التمييز بين عقد البيع الدولي للبضائع وبين عقد المقاولة وفقا لاتفاقية فيينا
عرّفت اتفاقية فيينا عقود البيع الدولية بأنها عقود بيع البضائع المعقودة بين أطراف تقع منشآت عملها في دول مختلفة، ويعد عقد البيع عقدا دوليا متى تواجدت منشآت طرفية في دول مختلفة حتى وإن كانت تحمل جنسية الدولة نفسها. وفقا للمادة الثالثة من هذه الاتفاقية؛ فإنه تعد بيوعا عقود التوريد التي يكون موضوعها صنع بضائع أو إنتاجها، إلا إذا تعهد الطرف الذي طلب البضائع بتوريد جزء مهم من العناصر المادية اللازمة لصنع أو إنتاج البضاعة محل التعاقد. لذلك؛ فإن عقود البيع التي يقوم فيها المشتري بتقديم بعض المواد الأولية الداخلة في التصنيع أو الإنتاج، تخرج عن نطاق اتفاقية فيينا، كونها تعد عقود مقاولة أو استصناع وليست بيوعا دولية. فمثلا؛ إذا تعهد البائع بتقديم ألف معطف جلدي إلى المشتري، وكان المشتري قد تعهد أيضا بتقديم الجلود إلى البائع من أجل استخدامها في صنع المعاطف محل التعاقد، فإن العقد الموقع بينهما لا يكون عقد بيع وفقا لاتفاقية فيينا، وإنما يعد عقد مقاولة أو استصناع، ذلك أن المشتري قام بتقديم جزء جوهري من العناصر المادية اللازمة لصنع محل العقد. يتضح مما ذكر أعلاه، أن ضابط التمييز بين عقود البيع والمقاولة هنا هو مدى قيام المشتري بتقديم جزء جوهري من المواد اللازمة للتصنيع والإنتاج والتي يستخدمها البائع لإنتاج وصنع المبيع محل التعاقد، حتى لو لم يكن أكثر العناصر عددا أو وزنا أو حجما. كما تخرج عن نطاق اتفاقية فيينا العقود التي تكون فيها الأيدي العاملة أو الخدمات التي يقدمها البائع في صنع البضائع أو إنتاجها تمثل الجزء الغالب والأهم في التزام البائع، ومن ثم فهي تصنف كعقود مقاولة وليست بيوعا، ذلك أن الجانب الأكبر من التزامات الطرف الذي يقوم بتوريد البضائع هو تقديم الأيدي العاملة أو غيرها من الخدمات.
مستشار قانوني