازالت تتصدر فيه دول رابطة (آسيان) قائمة الدول الجاذبة للاستثمارات الصينية.
يقول كين إن دول (آسيان) تظل مقصدا مغريا للاستثمارات الصينية لأن الموقف في بعض دول العالم الأخرى الأقل نموا أكثر خطورة بسبب عدم الاستقرار السياسي أو عدم ملاءمة الأوضاع هناك للاستثمارات الصينية بسبب زيادة المخاطر.
ولكن حتى بالنسبة لمنطقة (آسيان) فإن الاستثمارات الصينية فيها مازالت قليلة الحجم ومازال عدد الشركات الصينية الناجحة الكبرى المستثمرة في هذه الدول قليلا.
وكان أونج كينج يونج أمين عام رابطة (آسيان) قد حث الصين على توسيع نطاق الاستفادة من الطفرة الصناعية التي تشهدها من خلال الاستثمار في دول الرابطة.
وحث أونج شركات صناعة السيارات الصينية على إقامة مصانع المكونات في دول (آسيان) ومصانع التجميع النهائي في الصين ثم تقوم بتصدير المنتج النهائي إلى تلك الدول وبالتالي تساعد هذه الشركات على الحد من العجز التجاري المتزايد لدول (آسيان) مع الصين.
كما أن هذه الآلية ستساعد الشركات الصينية على عرض سياراتها في أسواق (آسيان) بأسعار مخفضة مقارنة بأسعار الشركات اليابانية التي أقامت مصانع لها في تلك الدول.
ويشير وانج كين إلى أن بعض دول (آسيان) تقدم مزايا عديدة للشركات الصينية مثل الأيدي العاملة الرخيصة في فيتنام.
ورغم كل ذلك فمازالت الصعوبات التي تواجه الشركات الصينية في دول (آسيان) عديدة، في مقدمتها المنافسة من جانب الشركات اليابانية التي تتفوق بشدة فيما يتعلق بالجانب التكنولوجي والاسم التجاري والخبرة في أسواق تلك البلاد.
ويشير كين إلى أن شركات صناعة السيارات الصينية ستحتاج إلى ما بين خمس وعشر سنوات لكي تتمكن من منافسة الشركات اليابانية وغيرها من الشركات العالمية التي رسخت أقدامها في جنوب شرق آسيا.
إذن على "التنين" الصيني مواجهة "الكاميكاز" الياباني في أسواق جنوب شرق آسيا إذا ما أرادت الصين أن تحتل مركز صدارة القوى الاقتصادية الآسيوية. فاليابان مازالت صاحبة أكبر اقتصاد في آسيا وثاني أكبر اقتصاد في العالم، في حين تأتي الصين بعدها مباشرة.