نطاق الالتزام بالسرية المصرفية ومدته
تهدف السرية في العمل المصرفي إلى بث الثقة والطمأنينة لدى أصحاب رؤوس الأموال على سرية أعمالهم المصرفية وجميع البيانات والمعلومات ذات الصلة بثرواتهم، الأمر الذي من شأنه خلق بيئة تشريعية مناسبة للاستثمار تحفز المستثمر الوطني، وتجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني بشكل عام. تختلف الأسرار المصرفية باختلاف طبيعتها وخاصية كل عميل مع المصرف، فهناك أسرار مهنية ذات طابع شخصي للعميل بينما توجد فئة أخرى من الأسرار تعرف بالأسرار ذات الطابع المالي. وعليه فإن التزام المصرف بالسر المصرفي هو التزام سلبي، مفاده الامتناع عن إفشاء أسرار العميل، أو الإطلاع عليها، فهو التزام يقع على المصرف، وهو في الوقت نفسه حق للعميل أن يضمن عدم إفشاء تلك المعلومات والأسرار.
تتباين التشريعات المحلية للدول في تحديد ماهية المعلومات المحمية بالسرية المصرفية، التي يلتزم المصرف بعدم الإدلاء بها، ففي الوقت الذي اتجهت فيه التشريعات ذات نظام السرية النسبية (فرنسا مثلا) إلى ترك أمر تحديد المعلومات المشمولة بالسرية المصرفية إلى القضاء ليحددها حسب ظروف وملابسات كل حالة، ذهبت بعض الدول الأخرى إلى الأخذ بنظام السرية المطلقة، حيث تقوم تلك الدول بتحديد المعلومات المشمولة بالسرية في النظام الخاص بالسرية المصرفية. تعد سويسرا من أبرز الدول التي تبنت نظام السرية المطلقة؛ حيث ينص قانون البنوك الفيدرالي السويسري على أن جميع حسابات الزبائن، وودائعهم، وأماناتهم، وخزائنهم في المصارف، وكذلك المعاملات المتعلقة بأسرار مصرفية غير قابلة للإفشاء، كما ينص هذا القانون على معاقبة من يقوم بإفشاء هذه الأسرار ولو كانت وظيفته قد انتهت أو إذا كان من لديه السر لم يعد يمارس مهنته. وعليه فإن التزام المصرف بالسرية لا ينتهي بانقضاء علاقة الزبون بالمؤسسة المصرفية لأي سبب من الأسباب، لأن الزبون سيكون أكثر حاجة إلى هذه الحماية بعد انتهاء علاقته بالمصرف، ومن ثم يظل التزام حفظ السر قائما في حق المصرف حتى بعد انقضاء علاقة العميل مع المصرف، سواء حال حياة العميل أو بعد وفاته ـــ لا قدر الله.
مستشار قانوني
[email protected]