عشاق الجمال مرتعبون.. 15% من ألماس العالم في مناطق الصراع
عشاق الجمال مرتعبون.. 15% من ألماس العالم في مناطق الصراع
يعرض تجار المجوهرات في بانكوك تجارتهم البراقة بفخر وهي تضم الألماس القادم من إفريقيا والياقوت الأزرق من سريلانكا.. أما الياقوت الأحمر فهو من ميانمار بطبيعة الحال.
تشتهر هذه الأحجار الكريمة ذات اللون الأحمر القاني الآتية من ميانمار (بورما سابقا) بنقائها وتدرج ألوانها.. إلا أنها تنطوي على شر مستطير. فحكام ميانمار العسكريون يعولون على مبيعات الأحجار الثمينة كالياقوت الأزرق واللؤلؤ واليشب لتمويل وترسيخ أركان حكمهم وربما كان الياقوت الأحمر هو جوهر اهتمامهم وأكبر مصدر لعائداتهم، إذ إن أكثر من 90 في المائة من ياقوت العالم يجيء من ميانمار.
وشجعت موجة الغضب الدولي إزاء الحملة الشرسة التي يشنها العسكريون في ميانمار على تجمعات أنصار الديمقراطية الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على التفكير في فرض حظر على تجارة ميانمار من الياقوت وهو من أبرز الصادرات التي تدر عملة صعبة على هذا البلد الفقير.
كما ثارت ضغوط داخل الولايات المتحدة من أجل سد ثغرة في نظام العقوبات الأمريكي الحالي تتيح دخول معظم الأحجار الكريمة من ميانمار إلى البلاد. لكن في تايلاند المجاورة حيث تباع وتشترى معظم واردات المجوهرات من ميانمار لم يوقف تجار الأحجار الكريمة بعد أنشطتهم مع الطغمة الحاكمة في ميانمار.
وقال بورنتشاي تشونتشومالدا رئيس الرابطة التايلاندية لتجار المجوهرات والمصوغات "الناس غير سعداء بما يجري إلا أن غضبهم لم يصل إلى حد التوقف عن شراء الياقوت". وأضاف بورنتشاي "إذا قتلوا عددا كبيرا من الأشخاص مثلما فعلوا عام 1988 فربما فكرنا في حظر منتجاتهم" وقال إنه اشترى كميات أقل من
ميانمار أخيرا لأسباب أخلاقية.
وتشير تقديرات إلى أن زعماء الحكم العسكري في ميانمار جنوا ما يقدر بنحو 750 مليون دولار منذ بدأوا يهيمنون رسميا على مبيعات الجواهر عام 1964 فيما يتم تهريب كميات هائلة من الأحجار الكريمة عبر الحدود إلى تايلاند والصين.
ويجري العرض الدولي الرسمي للمجوهرات مرتين سنويا في يانجون وسط جو مداري قائظ إلا أن المعرض يكتسب شعبية متزايدة ويحضره كثير من التجار الصينيين ممن يشدهم بريق كتل اليشب. وتملك الدولة في ميانمار حصة مسيطرة في جميع عمليات التنقيب والتعدين والاستخراج التي تجري في البلاد بما في ذلك وادي الياقوت، وهو منطقة جبلية في إقليم موجوك على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من ماندالاي التي تشتهر بالياقوت النادر ذي اللون الأحمر القاني والياقوت الأزرق وهي الجواهر التي يصل سعر القطعة منها إلى عشرات الآلاف من الدولارات.
أما الأوضاع في المناجم التي يحظر دخول الغرباء إليها فتشير الأنباء إلى أنها فظيعة. تقول ديبي ستوثارد من شبكة آسيان الخاصة في بورما، إن منظمتها تلقت معلومات تفيد بأن القائمين على تشغيل المناجم يجبرون العمال على إدمان المخدرات لتحسين الإنتاجية. وقالت إنه يجري تداول محاقن المخدرات مما يزيد من خطر انتشار عدوى الإصابة بفيروس الإيدز.
وقالت "يجري إعطاء الهيروين للناس في نهاية يوم العمل كمكافأة". وأضافت "يتوجه الشبان إلى المناجم تراودهم آمال كبار وأحلام إلا أنهم يقضون نحبهم في نهاية المطاف". ومضت تقول "تشرب هذا الياقوت بحمرة دم هؤلاء الشبان".
وغالبا ما يسأل المقدمون على الزواج الآن عند شراء خاتم الخطبة من أين أتت المجوهرات وذلك منذ عرض فيلم (الألماس الدامي) في هولييود العام الماضي والذي ينشر الوعي بين الناس بشأن المجوهرات التي تمول الصراعات في العالم. إلا أنه حتى خلال أواخر التسعينيات عندما كان أوار الحرب ما زال مشتعلا في سيراليون التي صور الفيلم على أرضها أشارت التقديرات إلى أنه ما بين 4 و15 في المائة من الألماس في العالم كان يأتي من مناطق الصراع.
وقرر برايان ليبر وهو تاجر مجوهرات من ولاية إلينوي الأمريكية منذ سنوات وقف شراء المجوهرات من ميانمار. وقال التاجر البالغ من العمر 41 عاما الذي أسس مشروع إغاثة تجار المجوهرات في بورما وهي منظمة تساند المشاريع الإنسانية في البلاد "أعتقد أن الأكثر أهمية هو أن يراودني النوم ليلا". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة فرضت حظرا على واردات المجوهرات من ميانمار عام 2003 إلا أن ثغرة في قوانين الجمارك تتيح دخول الجواهر التي تقطع أو تصقل في أماكن أخرى. ولأن صادرات ميانمار جميعها مجوهرات خام فإن هذا يجعل الحظر الأمريكي عديم الجدوى. وراود الأمل ليبر الأسبوع الماضي في أن تقنع الحملة الوحشية الصارمة واضعي القوانين في الولايات المتحدة بضرورة سد هذه الثغرة، ويود ليبر أن يرى جميع المستهلكين وقد أحجموا عن شراء مجوهرات ميانمار حتى يرحل الزعماء العسكريون للبلاد. وقال ليبر "في الوقت الراهن يجب ألا تكون جواهر ميانمار شيئا يفاخر به الناس بل ينبغي أن تكون أمرا منفرا".
وفي بانكوك بدأ بعض المتعاملين في رفض تداول الأحجار الكريمة القادمة من ميانمار وعبروا عن غضبهم لأن زملاءهم لم يحذوا حذوهم.
وقال تاجر مجوهرات في بانكوك رفض نشر اسمه "إنها دولة بوذية وكنت أتوقع أن تهوي أسعار الياقوت بشدة بعد إطلاق النار على الرهبان إلا أنني بدأت أعتقد أن هؤلاء الناس منافقون". وأضاف "إنها الدولة الوحيدة في حقيقة الأمر التي يمكن أن تحصل منها على نوعية ممتازة من الياقوت إلا أنني توقفت عن التعامل فيها. لا أريد
أن أضيف بؤسا إلى البلاد". ومضى يقول "إذا سأل أحدهم عن الياقوت الأحمر الآن لأريته الياقوت القرمزي الجميل".