رمضان بغداد .. عبارات باللغتين العربية والإنجليزية لتفتيت كتل جدران العزل الأمريكية
تواصل القوات الأمريكية منذ مطلع أيلول (سبتمبر) الحالي، بناء جدار عازل يفصل بين منطقتي الغزالية حيث غالبية السكان من السنة والشعلة التي تضم غالبية شيعية وهو ما رأى فيه أهالي المنطقتين تكريسا للطائفية.
ونظم أهالي الغزالية والشعلة أخيرا تظاهرة حاشدة لإعلان رفضهم للجدار الذي يبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار، ويمتد مئات الأمتار بين المنطقتين. وقام أهالي من المنطقتين بإعلان رفضهم للجدار بكتابة شعارات باللغتين العربية والإنجليزية وباللون الأسود على جانبيه، من بينها "لا لا للجدار" و"نعم نعم للعراق" و "نعم نعم للوحدة".
ويقول رزاق محمد (35 عاما) وهو مواطن شيعي يعيش في حي الغزالية، ويعمل سائق سيارة أجرة على الطريق بين منطقته والشعلة إن الجدار جاء في وقت غير مناسب لأنه سيكرس الطائفية ويسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف محمد الذي يسكن الغزالية منذ نحو 25 عاما وهو أب لطفلين إن الجدار سيعزل الطرق التي تربط المنطقتين وسيؤثر بشكل كبير في عمله كسائق تاكسي مؤكدا أنه مع ذلك لن يغير العلاقات الاجتماعية رغم المصاعب التي سيخلقها ورغم تزامن بنائه مع شهر رمضان الخير والسلام. من جانبها، تقول أم علي (50 عاما) وهي شيعية تسكن الغزالية منذ أكثر من 15عاما إن الجدار سبب مصاعب كثيرة فهو غير لائق حتى كمنظر فقد حجب الرؤية عن المنطقتين". وأضافت أم علي التي كانت في طريقها إلى سوق الشعلة المجاور :"حتى زيارة الأقارب والأصدقاء أصبحت صعبة بسبب غلقه عددا كبيرا من الطرق التي تربط المنطقتين". وأكدت هذه السيدة التي فقدت ثلاثة من أبنائها في أعمال عنف في بغداد إن "الجدار يزرع كراهية وعزلة بين الناس فيما نعيش الأيام الأولى من رمضان البركة والمغفرة" أما أبو علي (41 عاما) الذي يملك محلا لبيع مواد منزلية في منطقة الشعلة حيث يسكن منذ نحو 20 عاما إن "الجدار سبب عزلة كبيرة وخلق حاجزا نفسيا بين أهالي المنطقتين، خاصة أنه تزامن مع أيام شهر رمضان". وأضاف أن "عددا كبيرا من أهالي الغزالية كانوا يترددون على سوق الشعلة لكن قليلا منهم يواصل المجيء للبحث عما تحتاج إليه أسرهم رغم خصوصية أيام رمضان".
واعتادت الأسرة العراقية على توفير أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية في منزلها لتأمين وجبة إفطار مميزة يجتمع حولها عادة معظم أفرادها.
وتؤكد القوات الأمريكية في العراق أن الجدار العازل الذي فرضته أولا حول المنطقة الخضراء التي تضم مقر الحكومة العراقية والسفارتين الأمريكية والبريطانية، وسيلة فاعلة للحد من الصراع الطائفي في العراق. بدوره يقول الطبيب محمد إبراهيم من مستشفى الصدرين في الشعلة حيث اعتاد أهالي المنطقتين تلقي العناية الطبية يقول:" كان يصل إلى مستشفانا عدد كبير من المرضى من أهالي الغزالية لتلقي العلاج بعضهم كان يصل في ساعات متأخرة من الليل". وأضاف الطبيب الذي تجمع حوله نساء وأطفال لإجراء فحوص: " أما اليوم فلا يصلنا إلا عدد محدود منهم خصوصا في المساء فتقوم دوريات الشرطة بإيصالهم إلى المستشفى". وتقول أم رائد (39 عاما)، وهي من أهالي الغزالية بينما كانت تجمع حبات الطماطم من مخزن الحاجة أم حكيم وسط سوق الشعلة - تقول إن السياج خلق متاعب كبيرة في الوصول إلى السوق لأنه ألغى عددا كبيرا من الممرات بين المنطقتين.
وأضافت: "إن كثيرين من أهالي الغزالية السنة يأتون للتبضع من سوق الشعلة بينهم نساء خصوصا خلال أيام رمضان" من جانبها، أكدت الحاجة أم حكيم (62 عاما) وهي جالسة وسط أنواع كثيرة من الخضار "أبيع الخضراوات منذ زمن ولا أفرق بين زبائني السنة والشيعة" أما أبو هدى (44 عاما) السني الذي يعمل سائق حافلة صغيرة بين الشعلة والغزالية ويقيم في الغزالية إن "الجدار أصبح يعزل بين المنطقتين فقد أصبح التنقل صعبا" مؤكدا أن "هذا أمر سيئ جدا".
وكانت القوات الأمريكية قد شيدت في نيسان (أبريل) الماضي جدارا عازلا مماثلا يبلغ طوله 4.5 كيلومتر من كتل الأسمنت المسلح تزن الواحدة منها أكثر من ستة أطنان، وارتفاعه خمسة أمتار حول منطقة الأعظمية السنية (شمال بغداد). وبررت القوات الأمريكية ذلك بضرورة منع المقاتلين الشيعة من تنفيذ هجمات تهدف إلى إجبار السنة في المنطقة على الرحيل، وكذلك منع المسلحين السنة من استخدام المنطقة لتنفيذ هجمات في الأحياء الشيعية المجاورة.