ارتفاع أسعار النحاس يهدد الاستثمارات الجديدة .. والمصانع السعودية تستهلك 300 ألف طن

ارتفاع أسعار النحاس يهدد الاستثمارات الجديدة .. والمصانع السعودية تستهلك 300 ألف طن

أعاد استقرار أسعار معدن النحاس عالمياً الاطمئنان إلى المستثمرين في مجال صناعة الكابلات، على الرغم من ارتفاع تلك الأسعار عن معدلات الأعوام السابقة، غير أنه عزز من ثقة المستثمرين بمحافظتها على معدل تذبذب ثابت. وأسهمت الأسعار العالمية لمعدن النحاس، التي شهدت خلال العام الماضي ارتفاعات قياسية في تكاليف الصناعات المحلية التي تعتمد على النحاس كمدخل أساسي أو ثانوي في صناعاتها.
ويأتي في مقدمة تلك الصناعات التي تأثرت كثيراً بالأسعار العالمية صناعة الكابلات والتمديدات الكهربائية، التي بلغت أسعارا غير مسبوقة في السوق المحلية.
وأوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور سعد الزعيم المدير التنفيذي لمجموعة كابلات الرياض، أن أسعار النحاس التي تشهد ارتفاعاً مستمراً منذ ثلاثة أعوام في الأسواق العالمية، لا تزال مرتفعة على الرغم من حدوث تراجع في معدلاتها خلال الشهرين الماضيين بمعدل ألفي دولار للطن.
وبين أن ارتفاع الأسعار لا يهدد الاستثمارات الحالية، بقدر ما يهدد الاستثمارات الجديدة التي ستتكبد أسعارا عالية في مدخلات الإنتاج الرئيسية.
وأكد أن مصانع الكابلات الحالية كانت تعاني قبل نحو عامين وجود فائض من الإنتاج، غير أن تحسن الطلب خلال العام الجاري أسهم في امتصاص الفائض ورفع ربحية تلك المصانع. إلى التفاصيل:

كيف تنظرون إلى تذبذب معدلات أسعار خام النحاس عالمياً، وهل تتوقعون استمراره؟
الأسعار العالمية لمعدن النحاس حالياً مستقره عند ستة آلاف دولار للطن، وهي أسعار مرتفعة عن معدلات العام الماضي، غير أن الأسعار شهدت انخفاضاً مؤقتاً خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي حيث بلغت 5800 دولار لتعود الأسعار إلى معدلاتها السابقة، لكن أستطيع القول الآن إن مرحلة ارتفاع الأسعار التي كانت تسمى انتقالية أصبحت واقعا وتتعايش معها المصانع المنتجة.

هل أثرت تلك الارتفاعات في المستهلك النهائي؟
بكل تأكيد إنها انعكست على المنتجات النهائية التي ارتفعت أسعارها على المستهلك، وبنسب متفاوتة بحسب نسبة النحاس في المنتج النهائي، وقد تجاوزت في بعض المنتجات 300 في المائة.

ما نسب معدن النحاس في صناعة الكابلات في السوق المحلية؟
نسبة النحاس تبدأ من 5 في المائة في كابلات الهاتف، وتصل إلى أكثر من 80 في المائة في كابلات الكهرباء، ولذلك فإن الأسعار النهائية ترتفع بحسب تلك النسب.

في ظل الارتفاع الكبير في أسعار النحاس وتذبذبها المستمر ما مدى تأثيرها في مبيعات شركات الكابلات؟
المشكلة الحالية لدى مصانع الكابلات ليست في المبيعات، ولكن المشكلة الأكبر لدى المصانع في المخزون، حيث إن المصانع في الغالب توفر كمية كبيرة من المخزون من المواد الأساسية، وفي ظل ارتفاع الأسعار فإن المصانع تقلص كمية المخزون، وهناك طلب كبير حالياً على الكابلات في السوق المحلية، بسبب النمو الكبير والطفرة التي تشهدها حالياً السوق السعودية، وهو ما أنعش الشركات المنتجة للكابلات.

هل تعتقدون أن يؤثر تراجع الطفرة الاقتصادية حالياً في السوق المحلية في مستقبل شركات الكابلات؟
بعد الطفرة نتوقع أن يكون هناك فائض في الإنتاج لدى الشركات المنتجة، التي كانت في وضع صعب قبل حدوث الطفرة الحالية في السوق المحلية وأسواق دول الخليج العربي، التي أنقذت شركات الكابلات وحسنت من ربحيتها، فمعدلات النمو الحالية كانت أكبر من المتوقع، حيث كانت التوقعات تقدر حجم النمو في الطلب على الكابلات خلال عام 2005م أن تراوح بين 2 و3 في المائة، فيما تجاوز النمو الحقيقي 9 في المائة.

ما أبرز القطاعات التي تضررت من ارتفاع أسعار كابلات النحاس؟
المتضرر الأكبر من ارتفاع تكاليف إنتاج الكابلات شركات الكهرباء التي تعتمد في تنفيذ مشاريعها بشكل أساسي على تمديدات الكابلات، والمقاولون المرتبطون بعقود طويلة لتنفيذ مشاريع من هذا النوع.
وكذلك سينعكس ارتفاع الأسعار على عدد من القطاعات التي لها علاقة بتلك الصناعات وخاصة قطاع الإنشاء والتعمير، الذي سيكون من أكبر المتضررين من ارتفاع أسعار المواد التي يعد النحاس مدخلاً رئيسياً في صناعتها.

وما أسباب ارتفاع أسعار النحاس عالمياً؟
سبب الارتفاع يعود لعدة عوامل تضافرت جميعها لتحقيق هذا النمو الكبير، ومن أهمها ارتفاع أسعار الطاقة في العالم، حيث إن مصاهر النحاس تحتاج إلى معدلات عالية من الطاقة، إضافة إلى أن أسعار النحاس تعادل في العالم بالدولار، ولذلك فإن المنتجين يرفعون أسعار المعدن لتعويض فارق السعر بين الدولار والعملات الأخرى، بعد التراجع الكبير الذي شهدته أسعار صرف الدولار.

في ظل اعتماد صناعة الكابلات الكهربائية على معدن النحاس، هل توجد بدائل أخرى في حال تعرض إمدادات النحاس للتوقف؟
هناك بدائل للنحاس ومن أهمها معدن الألمنيوم، وهو حالياً أقل تكلفة من النحاس، حيث إن سعر طن الألمنيوم حالياً أقل بكثير من سعر النحاس، وهو أخف وزناً من النحاس، ولكن ناقلية الألمنيوم أقل من النحاس في كيابل الكهرباء وتصل إلى نحو 60 في المائة من ناقلية النحاس.

كم عدد المصانع الوطنية التي تعيد تصنيع النحاس الخام في السوق المحلية؟
حالياً يوجد ثلاثة مصانع تتولى إعادة تشكيل النحاس، الذي يتم استيراده على شكل صفائح يعاد تصنيعها على شكل كيابل.

وما حجم استهلاك السوق المحلية من النحاس في مجال صناعة الكيابل؟
يقدر حجم استهلاك السوق المحلية من معدن النحاس في صناعة الكابلات بنحو 300 ألف طن في العام، وتختلف التكلفة بحسب الأسعار العالمية للمعدن، وبموجب الأسعار الحالية تقدر التكلفة بنحو 2.4 مليار دولار في العام.

ما أبرز المعوقات التي تمر بها الصناعة الوطنية بشكل عام؟
الصناعة الوطنية بشكل عام تمر بنهضة كبيرة، ولكنها تمر بعدد من المعوقات من أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام، ونقص الأيدي العاملة المدربة سواء في السوق المحلية أو المستقدمة من الخارج، إضافة إلى نقص المياه والغاز، والبنية التحتية للصناعة تحتاج إلى دعم أكبر من الجهات الرسمية.

وما متطلباتكم كصناعيين من الوزارة والدور الذي تؤملونه منها؟
دور وزارة التجارة والصناعة تنظيمي، وهنا لا بد أن تقوم الوزارة بإعادة النظر في التراخيص الصناعية الممنوحة، حتى لا تكون هناك منافسة غير صحيحة في السوق المحلية.

وكيف تنظرون كصناعيين إلى مستقبل الصناعة الوطنية في ظل تقارب الأسواق وانفتاحها على بعضها بعضا مع تراجع الدعم الحكومي للصناعات الوطنية؟
بعض الصناعات ستتأثر سلباً بعد فتح الأسواق ورفع الدعم الحكومي، وبعض الصناعات التحويلية التي بنيت على أسس اقتصادية سليمة ستستفيد من فتح الأسواق العالمية لمنتجاتها.

يشكو كثير من الصناعيين من تخلي وزارة التجارة والصناعة عن دورها في إقامة المدن الصناعية وتقديم الأراضي الصناعية المؤهلة بأسعار متدنية، وأناطت هذا الدور بالقطاع الخاص، فما رؤيتكم في هذا المجال؟
النظرية التي تبنتها الوزارة بأن تتولى جهات أهلية تنفيذ المدن الصناعية من الوجهة النظرية صحيحة، ولكنها على أرض الواقع غير ممكنة، فكل الدول المجاورة تتولى فيها الحكومات إقامة المدن الصناعية، لأنها جزء من البنية التحتية.

الأكثر قراءة