كارثة نفوق الإبل .. سموم فطريات قاتلة ونخالة سيئة التخزين

كارثة نفوق الإبل .. سموم فطريات قاتلة ونخالة سيئة التخزين

نفوق الإبل كارثة وطنية واجتماعية ذات أثر اقتصادي ونفسي بعيد المدى خاصة أن الأعداد كبيرة و متزايدة ومفاجئة في الوقت نفسه،وهذه الكارثة تدعو كل جهات الاختصاص إلى التعاون لاحتواء الأزمة من جوانبها كافة، ولما تمثل الإبل من اقتصاد وتراث وارتباط شديد بابن الجزيرة العربية، وأكد أكاديميون وخبراء من جهات مختلفة أن الأزمة بدأت من تغذية الإبل بنخالة رديئة المواصفات من ناحية التخزين ولا تحمل تاريخ الصناعة أو مدة صلاحية ومخزنة بصورة رديئة وبلا رقابة، مما سمح بنمو فطريات تفرز سموما قاتلة للحيوان عندما تغذى بها، من الجهة المسؤولة عن ذلك ؟ كيف تم نفوق أكثر من ألفين من الإبل بهذه السرعة وفي أماكن مختلفة؟ كيف يتم احتواء أزمات مماثلة لو حدثت؟ وكيف تتوقف الأزمة الحالية؟ من أجل ذلك جمعت "الاقتصادية" عددا من الخبراء والمختصين لتحديد مكامن الخلل ووضع الحلول والتوصيات لمنع تكرار مثل هذه الإشكالية وتلافيها مستقبلا وإلى الندوة:

ما أنواع الإبل حول العالم؟ وما الفروقات الجينية والفسيولوجية بينهم؟
با سماعيل: الإبل عبارة عن نوعين رئيسيين وحيدة وثنائية السنام وحيدة السنام تمثل الإبل العربية وثنائية السنام تمثل إبل المناطق الباردة من العالم وأغلب الإبل أساسها إبل عربية أساسها من الجزيرة العربية وانتشرت إلى كافة أنحاء العالم بشكل أو آخر، وجميعها تظهر بشكل آخر حسب السلالات المختلفة وهذه السلالات تتميز باختلاف ألوانها فقط وهذه الألوان نابعة من تهجين وظروف فسيولوجية خاصة.
الرويلي: هناك نوعان من الإبل موجودان في العالم بشكل عام، ولكن في الجزيرة العربية يوجد نوع واحد، والاختلاف فقط في الألوان، واللاما يعد من أصناف الإبل مع اختلافه عنها، ومن الناحية العلمية يمكن أن يضم إلى الإبل.
أبو سمرة: هناك الإبل وحيدة السنام المسماة بالإبل العربية وثنائية السنام الموجودة في المناطق الباردة من آسيا والقطب الشمالي على وجه التحديد، وفي الآونة الأخيرة حصل تزاوج بين الإبل وحيدة السنام وثنائيته وأنتجت سلالة أقوى من النوعين معا، وأما بالنسبة إلى اللاما والبكيونا وهما نوعين من الإبل ولكن لا تتواجد في المنطقة العربية واستيطانهما في أمريكا الجنوبية، ومن الناحية الفسيولوجية لا نعرف عن اللاما ولا البكيونا، ولكن عن وحيدة السنام الخاصة بها تختلف اختلافا كبيرا من الإبل ثنائية السنام حيث وحيدة السنام تعودت على الصحراء وعلى الطقس الحار أما ثنائية السنام فهي متأقلمة مع الطقس البارد ويقال ثنائية السنام لأنها تستطيع أن تتحمل البرد القارس.
الحيدري: يمكن أن أضيف إلى قول الإخوة أن الجمال تتبع العائلة الجملية وفي هذه العائلة عبارة عن جنسين أساسين الإبل واللاما ،الإبل وحيدة وثنائية السنام واللاما عبارة عن أربعة أنواع تقريبا فهذا هو التقسيم للعائلة الجملية، وسبحان الله، إنها تتميز جميعا بتحملها للظروف البيئية القاسية سواء الباردة جدا أو شديدة الحرارة.
السويلم: إلى وقت قريب كانت الفروقات الجينية بين الإبل علامة استفهام كبرى عند كثير من الباحثين، والإبل لم تخدم من ناحية جينية والدراسات الجينية بالدرجة الكافية، ولذلك إلى وقت قريب كان هناك خلاف بين الباحثين حتى في عدد الكروموزومات الخاصة بالإبل هل هي 74 أو 72 كرموزوما بحسب الطرق المعملية التي كان يستخدمها الباحثين في ذاك الوقت إذ دخلت بشكل تفصيلي أكثر ستجد أن هناك فروقات بين أنواع الإبل الموجودة في المملكة والتي تصنف بحسب ألوانها في المملكة، وستجد أن هناك عددا من الاختلافات الجينية وأمكن في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من تصنيف الإبل بحسب بصمتها الوراثية واستخدمنا عددا كبيرا من الجمال بما فيها نتيجة تزاوج الإبل ذات السنام والسنامين أيضا تصنف معها ببصمتها الوراثية، وهذا يؤكد أن هناك في الحقيقة اختلافات جينية بين هذه الأصناف من الإبل.
ما الفروقات التي جعلت هذا الحيوان يكون لاما وهذا يكون ذا سنام واحد وآخر بسنامين؟
السويلم: عدد من الكروموزمات هي التي تجعل الفروقات بين الأشكال والأصناف المختلفة، والألوان قضية أخرى مختلفة وهي قدرة بعض الجينات على أن تطغى على جينات أخرى أو نشاط معين عند منظومة من الجينات، مما يزيد من لون معين ويخفف من الآخر وهو مؤشر على اختلافات جينية بين هذه الجمال، خاصة فيما يتعلق بنشاط بعض الجينات عند جمال محددة.
الطيب: تقسيم الحيوانات أو الكائنات الحية إلى عائلات وأجناس يعتمد على تركيبة جينية للحيوان عادة لا يعني أن تكون حيوانات من العائلة نفسها أن تكون متطابقة أو متشابهة، فالجمل جمل واللاما لاما والمقارنة بينهما تكون فيها صعوبة.
ما الوصف الفسيولوجي للإبل وماذا تتميز به عن بقية الأنعام؟
باسماعيل: الإبل تميزت عن بقية الأنعام في ارتفاع قاماتها التي تساعدها على التأقلم على الظروف البيئية الصحراوية وتقليل تعرضها لدرجات الحرارة المباشرة من الأرض, كما يتميز جسمها بالوبر الذي يقيها برودة الجسم في الشتاء وتتميز بالوسائد المختلفة سواء تحت الجسم أو في الأرجل أو الخف الذي تتميز به عن بقية الحيوانات, الإبل لها تميزها الواضح في الخف الذي يساعدها في السير على الرمال وعدم الغوص فيها, كما تتميز الإبل برقبتها الطويلة مقارنة بالحيوانات الأخرى وهذه الرقبة تساعدها على تناول طعامها من أماكن مرتفعة وطبيعة تركيب الوجه والعيون والفم نفسه كلها تهيئها للتعامل مع البيئة الصحراوية ونوعية النباتات الموجودة فيها.
الرويلي: الوضع الفسيولوجي هو الذي ساعدها للتكيف مع هذه البيئات سواء كانت مناطق رملية أو صحراوية وقلة المياه أو شدة البرودة, ونجدها تتميز عن بقية الحيوانات بتأقلمها مع درجات الحرارة المرتفعة مثلا نجد أن احتياجها المائي قليل جدا وتستطيع أن تصبر على العطش لأيام طويلة، فهناك فسيولوجيا للأبل تساعدها على التخلص من الفضلات حيث تملك تقنية استخلاص المياه من فضلاتها، فهذه أكبر ميزة للإبل عن بقية الحيوانات.
أبو سمرة: قال الله تعالى في محكم تنزيله "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" وبحق فهي كلمة الله العليا، فسيولوجيا الإبل تختلف عن جميع الحيوانات في شتى مناحيها، وكما ذكر الإخوة تستطيع أن تتأقلم على حرارة الجو، وفي الإبل ليس هناك جهاز يضبط الحرارة كبقية الحيوانات أو الناس إنما هناك جهاز في مخ أو في دماغ الإبل يعمل بتنظيم عالي الدقة فالإبل لديها السيطرة على حرارة جسمها وتتكيف الجو خارج الجسم بدرجة إنه إذا ارتفعت الحرارة تقوم الإبل برفع حرارة أجسامها والعكس صحيح.
هل يتأثر نشاطها الفسيولوجي الطبيعي أثناء هذه العملية؟
أبو سمرة: أبدا لا يتأثر على الإطلاق فهي ترفع وتخفض درجة حرارة أجسامها بلا تأثير.
والمشكلة الآن التي نعانيها من نفوق أعداد كبيرة جدا من الإبل لأن ما شاهدناه وأجريناه تجريبيا أثبت أن أعراض السمية كانت أعراضا عصبية مما أدى إلى خلل في التوازن البيئي، وعندما يحصل خلل في التوازن البيئي في الإبل من الصعب جدا أن تعيد الإبل لحالتها الطبيعة، والإبل تملك شفة عليا مقسومة كي تلتقط النباتات الشوكية من دون إشكالية وهذا لا نجده في بقية الحيوانات, وتملك الإبل ما يسمى الغشاء الثالث في العين في حالة الأعاصير والرمال الشديدة فهي تغطي أعينها بهذا الغشاء ولكنها ترى من خلاله، وهذا لا تملكه الحيوانات الأخرى، والغدة الدمعية متطورة جدا لدى الإبل وتستخدم الإبل هذه الخاصية لغسل العين عند تلوثها بالرمال، وللإبل في حرارة الصيف الشديد تجدها باركه على الوسائد التي تحميها من حرارة الرمال وترفعها قليلا لمرور تيار هوائي من تحتها يساعدها في التكيف مع الحرارة والبرودة, ومن الناحية الفسيولوجية لديها المقدرة على السيطرة على كمية المياه الموجودة لديها وهذه مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتكيف المناخي, كلية الإبل لديها خاصية امتصاص أكبر كميات من الماء والإبل تستطيع في بعض الحالات تسجيل أرقام 1300 مليجرام من السكر في الدم ويمكنها أن تحفظ هذه الكميات من السكريات أو أعلى منها، والإبل يمكن أن تشرب ماء البحر مباشرة وتستطيع التخلص من كمية الأملاح أو كمية السكريات بسهولة عندما تجد الماء العذب، ولا تتخلص من هذه الكميات من الأملاح أو السكريات ما لم تجد الماء العذب لماذا؟ إذا حاولت التخلص من هذه الكميات الهائلة من الأملاح والسكريات ستفقد سوائل، وهي بطبيعتها تسيطر على كمية السوائل الموجودة في الجسم ولا تفرز هذه الكميات إلا عندما تجد الماء العذب وهذه هبة إلهية كبيرة للإبل وبالتالي للإنسان .
فضلات الإبل جافة ما التقنيات التي تستخلص بها الماء وتجعل المخلفات صلبة لهذه الدرجة؟
أبو سمرة: الامتصاص عملية فسيولوجية، لماذا؟ لأن الإبل لديها أمران الأول التحكم في البيئة المناخية التي حولها، والتحكم في كمية المياه لديها، وعنصر اليوريا مثلا يؤثر تأثيرا مباشرا في امتصاص كمية المياه الموجودة والإبل تحتفظ بكمية من اليوريا أكثر من بقية الحيوانات، وهذا يساعدها على الامتصاص للمياه من الفضلات، لهذا السبب تخرج الفضلات جافة لأن الإبل تحاول بقدر الإمكان أن تحتفظ بأكبر كمية من السوائل داخل جسمها، لو لاحظت الروث لها يخرج بشكل حبيبات جافة ومتماسكة ما لم يحصل خلل نتيجة لمرض أو لأمر آخر، والإبل تتميز عن الأبقار والأغنام والماعز في الهضم الذي يقوم على عملية تخمير، أما في الإبل توجد طريقتان فالكرش الأساسية للتخمير ويوجد جزء في الكرش فيه غدد تفرز إنزيمات يمكن أن تهضم الأشياء التي لا تستطيع بقية المجترات أن تهضمها، ففي وقت الجفاف الشديد يمكن الإبل أكل أعواد من الخشب اليابس وتستخلص منها سليلوز ينهضم وينتج منه كربوهيدرات. وبهذا لا نستطيع أن نسمي الإبل حيوانات مجترة لأنها ليس مجترة في الواقع هي ترجع الأكل فعملية الاجترار موجودة ولكن الجهاز الهضمي لها يختلف عن المجترات الأخرى بشكل واضح.
الحيدري: الإبل تعيش بشكل عام في مناطق صحراوية، مواصفات المناطق الصحراوية خاصة في الصيف أن درجة الحرارة بالنهار تصل إلى 55 درجة مئوية وفي الليل 25 درجة، وهذه مثبتة ومعروفة. الإبل تعيش في هذه الأماكن بسبب الخصائص الفسيولوجية التي تميزها, ولو ذهبنا إلى الربع الخالي أو الدهناء لا تجد إلا الإبل كحيوانات كبيرة مع قليل من الحيوانات المحدودة جدا بسبب قسوة الطبيعة، والإبل من الحيوانات المجترة حقيقة وبعض المراجع تقول إنها مجترات كاذبة, الإبل تأكل أي شيء تقريبا والذي لا يصلح للاستهلاك الآدمي أو بقية الحيوانات الأخرى مثل النباتات الشوكية على سبيل المثال عندما تنزل كميات النبات الشوكي الكبيرة إلى الكرش الضخم وتتخمر نتيجة لوجود أعداد كبيرة من البكتيريا ومن الأحياء الدقيقة تتغذى على الألياف الموجودة فيتم تخميرها ونتيجة لهذا تفرز غازات وهذه الغازات في الكرش نتيجة لتخمرات وهذه التخمرات تنتج أحماضا دهنية طيارة وتمتص من قبل جدار الكرش وهذا مصدر كبير للطاقة. والحيوانات العادية تحتاج لجلوكوز ومواد غالية ومكلفة اقتصاديا في عملية الهضم أما بالنسبة للإبل فتحصل بشكل مجاني على هذه الأحماض الدهنية الطيارة، وتتكون البروتينات لبناء الجسم فينمو وينتج ويتناسل غذائيا. وبالنسبة لتحمل الإبل للعطش قالوا في أول اعتقاد أن الكرش مخزن للماء، ومن ثم قالو السنام هو مصدر للماء والحقيقة في حالة الجوع تستخدمه الإبل بالتأكيد وتفيد الحيوانات في الحصول على مصدر للطاقة وقت الحاجة, الخف قالو إنه يمكن أن يخزن فيه ماء ولكنه يساعد على المشي. ولكن أنا أتوقع أن العملية معقدة جدا جدا في جسم الإبل، حيث تعمل الأجهزة فيه بشكل متناغم مع بعضها كي تعيش الفترة الطويلة بلا ماء, جهاز التنظيم الحراري لدى الجمل جهاز معقد جدا لدرجة أن الحرارة العادية للإبل تساوي 36,5 أقل من الإنسان وهذا إذا كان يعيش في وضع طبيعي ويشرب الماء وإذا عطش يحدث تغير في درجة الحرارة جسم الجمل، مثلا في أشد درجات حرارة يسمح برفع درجة حرارته إلى 42 درجة مئوية بهذه التقنية كي لا يفقد ماء.
هل رفع درجة حرارة الجمل يزيد نسبة البخر لديه؟
الحيدري: لا لا تضره من ناحية البخر مثلا إذا جاتنا الحمى ترتفع درجة حرارتنا لا نعرف نتيجة تقنية الجسم فنحس بالبرد رغم ارتفاع درجة حرارتنا والإبل تستخدم نفس التقنية بشكل غير مرضي وعادي, والغريب إذا تعرضت الناقة إلى ظروف من الجفاف والعطش، في الحيوانات تقلل من الحليب ومن نسبة الماء أما الناقة فتحافظ على نسبة في الحليب ثابتة في أغلب الظروف.
السويلم: أسمي الإبل نظاما خلقه الله سبحانه وتعالى بشكل متكامل مع الصحراء، وهذا نظام عجيب ولا ينقطع عجب الباحثين إذا استمروا في البحث حول هذا النظام والفروقات بين الإبل وغيرهم نتطرق لها بشكل سريع جدا كرات الدم الحمراء في الإبل تختلف عن بقية الحيوانات وهذا نوع من التمييز.
ما وجه الاختلاف؟
السويلم: وجه الاختلاف في شكلها عن بقية الحيوانات، كريات الدم الحمراء عندها تحمل نواة، كريات دم الإنسان لا تحمل نواة ،وفي الحيوانات بيضاوية بينما
في الإنسان مقعرة الوجهين وفي الإبل أخذت صفات وسطية بينهما،ومن شكل كريات الدم الحمراء في الإبل إلى الإمساك بالأوكسجين وقدرات الهميوجلوبين على اختزال الأوكسجين ونقله إلى أجزاء الجسم عالية جدا جدا وتفوق الكثير من الحيوانات, الكلية تقوم وتهتم بنوع المياه ومعالجتها لكن كلية الإبل تتميز بقدرة عالية على تحمل تركيز البول، لدرجة أن بول الإبل نسبة الأملاح فيه عالية جدا فهي ضعفي مياه البحر، والحيوانات في كثير من الأحيان تطرد اليوريا من الجسم عن طريق البول, لكن الجمال لها قدرة خاصة على استخدام اليوريا إذا نقصت البروتينات في غذائها يمكن أن تدير اليوريا في جسدها لبناء البروتينات وبالتالي لها قدرة أعلى من غيرها من الحيوانات على الاستفادة من الغذاء. عند الجمال شعيرات دموية خاصة قريبة من سطح الجلد ودقيقة جدا تسمح بمرور كرية دم واحدة فقط وبالتالي تسمح بوصول الأوكسجين إلى مناطق معينة من جسم الإبل وهذا موجود في كل المخلوقات ولكن تتميز الإبل بأن الشعيرات الدموية جدارها سميك جدا ولذلك لا يسمح بنفاذ الرطوبة وبالتالي النظام الدموي في الإبل مغلق بشكل محكم جدا ولا يسمح بأي تسريب للرطوبة، الأبقار والأغنام إذا ارتفعت الحرارة في البيئة المحيطة بالحيوان درجة واحدة يزيد عدد مرات التنفس لديه في الدقيقة، وكلما زاد التنفس زاد طرد كميات إضافية من الأبخرة، وبالتالي تحتاج لمزيد من الماء, لكن الإبل دائما تقف عند عشرين مرة تنفس في الدقيقة الواحدة، وهذا فارق كبير جدا بينها وبين الحيوانات الأخرى وهي مقدرة منحها الخلق سبحانه للإبل للمحافظة على الرطوبة بشكل كامل وامتصاص كميات كبيرة من المياه من فضلاتها، وبالتالي لا تخرج إلا الكميات
التي لا تحتاج إليها، الدهون في حليب النوق نصف الموجود عند حليب الأغنام وقلة الدهون تعطي ميزه إضافية لمن يرغب في حليب الإبل.
الطيب: الإبل تتميز بجودة تكيفها في البيئة سواء بالنسبة للمشي في المناطق الصحراوية أو حفاظها على المياه والتكيف في الغذاء وطريقة رعي الإبل مميزة عن الأغنام وعن الماعز تجد الإبل تأكل بشكل اختياري في الظروف الغذائية الطبيعية، وهي تمشي وتقطف حسب حاجتها وهذا مناسب للطبيعة الصحراوية.
ما أسباب المشكلة الحالية ونفوق أعداد من الإبل بشكل متسارع هذه الأيام؟
باسماعيل: في تصوري نبعت المشكلة أساسا من الغذاء، وللأسف الشديد المربون ليس لديهم القناعة الكافية لأهمية التغذية المتكاملة ومشكلة التغذية المتكاملة التي تعتمد على أنواع مختلفة من العناصر الغذائية التي توفر للحيوان احتياجاته الأساسية من الطاقة والبروتين والعناصر الأساسية كالأملاح والفتامينات. والمشكلة أن اعتقاد المربين، خاصة الذين يربون حيواناتهم في حظائر أن إعطاء الحيوان تبنا، نخالة أو شعيرا حسب ما يتوافر منهما هذا كاف وهذان النوعان النخالة أو الشعير مع التبن أو حتى مع الدريس يكفي، والأعلاف الخضراء ليس غذاء متكاملا يفي باحتياج الحيوان، من جميع العناصر الغذائية كما أن التبن من مخلفات زراعة القمح وقيمته الغذائية منخفضة جداً. الشعير عبارة عن غذاء نشوي فقط كطاقة جزء كبير منه لا يستفيد منه الحيوان لا يستطيع أن يهضمه لوجود السفا والأغلفة المحيطة بالحبة، النخالة عبارة عن مخلفات صناعة الدقيق. صحيح أنها فيها نسبة عالية من البروتينات لكنها ليست بالغذاء المتكامل، ليست بالغذاء الذي يوفر للحيوان احتياجه والنخالة لها ميزة معروف عنها أنها مليئة بالفيتامينات وبسبب هذا كل تجارب التغذية تنصح بعدم زيادة نسبة النخالة عن 30 في المائة من تكوينه العليقة بالتالي الاعتماد الرئيس على النخالة هذه الأيام، ووضح ذلك في مشكلتنا الحالية فيما يبدو لي أنها أتت نتيجة لتخزين سيئ وهذا التخزين السيئ أدى إلى نمو فطريات وهذه الفطريات أنتجت سموما معروف عن هذه السموم الفطرية أنها قاتلة، وبالتالي ظهرت المشكلة والنخالة كانت السبب، وهي متغيرة في لونها وطبيعتها ورائحتها وهذه كلها دلائل على عدم صلاحيتها لتغذية الحيوانات.
المربين لا يرون تلك العيوب، وهم غير موجودين بل إن العمل كله بين يدي رعاة من جنسيات مختلفة وهو استوفى التغذية وعند موت أول مجموعة لم يوقف استمرار تغذية الإبل بهذه النخالة الرديئة والسامة.
لماذا نفوق الإبل الحالي والنخالة موجودة منذ فترة طويلة ولم تحصل هذه المشكلة بهذا المستوى؟
باسماعيل: وهذه أحد المبررات التي ذكرت حيث إن النخالة تعرضت لتخزين سيئ.
وهل هي في السابق تخرينها كان جيداً؟
باسماعيل: إن ما فهمناه عن الموضوع أن الصوامع لا تخزن وتبيع إنتاجها أولا بأول وبالتالي إذا كان المربي أو موزع الأعلاف قد خزنها في مخازن سيئة وتعرضت هذه المخازن لرطوبة ومبيدات حشرية أو مبيدات قوارض فهذه كلها عوامل مساندة للمشكلة، وبسبب ذلك كنا ننادي أن يكون للصوامع قدرة تحدد الدفعة التي تنتج من النخالة ليعرف الوقت والتاريخ والصلاحية ليتم إتلاف السيئ منها، لو كان هناك تاريخ تصنيع وبيع ومن اشترى هذه النخالة وكم مكثت لديه وذهبنا إلى موزع النخالة وفحص المخزن هل هو صالح أم لا. ولا تعطى عمليات التوزيع إلا لأشخاص لديهم قدرة جيدة على التخزين بأحسن المواصفات والتوزيع حيث لو تم هذا لا شك لسلمنا من هذه المشكلة وبهذه الدرجة. والكثير من المشكلات في هذا الخصوص حلت، لكن للأسف الشديد لعدم وجود برنامج تصنيعي متكامل ومتابع من قبل جهة الاختصاص، انتشرت هذه المشكلة وزاد تفاقمها.
من السبب الحقيقي في وجود هذه المشكلة؟
باسماعيل: أنا أضع المشكلة في قلة التوعية ما بين الصوامع التي أعطت تعليمات على المنتج، وتنقصنا من قبل وزارة الزراعة ناحية الإرشاد ولدينا نقص واضح في المرشدين الزراعيين، والمجلة الزراعية الوحيدة لم تصل إلى كل الناس، والبرنامج الإذاعي التوعوي الوحيد يتم بثه والناس نيام،والوعي ينقصنا بين الجهات الثلاث الصوامع والمربي والموزع. الصوامع أنتجت وباعت بشكل يومي، الموزع حسب ضميره إذا وجد طلبا باع وإذا لم يوجد خزن، أنا أتصور ظهور المشكلة مع ارتفاع الشعير فاقمها.
لماذا لم تظهر المشكلة على الأبقار وهي تستهلك كميات من النخالة؟
باسماعيل: تضاف النخالة للأبقار كعلف ثانوي وليس علفا رئيسا وهناك مصانع أهلية منظمة تخص الأبقار ومربي الأغنام لا يشتري النخالة كعلف وحيد للتغذية وهنا المشكلة. طريقة تربية الإبل تختلف عن طريقة تربية الأبقار، الأبقار تعد قمة في عملية تنظيم التغذية لأنها تتم تغذيتها على أسس غذائية واضحة منظمة لأن أي خلل في التغذية سيتعثر بسببه إنتاج الحليب ويخسر المربي، ولذلك تجد أصحاب مشاريع الألبان يهتمون بالتغذية بدرجة كبيرة، ومربو الأغنام يهتمون بالتغذية لأنهم يبيعون خرافا إذا الخروف لم يصل إلى وزن معين لن يجد السعر المناسب والمطلوب، أما غالبية أصحاب الإبل فلا يهتمون بالتغذية الخاصة بها.
إذا وجدت مرعى هذا خير وبركة، أو إذا توافر تبن أو أي مادة تغذية لها لا يهم ذلك لأن المربي تعود على عدم الاهتمام بتغذيتها. وأنا لي تجارب مع المربين عند بداية مشروعنا، تصور عند ذهابك لمرب وتريد أن تشتري منه (البكرة الفلانية) يجيبك أنه لن يبيعها بأقل من أربعين ألفا، وتأتي وقت قلة الغذاء ويتضح أن ليس لديه استعداد أن يدفع ألفي ريال كي يغذيها ويحافظ على سعرها، إذا هو يعتقد أن سعرها يساوي أربعين ألف ريال فهو مستعد أن يبيعها في الظروف السيئة بأي مبلغ للتخلص منها، وهذه مشكلة وأنت تشاهد عند ذهابك إلى سوق الإبل تجد حيوانات تأتي بالشاحنات ضعيفة غذاؤها سيئ يمكن أن تكون قيمتها لا تساوي أجرة نقلها إلى السوق، لماذا؟ لأنها سيئة، وضعيفه ورديئة.
الرويلي: أنا ليس لدي خلفية كبيرة عن السبب غير ما أقرا في الصحف وأشاهده في التلفاز عن سبب النفوق والسؤال الذي يطرح أنا أعتبر هذا كارثة وطنية كيف يمكن احتواؤها؟ كلنا متفقون أن وضع الإبل في السعودية لا يرقى إلى مكانتها كناحية اقتصادية أو بحثية أو تطويرية برهنت هذه الكارثة على حقيقة ضعف الكثير من الجهات الحكومية لاحتواء هذه المشكلة من يلام بالدرجة الأولى؟ وزارة الزراعة نعم الوزارة يمكن أن تكون كبش الفداء ولكن هناك جهات حكومية أخرى غيبت أو تغيبت. الجامعات غيبت أو غابت عن الموضوع الجامعات تنتظر طلب من الوزارة بأن تستعين بها مع احترامي لزملائنا أنا لا أنظر "للمدينة" والجامعات تنتظر بل العكس يجب أن تبادر من ناحيتها أعرف أن مختبرات وزارة الزراعة لا تستطيع تحديد المشكلة ونعرف أن الجامعات لديها مختبرات على مستوى عالمي مثل جامعة الملك سعود هناك الإنتاج الحيواني وعلوم الحيوان والصيدلة لماذا لا يكون هناك فريق عمل من الجامعات والوزارة؟!
حتى هذه اللحظة هل تشكل هذا الفريق؟
الرويلي: للأسف لا يوجد التعاون المطلوب والمفروض وهذه ليست أول كارثة تحصل،حادثة حمى الوادي المتصدع المشهورة نعتقد أن وزارة الزراعة لم تتحرك في الوقت المناسب ويجب أن تتدخل في حل هذه الإشكالية وحلول أخرى، وتبرهن هذه الإشكالية أن الوضع الراهن للإبل من إنتاج وغيره لا يرقى لمكانة الإبل والحلول تأتي في كثير من الأوقات متأخرة وعن طريق الأزمات.
ما تكاليف كارثة نفوق الإبل حالياً؟
الرويلي: الأرقام تقول إن عدد النفوق تجاوز ألفي رأس، ويمكن أن تكون كارثة على مستوى أكبر لكن ننتظر إضافة إلى أنها كارثة اقتصادية، هناك مربون وعائلات فقدوا قطعانهم بالكامل، بالنسبة لهذه العائلة تعد كارثة غير مسبوقة، وقد يكون هناك مربون ليست لديهم مشكلة ولكن انتشار المشكلة والتأخر في حلها وتحديد السبب أعتقد أن وزارة الزراعة ملومة وأضيف إليها جهات كثيرة حتى وزارة الصحة، إذا كانت هناك إشكالية ومختبرات غير مجهزة لوزارة الزراعة لدينا مستشفى التخصصي مثلاً.
هل الجهة المخولة مهيأة لمثل هذه الكوارث؟
الرويلي: أنا لا أعتقد أنها مهيئة كاملا لهذه المشكلة وأعتقد أنه يجب ألا نحصر جهة واحدة للحل بل إن تعاونا كاملا لاحتواء أي كارثة مقبلة لا سمح الله شيء جميل أن نرسل عينات إلى مختلف دول العالم فرنسا وألمانيا وننتظر النتائج لكن الحمد لله أعتقد أنه لدينا مؤسسات بحثية قادرة على أن تبحث وهناك كوادر وطنية وغير وطنية قادرة على التعامل مع المشكلة بكل أبعادها.

التوصيات:

- ضرورة ترقيم عبوات الأعلاف ووضع تاريخ كل دفعة على العبوات ومراعاة مستودعات التخزين لكل الموزعين.
- العمل على إيجاد فرق طوارئ لمثل حالات نفوق الإبل لديها القدرة على سرعة المرونة والتحرك ومشكلة من جهات الاختصاص كافة.
- ضرورة إنشاء مركز للإبل في منظمة الرياض أو وادي الدواسر لقربه من مراكز الأبحاث ووجود منطقة تجمع للإبل
- دعم كراسي للبحث في مجال الإبل في الجامعات المحلية والأجنبية ونشر الأبحاث التي نركز عليها.
- ضرورة وجود برنامج توعوى غذائي صحي للإبل يلائم المربين ويدعم من وزارة الزراعة ومراكز الأبحاث ويتم نشره في كل وسائل الإعلام.
- وجود مركز بحثي متقدم للفطريات الحيوانية والسموم ممول من قبل الجامعات ومراكز البحوث وجهات الاختصاص.

الأكثر قراءة