تخفيف الوزن.. مطلب اجتماعي

[email protected]

من أكثر الأمراض انتشارا في عصرنا الحاضر زيادة الوزن والسمنة، وقد تعددت الدراسات التي نشرت في الآونة الأخيرة عن سكان المملكة التي أظهرت أن هناك ارتفاعا كبيراً في نسبة الرجال والنساء الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، كما انتشرت هذه الظاهرة أخيراً لدى الأطفال وبشكل ملحوظ، والبعض يعتقد أن الأمر ليس فيه خطورة، بل إن البعض يعد زيادة الوزن وظهور السمنة مظهر من مظاهرا الوجاهة التي قد يفتخر بها متجاهلاً ما قد ينشأ من خلالها من أمراض، بل إن بعضهم لم يسبق له أصلاً أن قاس وزنه. والمؤلم أن انتشار هذه الظاهرة في النساء أكثر من الرجال وهذا قد يؤثر في مستقبلهن خصوصاً غير المتزوجات منهن.
وزيادة الوزن أو السمنة أسبابها كثيرة وفي مقدمتها أنواع الطعام الذي يتناوله الإنسان والنشاط الحركي الخاص به، فالوزن لا يزيد فجأة بل تدريجياً وبشكل قد لا يشعر الإنسان به فهو أمام رغبة الأكل يغفل عن مراعاة ما يحدث من زيادة في وزنه، وإن شعر بذلك فهو لا يعد ذلك أمراً مهماً وما يلبث أن يزيد وزنه كيلوجراما ثم يليه آخر وآخر حتى يجد الإنسان نفسه قد زاد وزنه في حدود 6 إلى 10 كيلو جرامات وبدأ يعاني من هذه الزيادة سواءً من خلال صعوبة الحركة أو غيرها من الأعراض، عندها يتنبه إلى هذا الأمر ويفكر في كيفية معالجته.

وفي اعتقادي أن تخفيف الوزن من أكثر الأمور صعوبة على الإنسان لأنه يقاوم رغبات فطرية في نفسه وهي الأكل والشرب، وهناك من نجح في تخفيف وزنه لفترة غير أنه لم يستطع المواصلة فعاد وزنه إلى الزيادة مرة أخرى، لذلك فموضوع تخفيف الوزن يحتاج إلى عزم وتصميم وقوة إرادة وصبر، وقد نشرت صحيفة "الرياض" يوم السبت الماضي خبراً عن السيدة ستيفاني بيرغيس الفائزة بلقب بطلة التخسيس لعام 2007م وهي بريطانية عمرها 31 عاما فقدت نصف وزنها نحو 170 رطلا ووضعت حداً للاكتئاب والمشكلات الصحية التي كانت تؤرق حياتها.
لقد كان وزن ستيفاني 340 رطلاً وقد أصيبت بنوبة اكتئاب لذلك جعلتها تكتب رسائل توضح من خلالها كيف تتم رعاية أطفالها بعد موتها فقد كانت مقتنعة بأنها في طريقها إلى الموت، والأسوأ من ذلك أن هذا الحزن والاكتئاب دفعاها إلى الإكثار من الأكل لتناسي مشكلتها، كما كانت الأغذية غير الصحية وتناول الحلوى والشوكولاتة سبباً في هذه الزيادة، ومع ذلك فقد اقتنعت قبل سنتين أن تلتحق بأحد أندية التخسيس لمساعدتها على النجاح في التخلص من نحو 170 رطلاً خلال عامين فقط، وتعزو ستيفاني هذا النجاح إلى التغذية الصحية والتمارين الرياضية وتغيير أسلوبها في الغذاء وممارسة الرياضة، كما تؤكد أنها لم تلتزم بحمية بل كل ما في الأمر أنها أعادت النظر في ثقافتها الغذائية وأهمية الرياضة.
إن ستيفاني نموذج ناجح من عشرات النماذج التي استطاعت أن تتجاوز هذه المحنة وأن تتغلب على مشكلة السمنة لديها، ولا يوجد مستحيل فمع الإصرار والعزيمة والهمة العالية وكذلك وجود الرفقة الطيبة التي لديها الهدف نفسه يمكن للإنسان أن يتغلب على هذا المرض وأن يحافظ على وزنه الطبيعي، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر وإلى تحد وإلى مجاهدة للنفس والتعود على بعض الخصال الصحية التي من شأنها تدريجيا أن تصبح عادة تساهم في تخفيف الوزن.
إن مكافحة ظاهرة زيادة الوزن والسمنة مطلب اجتماعي مهم يجب أن نعمل جميعاً على أن يكون له واقع في حياتنا وأن نساهم في تحقيقه وأن نسعى لنشره ابتداء من الأسرة بحيث يصبح ثقافة لدى كل فرد فيها، وأن تتضافر جهود العائلة لكي يتناولوا طعاماً صحياً جيداً ويمارسوا الرياضة وأن يحثوا أبناءهم على ذلك وأن يجعلوا هذا الأمر ضمن برنامجهم اليومي، بل إننا نحتاج أيضاً إلى أن نعيد النظر فيما نقدمه من طعام لضيوفنا وألا نجعل حرصنا على إكرامهم يساهم في مرضهم أو زيادة أوزانهم، وأن نعمل على أن نقلل من كميات الطعام التي نعدها التي كثيراً ما يكون لها فائض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي