الدورات الاقتصادية للأسواق
عادة ما تتأثر أسواق الأسهم بالأحداث التي تشهدها الاقتصاديات المحلية والدولية, بل تتأثر حتى بالتغيرات السياسية والاجتماعية. وفي الغالب تطرأ هذه الأحداث وتختفي وفق دورات ذات أنماط محددة وواضحة. وقد يستطيع بعض الاقتصاديين والخبراء الماليين توقع هذه الدورات الاقتصادية للأسواق بناءً على استقراء أنماطها التاريخية السابقة.
فتنشط أسواق الأسهم مسجلةً ارتفاعات وانخفاضات, لكنها إذا حافظت على وتيرة مرتفعة لفترة طويلة فإن المختصين يصفون تلك الفترة بفترة السوق الصاعد bull market، التي قد يعود السوق بعدها للانحدار وانخفاض القيمة قبل العودة مجدداً للصعود. وبشكل عام، إذا سجل السوق انخفاضاً بنسبة 20 في المائة أو أكثر فإنه يعد قد دخل في موجة تسمى موجة السوق الهابط bear market وقد تستغرق كل دورة من دورات أسواق الأسهم سنة كاملة أو أكثر، وربما لا تتعدى في أحيان أخرى عدة أشهر.
ويحدث الانخفاض في أسواق الأسهم بشكل أسرع من الارتفاع، حيث يسلك الارتفاع في الغالب مساراً متدرجاً يحتاج إلى فكر استثماري بعيد الأجل. وربما مرت بعض الأسواق بحالة تصحيح في غير فترات السوق الهابط المشار إليها، وإذا حدث ذلك فإن جميع الأسهم تشهد بعض الخسائر، لكن ليس بالحدة نفسها التي تشهدها هذه الأسهم في الفترات التي تمر فيها السوق بموجة هابطة.
وتعزى التذبذبات الشاملة التي تحدث في الأسواق أحياناً إلى عوامل محددة، البعض منها يؤدي إلى تقلبات قصيرة الأجل لمدة يوم أو يومين، والبعض الآخر يسبب تقلبات لمدد أطول. ويندرج تحت العوامل المسببة لتذبذب الأسواق وميلها للتراجع الاضطرابات السياسية، ومعدلات البطالة المرتفعة، وارتفاع مستوى الضرائب، وتطبيق السياسات النقدية المتشددة. ويؤدي انعكاس هذه العوامل إلى تشجيع الأسواق للميل نحو الارتفاع.
وهناك أشكال أخرى لدورات السوق تأتي من وجود نوع من الارتباط السلبي أو الإيجابي بين أداء فئات معينة من الأوراق المالية، وفئات أخرى، كما يحدث ـ على سبيل المثال ـ في بعض الأسواق عندما يكون أداء الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة جيداً نسبياً، فيما يكون أداء الأسهم ذات القيمة السوقية الكبيرة عكس ذلك، أو العكس. ومن أمثلته كذلك الحالة التي يكون فيها أداء سوق الأسهم جيداً، فيما يكون أداء مجالات الاستثمارات الأخرى ليس بالجودة نفسها، أو العكس.
ومن هنا يجب على كل مستثمر قبل أن يتخذ قرار الاستثمار في سهم معين أن يقوم بجمع المعلومات الممكنة عنه، ثم إجراء التقييم والتحليل اللازمين له. وطالما أنه لا يمكن التنبؤ بأداء أي استثمار بنسبة 100 في المائة، فقد يكون اللجوء إلى البحث وجمع المعلومات اللازمين مساعداً للتعرف على الأداء المتوقع للسهم، خصوصاً في المدى القريب، وبالتالي مساعدة المستثمر في تحديد الوقت الأفضل لشراء السهم أو بيعه.
ويستخدم المستثمرون نوعين من التحليل للتوقع بأداء الأسهم هما: التحليل الفني، والتحليل الأساسي, حيث يركز التحليل الأساسي في المعلومات الأساسية للشركة لتحديد قوتها وملاءتها المالية، التي يمكن أن تؤثِّر في أدائها السوقي. وتلزم أنظمة ولوائح السوق المالية الشركات المدرجة في السوق المالية ملزمة بنشر قوائمها المالية. ومن أمثلة المؤشرات التي ينظر إليها في التحليل الأساسي مؤشر نسبة العائد على السهم EPS، والذي تتم بموجبه قسمة أرباح الشركة على عدد أسهمها المصدرة, حيث يمثِّل السهم الواحد حصة ملكية المستثمر في الشركة، لذا يساعد هذا المؤشر على اطلاع المستثمر على عائد السهم الواحد خلال فترة زمنية معينة، ويتيح كذلك مجالاً للمقارنة بين فرص الاستثمار في شركات ذات أحجام متفاوتة وبين فترات مختلفة.
أما التحليل الفني فيعتمد على استخدام الأنماط والاتجاهات البيانية السابقة للأسعار، وحجم التداولات التي تحدث على السهم في محاولة للتنبؤ بما سيحدث للطلب والعرض عليه أو على أسعاره مستقبلاً. فيمكن لرسم بياني لاتجاهات وأنماط الأسعار أن يشير إلى وجود طلب أو عرض متزايد على السهم، مما يساعد حينئذ على تحديد إذا ما كان الأفضل شراء السهم أو بيعه. ومن مقاييس التحليل الفني مقياس التذبذب، الذي يطلق عليه أحياناً مقياس معدل بيتاbeta ، ويقيس هذا المعدل مستوى تذبذب أسعار السهم مقارنة بمستوى تذبذب أسعار السوق ككل.
*المصدر: مركز توعية المستثمر ـ هيئة السوق المالية