مبتورو الأطراف الأفغان يتميزون في مجال الأطراف الصناعية

مبتورو الأطراف الأفغان يتميزون في مجال الأطراف الصناعية

يضع نجم الدين هلال إخصائي العظام شرطا واحدا للموظفين المحتملين في أكبر مركز في أفغانستان للأطراف الصناعية في كابول، بملاحظة العاملين هناك من فنيين إلى حراس أمن إلى مساعدين في جلسات العلاج الطبيعي في المركز وهو أنهم يعرجون أثناء السير ما يسهل معرفة الشرط.. كلهم معاقون ونحو 80 في المائة منهم من ضحايا الألغام الأرضية.
وقال هلال مدير مركز علاج العظام في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غرب كابول "نقوم بتشغيل المعاقين فقط. إنه نوع من التمييز ولكننا نحب أن نصفه بالتمييز الإيجابي."
وتابع وهو يبتسم "هناك مزايا. إنها طريقة لتوفير الوظائف للمعاقين. إنهم يعرفون المشاكل التي يواجهها المرضى لأنهم مروا بها ومن ثم يمكنهم تعليم المعاقين بسهولة." ويبلغ عدد العاملين في المركز الذي يديره هلال في كابول 240 عاملا والمركز دائما مزدحم.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة يبلغ عدد ضحايا الألغام الأرضية في أفغانستان الذين ما زالوا على قيد الحياة 60 ألفا. ويقتل شهريا 60 فردا في المتوسط أو يصابون من جراء الألغام الأرضية أو بقايا متفجرات الحرب في أفغانستان وتشير التقديرات إلى أنه ما زال هناك أكثر من 100 ألف عبوة ناسفة في الأرض في أفغانستان.
وسجل نحو 80 ألف معاق أكثر من 30 ألف منهم من مبتوري الأطراف أنفسهم في مراكز اللجنة الدولية للصيب الأحمر في أفغانستان منذ عام 1988. و77 في المائة من مبتوري الأطراف الذين يزورون المراكز مدنيون و30 في المائة من العسكريين.
وينتج المركز الرئيسي في كابول نحو أربعة آلاف من الأطراف الصناعية مثل السيقان والأذرع والخطافات للحلول محل الأيدي, ويجري المركز نحو عشرة آلاف جراحة عظام سنويا، كما ينتج مقاعد متحركة وأجهزة أخرى تساعد على السير وتوزع على المراكز الإقليمية الأخرى.
وفي إحدى الغرف يقوم عامل بتركيب مفصل مرفق صناعي بمطرقة ثم يضع المنتج النهائي داخل صندوق. والعامل كفيف.
وفي الغرفة المجاورة يصنع عاملون بأطراف صناعية أجهزة طبية مثل المشدات والجبائر لمن يعانون الشلل. وعلى مائدة قريبة تعرض المنتجات من ركب بلاستيكية وخطافات بأحجام مختلفة بما في ذلك الأحجام الصغيرة للأطفال.
ويجلس الجندي السابق باز محمد (43 عاما)، على مقعد في إحدى ورش المركز ويقيس بحرص دعامة ساق من الصلب الذي لا يصدأ.
وكان لغم أرضي قد أطاح بساقيه عام 1989 عندما كان الجيش الأفغاني يقاتل المجاهدين بعد انتهاء الاحتلال السوفياتي
ويقول "أنا سعيد بالعمل هنا، أنا لا أعول أسرتي فقط وإنما أشعر بالفخر لقدرتي على العمل هنا ومساعدة المعاقين الآخرين."
ويوجد في المركز أيضا جناح العلاج الطبيعي حيث يقوم المرضى من الرجال بتجربة الأطراف الجديدة.. مبتورو الأطراف يتدربون في جانب من الغرفة وغير مبتوري الأطراف يتعلمون السير بدعامات على الجانب الآخر.
وراء الستار تتدرب النساء على الأطراف الصناعية الخاصة بهن.
عبد الناصر (21 عاما)، طالب حضر إلى المركز للحصول على أطراف صناعية لأول مرة.. بترت ساقه منذ أربعة أشهر عندما وطئ بقدمه لغما أثناء مطاردة نعاجه شمال كابول.
وقال وهو يقوم بتجربه الساق الجديدة "حصلت لتوي على هذه الساق الصناعية. أتمنى أن تغير حياتي."
وأكثر من 80 في المائة من مبتوري الأطراف الذين يزورون المركز من الذكور البالغين لأن في الثقافة الأفغانية يتحرك الرجال أكثر من النساء خارج المنزل وهم المقاتلون.
ويقول مركز الأمم المتحدة لمكافحة الألغام في أفغانستان إنه أزال 300 ألف لغم أرضي، وبقايا متفجرات من مليار متر مربع من الأراضي منذ عام 1989 . وبذلك يتبقى نحو 700 مليون متر مكعب من الأراضي بحاجة لتنظيفها.
وقال هلال "عدد الأطراف الصناعية اللازم توافرها ثابت لأنها تدوم عامين أو ثلاثة أعوام فقط ثم يتحتم تغييرها.. ولكن عدد مبتوري الأطراف من جراء الألغام الأرضية يتقلص. ويصاب الآن أو يقتل اثنان أو ثلاثة من جراء انفجار لغم أرضي يوميا."
وكان لغم أرضي هو ما دفع هلال (43 عاما)، للعمل في هذا المجال فقد أطاح انفجار بساقيه وهو يبلغ من العمر 18 عاما عندما كان يقود سيارته عند نهر في كابول. وكان المريض رقم 34 الذي يصل للمركز.
وما زال هلال يشعر بالألم الذي شعر به عندما انفجر اللغم المضاد للدبابات فيما يبدو في سيارته من أسفل ويقول "بعد مضي 24 عاما ما زلت أفكر... لماذا فقدت ساقي؟ لماذا لا يمكنني أن أشعر بالحشائش تحت قدمي؟ لماذا لا أشعر بقدمي في الماء؟ وهذا هو شعور الجميع نفسه.
"عندما أرى مبتوري الأطراف، وهم يأتون للمركز زاحفين ويغادرونه سيرا على الأقدام يزودني ذلك بشعور خاص."

الأكثر قراءة