أفضل صورة لعام 2007م

[email protected]

تمر علينا يومياً عشرات الصور التي لا يكاد يكون لها تأثير على مجريات حياتنا، وقد يكون لبعضها تأثير مؤقت ولكن هذه الصورة أعتقد أنه قد تم اختيارها لأنها من الصور التي تبقي أثراً في ذاكرة معظم من يراها من الصعب أن يمحى، ولقد فازت هذه الصورة بالجائزة التي أعلن عنها خلال انعقاد المؤتمر الخامس والثلاثين للهيئة العامة لاتحاد وكالات الأنباء العربية في العاصمة الأردنية عمان، وقد فاز بها المصور الصحافي من (سانا) وسيم بك وقد أطلق على الصورة اسم (العلم والعمل)، والصورة عبارة عن لقطة لأحد شوارع دمشق تظهر فيها فتاة في السابعة من عمرها تجلس على الأرض أمام لوح من الخشب مساحته أقل من متر مربع وضعته على صندوق بلاستيكي (كبسطة) حتى لا يكون اللوح على الأرض ووضعت عليه بعض الحلويات والبسكويت لتبيعها، وفي الوقت نفسه حملت دفترها وكتابها ووضعتهما تحت البسطة وتعمل على حل واجباتها واضعة جبهتها على حافة هذه البسطة حاملة قلمها بيمينها يلفحها البرد وتحاول أن تقاوم البرودة بمعطف قديم.
يقول المصور إنه كافح من أجل تصوير الصغيرة التي كانت ترفض وتغطي وجهها بيديها الصغيرتين الأمر الذي اضطره إلى الابتعاد عنها مسافة 30م وقام بالتقاط الصورة لها على حين غفلة.
شاهدت هذه الصورة وكم تمنيت أن يتم تكبيرها وتوزيعها على كافة المدارس بالمملكة ليشاهدها الطلاب والطالبات ويشعرون بالنعمة التي هم فيها، وليطلع عليها المعلمون والمعلمات فيطلبون من الطلاب والطالبات أن تكون هذه الصورة موضوعا من مواضيع التعبير التي يطلب أن يتم التعليق عليها.
إن الصورة الفائزة لم تفز لجمالها ولا لبراعة المصور التي التقطها فقط بل لأن الرسالة المباشرة التي قدمتها الصورة للمجتمع فيها بلاغة عظيمة أفضل وأعظم من كثير من الخطب أو العديد من الدروس خصوصا للطلاب لتؤكد لهم أن التعليم عنصر رئيسي من عناصر الحياة مثل الماء والهواء لا يستطيع الإنسان أن يستغني عنهما مهما كانت ظروفه ومهما كان عمره، بل إن العلم والعمل هما قرينان، وكل منهما يؤثر في الآخر، وجهت الطفلة رسالة لكل الطلاب تؤكد لهم أن ظروف العيش التي أجبرتني أن أجلس على قارعة الطريق أبيع هذه الحلوى لن تثنيني عن مواصلة تحصيل علومي بل سأجعل من هذه الظروف الصعبة حافزاً لي لكي أبذل كل ما أستطيع في سبيل أن أتعلم وأتفوق، وسأحمل كتبي ودفاتري معي أينما اتجهت فهي سلاحي الذي أنتصر به على ظروف الحياة القاهرة.
إن كثيراً من طلابنا اليوم يزهدون في التعليم على الرغم من أنه متوفر لهم مجاناً بكل مقوماته سواءً كانت المباني أو الكتب أو المدرسين ومع ذلك فإن بعض الطلاب تجده غير متحمس لأن يتعلم بل إنه يجبر على أن يذهب إلى المدرسة كل يوم إجباراً، والبعض الآخر قد جعل من المدرسة ناديا ومقراً للتسلية والألعاب ولقاء الأصدقاء وآخر ما يقوم به الدراسة وأداء الواجبات والنجاح في كل عام.
لقد فازت صورة الطفلة مؤكدة أن التعلم سبيل النجاح، وأن الناس جميعهم مجمعون على أهمية قيمة التعلم ودوره الرئيسي في كل المجتمعات فهي قضية لاشك فيها ولا جدال، ولكن المهم هو كيف نستطيع أن نوجد هذا المعنى في نفوس طلابنا؟ وكيف نستطيع أن نزرع هذا المفهوم في أعماقهم منذ الصغر ليأخذوا التعليم وكأنه غذاء ضروري لا تستمر حياتهم بدونه.
لقد أكدت الصورة أيضاً أهمية التصوير في حياتنا كوسيلة تحرك مشاعر الناس وتجعلهم يتفاعلون مع مجتمعاتهم، فكما سبق أن تفاعل الناس مع صورة محمد الدرة وقضيته من خلال صورة فهاهم يتحركون ليؤكدوا أهمية قضية التعليم من خلال مثل هذه الصورة، فحري بنا أن نعمل على الاهتمام بالتصوير بشكل أكبر، وأن نحرص على أن نشجع الموهوبين في هذا المجال، وأن ندعمهم وأن نسعى لعرض إنجازاتهم للناس ليتأملوا فيها ويتدبروا، فكم من صورة أغنت عن ألف مقال!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي