القطيع والتكنولوجيا
نعيش حاليا في عصر التقنية والتكنولوجيا والتي تؤثر مباشرة في اتخاذ القرار الاستثماري للبيع والشراء ومع توافر السرعة في التنفيذ في السوق من خلال الحاسب الآلي. فالتداول وحسب ما هو معروف ينفذ في السعودية إما من خلال طلب في البنك أو عبر الهاتف أو من خلال الاتصال بشبكة الحاسب الآلي وبالتالي لا يأخذ وقت تقديم الطلب وتنفيذه سوى ثوانى معدودة. ولكن يواجه سوقنا معضلة حقيقية تتمثل في استغلال البعض للسرعة والقدرة على التنفيذ لتحقيق مصالح مباشرة لهم من خلال توجيه مجموعات لإحداث ذبذبات في السوق وموجات للشراء والبيع. وهؤلاء الأشخاص أو المجموعات مصلحتهم تتصل بعدم ثبات السوق وتحسنه التدريجي وإنما باستمرار التقلبات حتى تكون لهم مصداقية واعتقاد بأنهم يحققون الهدف. كما يقومون بممارسات سلبية من خلال توجيه السوق ورفع الأسعار. وأصبح الاعتقاد قويا لدرجة أن هناك مثلا يقول (اختر مضارب ولا تختار سهم) كناية عن أهمية من يوجه السوق لتحقيق الربحية. ويستخدم الموجهون في السوق التقنية الحديثة ويتقاضون عليها عمولات أو اشتراك شهري يدفع في البنك يتم بعدها إرسال الرسائل ليتم التنفيذ دون أي منطق أو مراجعة وكأنك مسير لا مخير لأن عدم الامتثال يعني الخسارة. ويتم استغلال مواقع الإنترنت للدعاية وجمع المشتركين، وفي خضم الحدث وزيادة الإعداد وتوجيههم يبدأ البعض بالثقة والاعتقاد بصحة القرار. وللأسف ينسى المنفذون لقرارات الموجهين أن أفعالهم هي التي تحدث الأثر وليست قرارات الموجهين ونصدق الكذب ونحن نعلم أنه كذب المنجمون ولو صدقوا. وعندما تسأل المنفذين لماذا والواقع خلاف الفعل؟ يجيبون أنهم لا يريدوا أن يكونوا خارج اللعبة وأنهم سيخسرون إن لم يفعلوا ما يطلب منهم ويصبحون معلقين. ويبدو في الكلام عن التحليل الفني وخلافه والذي لا يعكس واقعا أو حقائق ولكن بسبب تصرفاتنا أصبح واقعا.
المشكلة الأساسية هي أن من يوجه السيولة وأوامر الشراء والبيع للمجموعات يوجه السوق بصورة لا تقبل غيرها. ولعل فعله ناجم نظرية القطيع التي درست في الكتب ولم أتوقع رؤيتها في بلادنا وفي العصر الحالي. ولولا خلو السوق من جهة قوية تعرف أهمية الفرص التي تتوافر فيها نتيجة للخلل الحالي من سلوكيات الموجهين لاستفادت من الفرص ولكان وضع السوق مخالفا وأفضل لنا ككل. والسؤال: هل لو اختفت الفئة الموجهة يمكن دخول فئات أخرى سلبية وبصورة أخرى؟ والإجابة نعم حتى يغلب العقل على السوق من زاوية وجود جهة مرجحة تلغي التلاعب وتدعم الاستفادة من الفرص التي أوجدتها السلوكيات السلبية.