البطالة تكبّد الاقتصاد اليمني ملياري دولار سنوياً
كشف تقرير حكومي أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اليمني جرّاء البطالة المتفشية بلغت عام 2005 نحو 458 مليار ريال (2.300 مليار دولار) مقابل 427 مليار ريال (2.150 مليار دولار) العام السابق له.
وأوضح التقرير الصادر حديثاً عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، أن البطالة تمثل مشكلة خطيرة تواجه عملية التنمية الاقتصادية في اليمن، لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية، إذ إن إهدار عنصر العمل يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة للبلد، تتمثل في قيمة الناتج المحلي الذي كان للعاطلين إنتاجه في حالة استغلال طاقاتهم الإنتاجية.
وأضاف التقرير أن نسبة الخسارة التي تحملها الاقتصاد الوطني إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية تراجعت إلى 14.3 في المائة عام 2005 مقارنة بـ 17 في المائة في 2003 .. مشيراً إلى أن البطالة تتسبب في فقدان العاطل دخله الأساسي وربما الوحيد مما يوقعه في دائرة الفقر والحرمان هو وأسرته، إضافة إلى الآثار الاقتصادية للبطالة، فإن هناك آثارا اجتماعية تنجم عن البطالة التي يصعب حسابها كمياً. وثبت أن استمرار البطالة وما يرافقها من حرمان ومعاناة، يدفع الفرد إلى الانحراف ويصيبه بالاكتئاب وربما يدفعه إلى الانتحار، فضلاً عن العنف والجريمة والتطرف والإرهاب.
وأظهر التقرير الرسمي أن معدلات البطالة تتركز في فئة الشباب، إذ تصل نسبة البطالة الصريحة بين الشباب، وفقاً لدراسات خبراء منظمة العمل الدولية نحو 18 في المائة، ويتوقع أن تبلغ ما بين 29 و34 في المائة في عام 2006 .. مؤكداً أن هذا الرقم مرشح للزيادة، خصوصاً أن مخرجات التعليم في الوقت الراهن تصل إلى نحو 188 ألف شاب وشابة، ولا يستطيع الاقتصاد الوطني توفير فرص عمل، إلا بمقدار 16 ألف وظيفة فقط، وبالتالي فإن البطالة تشكل مشكلة خطيرة في المستقبل المنظور لليمن.
وكان عبد الكريم الأرحبي نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، قد أعلن في تصريحات سابقة، أن اليمن يحتاج إلى توفير 180 ألف فرصة عمل سنوياً.
وبحسب التقرير فإن نسبة البطالة بين اليمنيين تجاوزت 39 في المائة من السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة في سن العمل الذين تصل نسبتهم إلى نحو عشر العدد الإجمالي للسكان، وهذه النسبة في ارتفاع مطرد، يقابلها بطء شديد في النمو الاقتصادي وعجز كبير في توفير الفرص الوظيفية لاستيعاب العمالة الجديدة.
ويتميز المجتمع اليمني بتركيب عمري فتي، حيث تبلغ فيه نسبة السكان للفئة العمرية 0 ـ 14 سنة، 46.8 في المائة من إجمالي السكان وهو ما يمثل عبئا على المجتمع لتوفير ما يلزمها من السلع والخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية". وحسب المنظمات الدولية يعد الشعب اليمني من الشعوب الأكثر فقرا في العالم، وقد جاء في المرتبة 133 من أصل 162 دولة نامية، أيضا من 30 دولة الأكثر فقرا في العالم.
في السياق ذاته تعتزم الحكومة اليمنية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة قريبا إطلاق مشاريع لامتصاص البطالة بين الشباب في المجتمع اليمني بتكلفة إجمالية تصل إلى 196 مليار ريال (990 مليون دولار) موزعة على تنفيذ مشاريع صحية وتعليمية والتعليم المهني والتأهيل والتدريب للشباب وبناء القدرات، ومن ضمنها تنفيذ مشاريع صغيرة استثمارية لامتصاص البطالة من أوساط الشباب.
وكان مجلس الوزراء اليمني قد أقرّ الشهر الماضي رسمياً أول استراتيجية وطنية من نوعها في البلاد لرعاية الشباب واستغلال الطاقات لتنفيذها على الأرض، في خطوة تهدف إلى بحث قضايا الطفولة والشباب وفق هذه الاستراتيجية تطول مختلف الفئات العمرية وتسعى إلى رعايتهم واستغلال طاقاتهم وتوجيهها لمصلحة التنمية.
وقال لـ "الاقتصادية" أحمد العشاري وكيل وزارة الشباب المساعد لقطاع الشباب، إن التكلفة الإجمالية وبحسب التقديرات الأولية لدراسات الجدوى لتنفيذ مشاريع وبرامج الخطة التنفيذية للمرحلة الأولى لمدة خمس سنوات من الاستراتيجية قدرت بأكثر من 196 مليار ريال (990 مليون دولار) موزعة على تنفيذ مشاريع صحية وتعليمية والتعليم المهني والتأهيل والتدريب للشباب وبناء القدرات، ومن ضمنها تنفيذ مشاريع صغيرة استثمارية لامتصاص البطالة من أوساط الشباب وخلق فرص عمل جديدة خصص لها 20 مليار ريال (100 مليون دولار) وفقا لتوجيهات الرئيس علي عبد الله صالح بهذا الخصوص .
وقال إن الاستراتيجية الوطنية للشباب كشفت عن وجود نحو أربعة ملايين و800 ألف شاب وشابة في سن العمل وبحاجة إلى فرص عمل وبحاجة إلى إعادة وتأهيلهم وبناء قدراتهم وإكسابهم مهارات عمل تتناسب ومتطلبات السوق المحلية، مشيرا ً بهذا الصدد إلى أن الإعداد جار حاليا ً في وزارة الشباب والرياضة للبدء بتنفيذ عدد من مشاريع تنمية قدرات الشباب والتي من المقرر البدء بها فعليا ً خلال النصف الثاني من عام 2007م والمعتمد تمويلها بمليوني يورو من الحكومة الفرنسية.
وتسعى الحكومة اليمنية جدياً إلى إيجاد بدائل فاعلة لمواجهة أزمة البطالة المتفاقمة التي تشكل 18 في المائة جرّاء تدني فرص العمل وارتفاع معدل نمو القوى العاملة الذي وصل إلى أكثر من 4 في المائة سنويا، وهو ما يعد أحد أعلى النسب في العالم، وهذا يعني أن على الدولة توفير أكثر من أربعة ملايين وظيفة خلال الـ 20 عاما المقبلة، حسب تقارير البنك الدولي.