قرار الانسحاب من الصناديق الاستثمارية أو البقاء.. كيف نتخذه اليوم؟!
عززت الصناديق الاستثمارية في السوق المحلية أداءها القوي الذي أظهرته منذ سبعة أسابيع، مواصلةً تقدمها في رفع معدلات نموها منذ بداية العام الجاري، ومستفيدةً من عودة بعض الهدوء والاستقرار على صعيد تعاملات السوق المحلية. وكانت تلك الصناديق قد أظهرت أداءً أسبوعياً إيجابيا بلغ متوسطه 1.9 في المائة، وهو متوسط معدل نموها الأسبوعي السابق نفسه، ويأتي أدنى من قيمة النمو المتحقق لمجمل أداء السوق المحلية للأسبوع نفسه الذي وصل إلى 2.4 في المائة، ولعل عدم تحديث بيانات صناديق البنك العربي الوطني "ثلاثة صناديق استثمارية" دورٌ في تقليص متوسط معدل النمو الأسبوعي للصناديق، وكما سبق وطالبنا إدارة تداول ومجتمع إدارات الصناديق الاستثمارية بضرورة التحديث المنتظم والدوري لأسعار ومعلومات الصناديق الاستثمارية على موقع تداول، فإنني أُعيده هنا مطالباً إدارة تداول بصفتها الجهة التنفيذية في السوق، بأن تلزم وتراقب تلك الإدارات والمؤسسات في هذا الخصوص، مؤكداً أن تساهل تداول وإدارات الصناديق الاستثمارية هنا يندرج تحت مخالفة النظام واللائحة التنفيذية، كما أن مسألة اضطلاع تلك الجهات بمسؤوليات الإفصاح المستمر والمنتظم حول معلومات الصناديق ليست اختيارية كما قد يعتقد البعض؛ إذ إنها واجبات ومسؤوليات مُلزمة بنص النظام، وواجبنا هنا كمراقبين نلعب دور حلقة الوصل بين القراء الكرام وبين الأوعية الاستثمارية التي تحتضن مدخراتهم، أن نحرص على تقديم أحدث المستجدات والتطورات التي طرأت عليها، ولا أعتقد أن تأخير أو عدم الاهتمام بتحديث تلك البيانات سيخدم أي من الأطراف ذات العلاقة، لذا ننتظر من إدارة تداول بصفتها الجهة التنفيذية أن تلزم تلك المؤسسات والشركات بما يتفق مع نصوص النظام واللوائح التنفيذية، ولا أرى الهيئة بعيدةً عن مسؤوليتها في هذا الصدد، ففي حال تأخرت إدارة تداول عن أداء مهمتها هنا فلا بد من اضطلاعها هي الأخرى بدورها الإشرافي والرقابي في معالجة هذا الاختلال الذي لا يخدم أحداً بقدر ما أنه يبقي السوق في منطقة التعتيم المعلوماتية كواحدةٍ من التشوهات الهيكلية التي نحاول مجتمعين معالجتها.
عودةٌ إلى نتائج الأداء الأسبوعي للصناديق، فوفقاً لمعدله المتحقق تمكنت الصناديق الاستثمارية عن طريقه من رفع معدل أدائها منذ بداية العام الجاري من 3.0 في المائة إلى 4.9 في المائة، ويُعد معدلاً مقبولاً إذا ما قورن بمثيله لمجمل السوق المحلية التي لا تزال خاسرة خلال الفترة نفسها بنحو -0.4 في المائة. أيضاً قلّصت الصناديق الاسـتثمارية خسـائرها الفادحة منذ 25 شـباط (فبراير) 2006 من -57.0 في المائة إلى -56.2 في المائة، مقابل خسارة تراكمية للسوق المالية عن الفترة نفسها وصلت إلى -61.7 في المائة. وبالنسبة لصافي أصولها الاستثمارية فقد ارتفعت بأكثر من 433 مليون ريال، لتستقر بنهاية الأسبوع فوق 26.3 مليار ريال، بزيادة نسبية بلغت نحو 1.7 في المائة. وكناتجٍ لهذه التطورات في صافي أصول الصناديق الاستثمارية، فقد حافظت على قوتها النسبية في السوق عند 2.0 في المائة من إجمالي القيمة الرأسمالية للسوق المالية المحلية.
الأداء الأسبوعي التفصيلي
تمكنت جميع الصناديق الاستثمارية "المتوافقة مع الشريعة، والتقليدية" من مواصلة تحقيق القيم المضافة على أسعار وحداتها، ومن ثم تعويض أجزاء من خسائرها التراكمية منذ مطلع العام الجاري، إضافةً إلى خسائرها الفادحة منذ نهاية شباط (فبراير) 2006. ظهرت تفاصيل أدائها خلال الأسبوع الأخير على النحو الآتي: كسبت الصناديق المتوافقة مع الشـريعة نحو 1.9 في المائة، ونحو 2.0 في المائة على حساب الصناديق التقليدية، مقارنةً بأدائهما الأسبوعي السابق البالغة أرباحه 1.8 في المائة و2.2 في المائة حسب الترتيب السابق أعلاه. انعكس هذا الأداء إيجابياً على صافي قيمة أصولهما الاستثمارية بنسبٍ متفاوتة، حيث ارتفعت بالنسبة للصناديق المتوافقة مع الشريعة إلى 17.9 مليار ريال، محققة نسبة نمو 1.6 في المائة، مقارنةً بنحو 17.6 مليار ريال عن الأسبوع ما قبل الماضي. كما ارتفعت أيضاً بالنسبة للصناديق التقليدية بنسبة 1.9 في المائة من 8.2 مليار ريال إلى 8.4 مليار ريال.
من جانبٍ آخر، وعلى مستوى النتائج التفصيلية للأداء الأسبوعي للصناديق الاستثمارية فقد أظهرت معدلات نمو أسبوعية متفاوتة؛ راوحت بين المعدل الأقصى البالغ 4.9 في المائة المتحقق لصندوق أسهم البنوك السعودية المدار من السعودي الهولندي، وجاء معدل النمو الإيجابي الأدنى لصالح صندوق الأهلي النشط للمتاجرة بالأسهم المدار من البنك الأهلي بنحو 0.3 في المائة. وبالنسبة لصناديق المقدمة لكلا الفئتين، فلم تشهد تحركاتٍ تذكر سوى تقدّم صندوق الرياض للأسهم "1" المدار من بنك الرياض من المرتبة الثانية إلى المرتبة الأولى في قائمة ترتيب الصناديق التقليدية، بمعدل نموٍ منذ مطلع العام الجاري لهذه الفئة بلغ 9.9 في المائة، داعماً مركزه المتقدم بربحية أسبوعية 2.0 في المائة، وارتفع إثر ذلك صافي أصوله الاستثمارية بنسبة 3.5 في المائة من 476.2 مليون ريال إلى 540.5 مليون ريال. فيما تراجع إلى المرتبة الثانية صندوق المتاجرة في الأسهم السـعودية المدار من ساب بربحية منذ مطلع العام الجاري بلغت 9.6 في المائة، ومحققاً ربحية أسبوعية بلغت بنحو 1.5 في المائة، مقارنةً بمكاسبه الأسبوعية السابقة 1.9 في المائة. أخيراً حافظ صندوق أسهم الشركات السعوديـة المدار من البنك السعودي الهولندي على مرتبته الثالثة في سلم الترتيب بمكاسب منذ بداية العام الجاري 9.0 في المائة، داعماً مركزه بأرباحٍ أسبوعية وصلت إلى 2.2 في المائة، مقارنةً بأرباحه الأسبوعية السابقة 1.8 في المائة.
أما على مستوى الصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة، فلا يزال صندوق الأمانة للشركات الصناعية المدار من ساب محافظاً على المرتبة الأولى للأسبوع السابع والعشرين على التوالي؛ منذ 10 شباط (فبراير) الماضي بربحية منذ بداية العام الجاري بلغت 22.8 في المائة، داعماً مركزه المتقدم بربحية بلغت نسبتها 1.9 في المائة، مقارنةً بربحه الأسبوعي السابق 1.4 في المائة، لترتفع بذلك أصوله الاستثمارية بنسبة 1.6 في المائة من 336.2 مليون ريال إلى 341.6 مليون ريال. وحافظ صندوق الراجحي للأسهم المحلية المدار من مصرف الراجحي على المرتبة الثانية بربحية منذ مطلع العام الجاري بلغت 16.8 في المائة، ومحققاً ربحية أسبوعية بلغت بنحو 1.3 في المائة، مقارنةً بمكاسبه الأسبوعية السابقة 1.1 في المائة. وحافظ أيضاً صندوق جدوى للأسهم السعودية المدار من جدوى للاستثمار على المرتبة الثالثة بربحية منذ مطلع العام الجاري بلغت 13.1 في المائة، ومحققاً ربحية أسبوعية بلغت بنحو 1.6 في المائة، مقارنةً بمكاسبه الأسبوعية السابقة 2.6 في المائة.
قرار الخروج أو البقاء صناديق الاستثمار.
وردتني الكثير من استفسارات القراء الأعزاء حول الخروج أو البقاء في الصناديق الاستثمارية، وحول مستقبلها خلال السنوات المقبلة، وهل بإمكانها تعويض الخسائر الفادحة التي تعرّضت لها جرّاء الانهيار الفادح الأخير الذي تعرضت له سوق الأسهم المحلية. إجابةً على هذه الاستفسارات أُشير إلى أن أغلب تلك الاستفسارات مصدرها الأكبر جاء من مجتمع المستثمرين الذين اشتركوا في تلك الصناديق من بعد مطلع 2005، والذين تأثرت استثماراتهم بصورةٍ أكبر من غيرهم، وتزداد تلك الخسائر فداحةً كلما اقتربنا زمنياً من موعد اندلاع نيران الانهيار الكبير للسوق في نهاية شباط (فبراير) 2006. ما أود قوله هنا باختصار وبعيداً عن التفاصيل المعقدة؛ أن قرار الخروج الآن اعتراف كامل بالخسارة، وهو أيضاً قرار غير صائب بتحويل تلك الخسائر التقديرية إلى خسائر فعلية! وحسبما نقرأه الآن على سلوك السوق المالية المحلية، فإن المؤشرات واعدة وتفصح عن عودةٍ متصاعدة للثقة والنمو في السوق، ما يعني أن طريق التعويض وتحويل المسار من تحمل الخسائر إلى البدء في تحقيق الأرباح قد بدا عياناً لنا جميعاً، وهذا ما أثبته أداء السوق والصناديق الاستثمارية طوال الشهر والنصف الماضيين. لذا، أعتقد أن القرار الأكثر احتياطاً هنا أن ينتظر المشترك ما دام أنه انتظر الفترة العصيبة الماضية، وإن أراد سرعة التعويض من خلال تخفيض متوسط تكلفة الاشتراك في الصندوق، فقد يكون من الصواب أيضاً أن يزيد قيمة اشتراكه في صندوقه الاستثماري لتتوافر لديه الفرصة بسرعة لبلوغ سعر تكلفة الوحدة "المتوسط"، وحينها يمكنه اتخاذ القرار الأمثل إما بالانسحاب حال استرداده رأسماله، أو الاستمرار وانتظار تناميها مستقبلاً بإذن الله.