قليلو الأدب!
.. وما زال البعض من مدعي "المعرفة" ومناصري "القوالب" يرون الشعر العامي مصدرا لتسويق الجهل ودونية التفكير، وينظرون بفوقية مفتعلة إلى قائليه وقراءه ومحبيه، أما معدو الصفحات التي تعنى بهذا النوع من "اللغة" – أمثال محاكيكم – فهم يرونهم على "رفعة المجتمع" كالبكتيريا المضرة بالإنسان، فيكرسون مجالسهم وصالوناتهم "النظيفة" للنيل منها والتوعية بأضرارها بلغة "عربية" مكسرة نحوا وصرفا، يتفوق عليهم أحمد ديدات – رحمه الله – بنطقه وسلامة ألفاظه!
هم يصرون على أن الشعر العامي ومحبوه أساؤوا للغة العربية، وأن فيهم نماذج كرست لـ"الشحاذة" من خلال الشعر، وأنهم "متخلفون" وكانوا سببا مباشرا في تخلف "الأمة" عن ركب الحضارة الذي سلكته أمم أخرى، "آمنا بالله" وصدقناهم، ما الذي يجعلهم "يتطوحون" في مجالس "الهوامير" ممن طرحوا أنفسهم كشعراء "شعبيين"؟ ما الذي أغراهم لحضور "صوالين" هؤلاء؟ ومناقشتهم على أساس أنهم أكثر فهما ووعيا من "الآخرين" من الشعراء الفقراء؟
.. و"آمنا بالله" وصدقناهم، لم الأخ شاعر الفصحى الذي يمدح ويتكسب بقصيدته يخرج من حسبة التخلف؟ "أبو الطيب" ممن تساوي قصيدته فكرا ومعنى وقالبا آلاف القصائد لإخواننا كتاب القصيدة الفصيحة حاليا، أكثر من تكسب من شعره، ومع ذلك رأيناه معلما يستفاد منه حتى الآن، ولم يعده قومه ومن خلفوهم مصدرا من مصادر التخلف!
للأسف بعض الطروحات "المعممة" من النخب - التي تسمي نفسها مجازا مثقفة - تخرج عن كونها قيمة أدبية، لتأخذ بعدا أخلاقيا لا علاقة له بالأدب إلا في "قلته"! فيتعمق أحدهم بطرحه الذي يعتبره "إصلاحا أدبيا"، وما عليك تلك اللحظة سوى التأمل، لتكتشف أنه وقع في أفخاخ كثيرة ليس أولها "النميمة" و"الغيبة" و"الإساءة الشخصية"، وليس آخرها الكذب والافتراء والطرح الساذج! أسأل الله أن يعفو عن خطاياي الكثيرة التي لا أرى أن منها قرض الشعر العامي، وأن يهديهم عن خطاياهم الكثيرة، التي لا يمت لها "أدبهم" بصلة!