ثلوث غامض يشكل خطراً على السواحل الفيتنامية

ثلوث غامض يشكل خطراً على السواحل الفيتنامية

دفع تدمير الشعاب المرجانية والصيد الجائر الفنان الفيتنامي "نجوين ليو" كي يرسم بفرشاته لوحات زاهية الألوان تنبه الفيتناميين إلى أن السواحل البيئية الطويلة للبلاد يحيق بها خطر داهم.
ويقول ليو (53 عاما) في صالة ديوي للفنون حيث تعرض 15 من لوحاته الزيتية خلال الشهر الجاري "يوجد في منطقة نها ترانج أبدع خليج عرفه العالم إلا أن مسألة استغلال هذا الخليج تشوبها الفوضى".
وتنعم بلدة نها ترانج التي يقطنها ليو في القطاع الأوسط من الساحل الجنوبي بشواطئ رملية ناعمة ومناظر جبلية وجزر خلابة إلا أن هذه المنظومة البيئية تحمل على كاهلها عبء الجانب القبيح من التنمية المتسارعة والأنشطة السياحية المتعاظمة. لقد باتت قصة مكررة تسمعها كثيرا على لسان سكان الشريط الساحلي الفقير البالغ طوله 3200 كيلو متر وذلك على الرغم من حملات التوعية التي يقوم بها المسؤولون والجماعات غير الحكومية لتنسيق عمليات الحفاظ على البيئة وجعل البحر مصدرا لرزق السكان.
وصارت البقع الزيتية والمياه الآسنة والهواء الملوث جزءا من صورة بيئية قاتمة في الأغلب في الوقت الذي يتجه فيه سكان فيتنام البالغ عددهم نحو 85 مليون نسمة نحو التصنيع.
الفن الذي يقدمه ليو أمر غير معتاد في فيتنام إذ إنه يعرض لقضايا إنسانية تتعلق بمسألة عالمية، ومن خلال رؤيته فثمة حاجة ماسة للحفاظ على الشعاب المرجانية والحياة البحرية وحمايتها للأجيال المقبلة.
ويقول أنصار حماية البيئة إن الأبحاث تشير إلى أن فيتنام تمثل مرتعا للتنوع البيولوجي فيما تتعرض منظومات بيئية للخطر، وأقل ووأقفواقل من 25 في المائة من الشعاب المرجانية التي تم مسحها لا تزال على قيد الحياة كما أن 75 في المائة منها تتعرض لمخاطر أكبر أي بزيادة قدرها ثمانية أمثال المتوسط الشائع في منطقة جنوب شرق آسيا.
ومن بين الأعمال الانطباعية للفنان ليو في المعرض لوحات توضح أما تقوم بأنشطة الحماية وهي ترتدي عباءة طويلة وقبعة مخروطية فيما تواجه المحيط بوجهها. وقال ليو :"أريد أن أوجه رسالة إلى المشاهدين كي يدركوا أن البحر مثله مثل الأم." وأضاف القول: "لقد استخدمت صورة وجه الأم بوصفها وجها للبحر وهذا الخليج".
وتتنوع الألوان التي يستخدمها ليو بين الأزرق والأخضر والأحمر والبني والبنفسجي، وذلك كي يصور كل مرحلة من مراحل حالة المحيط سواء كان صافيا نظيفا أو عكرا ملوثا.
ويقول زوار منطقة "نها ترانج" والمقيمون فيها إنه بوسعهم مشاهدة السمك وهو يسبح قرب الشاطئ يوما ما إلا أن المياه تتعذر السباحة فيها بسبب كثافة الزبد والأكياس البلاستيكية وقطع الخشب.
وتنتشر أندية الغوص وأنشطة الأعمال على الشاطئ الذي تحفه أشجار النخيل فيما تقف فنادق فخمة شاهقة إلى جانب بعض الهياكل الخرسانية الرمادية. وقالت تانيا أندرسون وهي من منطقة نورمال في ولاية "إلينوي" في الولايات المتحدة وهي على ظهر قارب بعد أن قامت بالغوص لمشاهدة الشعاب المرجانية: "شاهدت كميات من القمامة لذا فمن المحبذ إزالتها". وفي إحدى الصور الزيتية للفنان ليو تبرز الألوان الصفراء والبنية لتمثل بقعة زيت تهدد الأسماك في البحر الأزرق. وابتليت نحو 20 مقاطعة بالبقع الزيتية على الساحل هذا العام بما في ذلك بلدة "نها ترانج" في إقليم خان هوا فيما تشير تقارير وسائل إعلام فيتنامية إلى أن أكثر من 1720 طنا من الزيت تسربت إلى المياه وعلى الشواطئ.
وتقول نتائج سلسلة من التحقيقات إن أسباب هذا التلوث لا تزال غامضة، وتشير أصابع الاتهام إلى الزيت المتسرب من رصيف عائم ومن ناقلات النفط وأرصفة التنقيب عن الغاز الطبيعي في بحر الصين الجنوبي. وتتضمن الخطط الاجتماعية والاقتصادية للحكومة الإشارة إلى التوعية
البيئية والتنمية المستدامة وتركز هذه الخطط على انتشال السكان من مخالب الفقر إلا أن استمرار أنشطة البناء وانتشار المواقع السياحية يجعل من الصعب تحقيق ذلك. ويجري الإعداد لتنفيذ خطة طموح لجمع الفضلات والتخلص منها ومنع تسربها من الجزر والسفن ومن القطاعات الزراعية والصناعية وأنشطة الحياة الأخرى.

الأكثر قراءة