"أوبك" تشاطر أمريكا مخاوفها تجاه الطاقة

"أوبك" تشاطر أمريكا مخاوفها تجاه الطاقة

دفع ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى لم تبلغه من قبل قرب 80 دولارا للبرميل في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للوقود في العالم إلى مربع الخطر، وأثار أيضا المخاوف لدى منظمة أوبك. ويصر منتجو "أوبك" على إبقاء الإمدادات دون تغيير في الوقت الراهن في ضوء وفرة المخزونات العالمية. لكنهم قد يعيدون النظر في الأمر عندما يجتمع وزراؤهم في 11 أيلول (سبتمبر) إذا ظلت الأسعار على ارتفاعها أو انخفضت المخزونات.
وحتى الآن كان أثر ارتفاع أسعار الوقود على المستهلكين في الولايات المتحدة متواضعا لكن وزير الطاقة الأمريكي سام بودمان أبدى مخاوفه من تأثر الاقتصاد سلبا إذا لم تنخفض الأسعار قريبا.
وقال بودمان أمس الأول بعد يوم واحد من ارتفاع الخام الأمريكي إلى مستوى قياسي عند 78.77 دولار للبرميل "لهذا السبب أرجو أن تنظر دول أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك بعناية إلى الحقائق".
وتشاطر أوبك التي تنتج نحو ثلث الإنتاج العالمي من النفط الوزير الأمريكي قلقه إزاء ما ينطوي عليه ارتفاع الأسعار. فعندما كان سعر النفط حول 78 دولارا قال محمد الهاملي رئيس أوبك إن المنظمة تشعر بالقلق خشية أن تؤثر الأسعار القياسية في الاقتصاد العالمي وتقلل بالتالي الطلب على الوقود.
وقال الهاملي وزير النفط في الإمارات إن قلق "أوبك" من السعر المرتفع يرجع إلى رغبتها في عدم تحول الأمر إلى كساد اقتصادي. وأدت تصريحاته إلى هبوط الأسعار دولارا كاملا للبرميل. وتطبق أوبك تخفيضات في الإنتاج تبلغ إجمالا 1.7 مليون برميل يوميا منذ أوائل العام الجاري. وإذا ألغت أوبك هذه التخفيضات فربما تساعد في إخراج المضاربين من الأسواق بعد أن كانت المضاربات من العوامل الرئيسية في رفع الأسعار. ويسير النفط في اتجاه صعودي منذ كانون الثاني (يناير) بعد هبوطه في ذلك الشهر إلى نحو 50 دولارا للبرميل. ومنذ ذلك الحين ارتفعت الأسعار بفعل التوقعات بنقص إمدادات البنزين في الولايات المتحدة إضافة إلى تخفيضات أوبك والتوتر العام بشأن أمن الإمدادات.
وقال الأمين العام لأوبك عبد الله البدري إنه يفضل ألا تكون الأسعار مفرطة في الارتفاع أو الانخفاضِ. وأضاف في مقابلة مع صحيفة "فيرتشافسبلات" النمساوية هذا الأسبوع "نحن نشعر بارتياح إذا لم ينخفض سعر النفط عن 50 دولارا. كما أن ارتفاع السعر عن 80 دولارا لن يسعدنا". وفي الوقت نفسه فإن دول أوبك وعلى رأسها السعودية قالت مرارا إن السعر ليس هو المبرر الوحيد لتغيير السياسة الإنتاجية. والنفط متوافر في الأسواق كما أن المخزون الأمريكي أعلى من متوسط مستواه على مدى خمس سنوات. وأشار وزراء إلى أن ضعف الدولار الأمريكي يعني أن برميل النفط ليس أغلى ثمنا مما كان عليه قبل نحو ثلاثة عقود. ويريد وزراء أوبك أن يلمسوا دليلا على عدم كفاية الإمدادات قبل أن يقرروا زيادة الإنتاج.
فقد قال عبد الله العطية وزير الطاقة القطري أمس الخميس إن المنظمة لا يمكنها التحرك إلا عندما يحدث نقص حقيقي في الإمدادات وإنها بحاجة إلى برهان على أن السوق تحتاج لزيادة الإنتاج.
وفي 11 تموز (يوليو) الماضي قال وزير النفط السعودي علي النعيمي عندما كان سعر النفط نحو 76 دولارا للبرميل إن المشترين لا يطلبون نفطا إضافيا، مشيرا إلى توازن العرض والطلب. لكن حتى إذا كانت العوامل الأساسية في وضع مريح فإن عناوين الأخبار بشأن ارتفاع الأسعار قد تدفع المنظمة للتحرك رغما عنها.
وقال إدوارد ماير من شركة إم. إف جلوبال إنرجي "السعوديون سيجدون في بلوغ النفط 80 دولارا وانخفاض مخزونات الخام مزيجا يصعب الدفاع عنه وخاصة في ضوء الضغوط الأمريكية الخفية وإن كانت نشطة جدا".
ومن العوامل التي يمكن أن تغير التوقعات بدرجة كبيرة مدى سوء أو اعتدال موسم الأعاصير الذي كان سببا قبل عامين في دمار كبير لمنصات إنتاج ومصافي للتكرير في منطقة الساحل الأمريكي على خليج المكسيك. واستقرت أسعار مزيج برنت والخام الأمريكي الخفيف في المعاملات الآجلة في أوروبا أمس على مسافة غير بعيدة عن مستوياتها القياسية في حين دعمت توقعات بعدم كفاية الإمدادات السوق بعد أن أكدت منظمة
أوبك من جديد أنها لا تعتزم رفع القيود على الإنتاج.
وتراجع النفط أمس قرب 76 دولارا للبرميل حيث عمد المتعاملون إلى البيع لجني الأرباح بنهاية أسبوع ساهمت خلاله مخاوف بشأن المعروض في دفع الأسعار إلى ارتفاع قياسي. ونزل النفط الأمريكي 79 سنتا إلى 76.07 دولار للبرميل.
وارتفعت الأسعار إلى مستوى قياسي عندما سجلت 78.77 دولار يوم الأربعاء الماضي, لكنها عادت للتراجع بشدة وسط مؤشرات على تحسن إنتاج مصافي التكرير في الولايات المتحدة. وانخفض خام برنت في لندن 79 سنتا إلى 74.97 دولار. وقال فيل فلين المحلل لدى "الأرون" التجارية في شيكاجو "الناس تجني بعض الأرباح من ارتفاع الأسعار في الأونة الأخيرة". لكن الخسائر جاءت محدودة مع استمرار عزوف منظمة أوبك عن زيادة إنتاجها رغم مناشدات من الولايات المتحدة لضخ كميات اضافية. وثمة مخاوف في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة في العالم من نضوب مخزونات الخام سريعا وشح المعروض مع زيادة إنتاج المصافي.

الأكثر قراءة