هل التربية والتعليم عاجزة عن تحسين مستويات معلميها؟

هل التربية والتعليم عاجزة عن تحسين مستويات معلميها؟

المقال الذي نطرز به مساحتنا لهذا الأسبوع يستوجب التوقف ملياً. حسناً، إنه ليس أول مقال يفتح ملف المعلمين وأوضاعهم الوظيفية، لكنه يفعل ذلك بالاستناد إلى تجربة شخصية، وبالكثير من الدلائل والاقتباسات من الصحف ومن الأنظمة. قراءة هذا المقال مرة أخرى عبر هذه السطور سيكشف بالضرورة حقائق جديدة، أكثر هدوءاً، وأكثر "صدقا" أيضاً.

"التعليم لم يعد كما كان في السابق، كل شيء أصابته يد التغيير لما هو أفضل طبعا،ً فالمناهج تم تطويرها وتحديثها والمباني المستأجرة تم القضاء على أغلبها والوزراء أيضاً طالتهم يد التغيير وطرائق التدريس تغيرت بما يتوافق وعصر التقنية لكن شيئاً واحداً لم يتغير منذ عشر سنوات تقريباً وليس ثمة بارقة أمل تلوح في الأفق تنم على أنه سيتغير مطلقاً إنه" مستويات بعض المعلمين" هكذا يردد بعض المعلمين من خريجي كليات المعلمين والذين تم تعيينهم في 2/5/1418هـ ـ وما كاتب هذه الأسطر إلا واحد منهم ـ فبعد تعييننا بثلاث سنوات تقريباً تم تعديل مستوياتنا من الثالث إلى الرابع وما زلنا عليه منذ ذلك الحين وحتى كتابة هذه الأسطر، ولا أظن أننا سنغادره إلا بعد أن نحال إلى التقاعد، ومما لا شك فيه أن تأخر الوزارة في تحسين مستوياتنا يفقدنا من 1800 ريال إلى 2000 ريال شهرياً وبما يعادل 24000 ريال سنوياً على أقل تقدير، وفي هذا إجحاف لنا وعدم إنصاف، ولعل ما صدر أخيرا من الوزارة التي تؤكد أن أكثر من نصف المعلمين لم يحصلوا على المستوى الذي يستحقونه خير دليل على ذلك ولكنها ـ أي وزارة التربية والتعليم ـ في الوقت ذاته تلقي باللائمة على وزارة الخدمة المدنية في هذا التأخير غير المبرر، في حين أن وزارة الخدمة المدنية تتنصل من المسؤولية فمن المسؤول يا ترى؟ ومن الذي بيده الحل لهذه المشكلة؟ إنه لمن المؤسف حقاً أن لا نجد أذناً صاغية تستمع لما نقول وتتفهم ما نعاني، ولاشك أن حالنا لا تسر صديقاً ولا عدواً، ففي كل عام يحدونا الأمل ولا يعدونا الألم من هذا التأخير غير المبرر والذي أصابنا بالإحباط وأحاط حياتنا العملية بالملل والكآبة وجعلنا نظن في قرارة أنفسنا أن الوزارة قد نسيت أو تناست أننا ما زلنا نرزح تحت وطأة المستوى الرابع رغم مرور ما يقارب عقد من الزمن على التحاقنا بميدان التعليم دون أن تلتفت إلينا ولو بعين المشفق على أقل تقدير لإعطائنا المستوى الذي نستحقه وهو الخامس، طالما أنها لم تنظر إلينا بعين المنصف، ولقد طال صبرنا ومللنا الانتظار، ونحن نمني أنفسنا بأن القادم أفضل وأنه لا بد أن يأتي علينا يوم تنظر إلينا الوزارة فيه بذات العين التي نظرت لزملائنا الذين سبقونا بها إلى لكن يبدو أن ثمة تجاهلاً لنا من قبل المسؤولين في الوزارة رغم كل تلك السنوات التي أمضيناها في حقلي التربية والتعليم فهل يحتاج تحسين مستويات طائفة من المعلمين إلى كل هذه السنين؟ أم أن تحسين مستوياتنا سيرهق كاهل الوزارة؟ إننا وكلما سمعنا عن نية الوزارة تحسين مستويات المعلمين أصابتنا نوبة تفاؤل مفرطة بأننا سنكون من أوائل الذين يتم تحسين مستوياتهم فطفقنا نتهافت على الصحف المحلية في محاولة للبحث عن أسمائنا، فإذا ما نقبنا تلك الأسماء كاملة لم نجد لنا اسماً بدأنا نتشبث بعذر أن الاسم ربما سقط سهوا فننطلق لموقع الوزارة الإلكتروني والذي لن يكون بحال من الأحوال أفضل من تلك الصحيفة التي نشرت الخبر فنعود بخفي حنين متمتمين بيننا وبين أنفسنا (نصف الرغيف خير من العدم ومعلم هضمت بعض حقوقه خير من خريج لم يجد له عملاً) فهل هذا ما تريده الوزارة؟ أم إن الوزارة لها رأي آخر في الموضوع؟ إنه ومما يحز في أنفسنا أنه وفي الوقت الذي أغرقتنا فيه الوزارة بكثرة التعاميم الرسمية التي تؤكد أنه يجب علينا أن نلتزم بما تفرضه علينا الوزارة من تعليمات وأوامر صارمة لا تقبل الوزارة عذراً لمن تغافل عنها أو نسيها نجدها في المقابل لم تعطنا أبسط حقوقنا التي فرضها لنا ولي الأمر ـ يحفظه الله ـ وكفلها لنا نظام الخدمة المدنية فقد جف عرق كل منا دون أن يأخذ حقه ولم يجد من يأبه له رغم تصريحات المسؤولين في وزارة التربية ـ والتي لم يكن أولها ولن يكون آخرها ـ تصريح مدير عام الشؤون المالية والإدارية بوزارة التربية والتعليم الأستاذ صالح بن عبد العزيز الحميدي عبر صحيفة "الجزيرة" في العدد 12549 وتاريخ الثلاثاء 18 محرم 1428هـ والذي أكد (أن المعلم هو إحدى الركائز المهمة في العملية التعليمية، ولذا يجب علينا دعم استقراره المادي والمعنوي) ومع كل ذلك فإن هذه التصريحات لم تقابل بكثير من التفاؤل في أوساط المعلمين الذين اعتادوا مثل هذه التصريحات في مثل هذا الوقت من كل عام، وأظنه قد حان الوقت المناسب لأن يحسم المسؤولون الأمر بالفعل بعد أن سئمنا الأقوال التي لن تكون مقبولة بعد اليوم.
نحن هنا لا نطالب بأكثر من حقوقنا إضافة إلى صرف جميع فروقات تلك السنوات العشر العجاف بأثر رجعي ولو من باب رد الحقوق لأهلها على أقل تقدير، وهذا لن يكون أمراً في غاية الصعوبة على وزارة تستحوذ على نصيب الأسد من ميزانية الدولة في كل عام ولا سيما بعد أن أفاء الله على بلادنا بالخيرات ففاضت الميزانية خيراً لتكون أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، وبالتالي أكبر ميزانية لوزارة التربية والتعليم السعودية وتجدر الإشارة هنا إلى أن وزارة التربية والتعليم كانت قد أعلنت أخيرا عن نيتها تحسين مستويات ستة آلاف معلم مع بداية عام 1428هـ فاستبشرنا خيرا وكدنا نطير فرحا، وأصبحنا نتابع الصحف تارة والموقع الإلكتروني للوزارة تارة أخرى باحثين عما يشعرنا بأننا لا نقل شأناً عن زملائنا لكن عدم وجود أسمائنا لم يكن أمراً مستغرباً ولم يعد يشكل صدمة بالنسبة لنا، فالصدمة الكبرى لنا ستكون في حال تم تحسين مستوياتنا أسوة ببقية زملائنا وعندها حتماً سنصاب بخيبة أمل ولازمتنا طويلاً ولن يكون الفراق سهلاً أبداً.

اسم الكاتب: عارف حامد العضيب
مكان النشر: الوطن
اسم الصفحة: نقاشات
تاريخ النشر: 30 رجب 1428هـ

الأكثر قراءة