برام كوهين

برام كوهين

برام كوهين

[email protected]

من سنحت له الفرصة لمشاهدة مركز الشبكة في أحد مزودي الخدمة أو أحد القطاعات الكبيرة فسوف يلاحظ الومضات المتكررة في أجهزة المحولات والتي تعكس مرور البيانات فيها، ولعله قد يتساءل عن ماهية البيانات التي تنتقل خلال هذه المحولات. ولقد اطلعت قبل يومين على إحصائية تجيب عن هذا التساؤل وتبين نسباً لنوعيات البيانات المنتقلة عبر الإنترنت. ولو سألت أحدهم أن يخمّن نوعية البيانات التي تستحوذ على النسبة الأعلى في الانتقال عبر محولات الإنترنت لقال لك بدون تردد إنها بيانات صفحات المواقع والمنتقلة عبر بروتوكول HTTP وهذا تخمين منطقي نظرا لشعبية مواقع الإنترنت ولكونها بلا مبالغة أكثر التطبيقات استخداما بين أجهزة المستخدمين. إلا أن هذا التخمين، على الرغم من منطقيته، غير صحيح! إن البروتوكول الذي يستحوذ أكبر نسبة في نسبة نقل البيانات هو بروتوكولات مشاركة الملفات P2P والتي استحوذت على نسبة تتراوح بين 50 في المائة إلى 90 في المائة من كافة البيانات في الإنترنت، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى تطبيق بت تورنت BitTorrent الشهير والحاصل على مايقارب 75 في المائة من هذه النسبة منذ ظهوره في منتصف عام 2002! .
هذا البروتوكول، بغض النظر عن استخداماته، هو قصة نجاح لمصممه برام كوهين الذي كان يعمل في إحدى شركات التقنية في سان فرانسيسكو وقام بترك وظيفته والتفرغ لما يقارب العام لتصميم هذا البروتوكول دون الحصول على أي دعم خارجي واعتمادا على دخله الخاص. ولكنه ما أن أطلقه حتى انتشر استخدامه بين مستخدمي الإنترنت انتشار النار في الهشيم، وأصبح أكثر تطبيقات مشاركة الملفات انتشارا، ما دفع مصممه إلى تكوين شركة وصل دخلها إلى أكثر من 25 مليون دولار في نهايات عام 2006.
ولمن لا يعرف هذا البروتوكول فهو مبني على مبدأ أساسي وهو المشاركة الفعلية للملفات أو "لكي تأخذ يجب أن تعطي" أو كما صاغها مصممها tit for tat فمن يشارك سعة الاتصال بشكل أكثر مع الآخرين يستطع الحصول على بيانات أكثر وبالتالي يستطع إكمال سحب الملف بشكل أسرع. حيث يتم تكوين ملف بت تورنت أساسي، يصف مكان تواجد الملف المقصود نشره بالإضافة إلى عنوان جهاز مزود يسمى "المتابع" tracker يقوم بالاحتفاظ بقائمة بالأشخاص الذين يتشاركون الملف المقصود نشره. ومن ثم يقوم المستخدمون بسحب ملف البت تورنت الأساسي (والذي يكون عادة صغير الحجم) ويقومون بمخاطبة مزود "المتابع" والذي يزودهم بقائمة من المستخدمين الذين يمتلكون أجزاء مختلفة من الملف المُشارك. وبعدها يقوم المستخدمون بتبادل هذه الأجزاء المختلفة من الملف فيما بينهم بدون الحاجة إلى سحب الملف من مصدره الأساسي، وبذلك تقل متطلبات سعة اتصال الإنترنت على واضع الملف ويقل الضغط على جهازه.
على الرغم من أن معظم استخدامات هذا البرتوكول هي لسحب الأفلام والملفات الصوتية إلا أن هذا يجب ألا يوقفنا عن احترام مصممه الذي استخدم قدراته الفردية ومعرفته بالحاسب لكي يبتكر بروتوكولا غير مسار الإنترنت بكاملها وسطر اسمه في تاريخ الإنترنت. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم نر "كوهينا" عربيا حتى الآن ؟ والسؤال الأكثر أهمية هو "هل سنراه؟".

الأكثر قراءة